على نحو مفاجئ شن مقاتلو
الدولة الإسلامية ليلة الجمعة هجوماً على قرى "تل الورد"، و"مكتب خالد"، و"مريم بيك"، و"ملا عبد الله"، التي كانت تقع تحت سيطرة
البيشمركة على بعد 12 كيلومتراً جنوبي
كركوك.
وتمكن مقاتلو الدولة الإسلامية من السيطرة على قريتي مكتب خالد وملا عبد الله، مما استدعى شن قوات البيشمركة حرب شوارع لاستعادة السيطرة على القريتين.
وقتل العميد شيركو فاتح، خلال الاشتباكات التي تخللها تنفيذ عناصر الدولة الإسلامية هجمات انتحارية باستخدام عربات مفخخة، في حين أعلنت اللجنة الأمنية فرض حظر شامل للتجوال إلى أجل غير مسمى، بعد هجوم قوات الدولة الإسلامية.
حرب "الدولة" مع الأكراد
يأتي هجوم الدولة الإسلامية على كركوك، بعد أن طردها المقاتلون الأكراد، مدعومين بغطاء جوي من التحالف ودعم من البيشمركة (جيش إقليم كردستان)، من مدينة
كوباني ذات الأغلبية الكردية شمال
سوريا.
وساعد انسحاب "الدولة" من كوباني على استفادته من مئات المقاتلين في جبهات أخرى، فضّلت "الدولة" أن تظل على جبهة الأكراد، ثأراً لهزيمتها هناك، ومنعاً للأكراد من الحصول على فرصة في تمددهم المقابل لتمدد "الدولة" وعلى حسابها.
وكما كانت كوباني تمثل مركزاً سياسياً واجتماعياً مهمّاً في منطقة الروجفا (كردستان السورية)، إذ كانت عاصمة إقليم كوباني الواصل بين إقليميي عفرين والجزيرة؛ فإن كركوك لها قيمتها الرمزية كذلك لدى القوميين الأكراد في
العراق، الذين يعتبرونها بمنزلة "القدس" لهم هناك، مما يجعلها هدفاً محتملاً ومرغوباً لدى "الدولة" لتحطيم رموز الأكراد؛ ثأراً لتحطيم انتصارهم الرمزي في كوباني بعد أربعة شهور من المعارك.
المكاسب السياسية والاقتصادية
وليست قيمة كركوك رمزية وحسب، إذ تأتي في مركز واحد من أكبر حقول النفط العراقية، التي تمثل أكبر الموارد الاقتصادية لتمويل الدولة الإسلامية.
من ناحية أخرى، تأتي كركوك في موقع استراتيجي مهم بين "الدولة الإسلامية" وكردستان العراق وحكومة بغداد، مما جعلها تاريخياً - قبل ظهور "الدولة" - مكان صراع دائم بين العرب والأكراد والتركمان، إلا أنه استطاع الأكراد استغلال الفوضى، وسيطرت البيشمركة على كركوك، مع تمدد الدولة الإسلامية بعد سيطرتها على الموصل وانسحاب الجيش العراقي من شمال العراق في حزيران/ يونيو العام الماضي.
حفظ ماء الوجه
لم تكن الفترة الأخيرة هي أفضل فترات الدولة الإسلامية، إذ شهدت خسارتها كوباني في سوريا لصالح الأكراد، رافق ذلك خسارتها ديالى في العراق لصالح قوات الحشد الشعبي.
ولم يكن الدعم المعنوي والضخ الدعائي من خلال كلمة العدناني الأخيرة والرسائل التي يتم ضخها بكثافة على القنوات الإعلامية لها كافياً، بل احتاجت لنصر ميداني يعيد الهيبة لها أمام أعدائها على مختلف الجبهات، ويعيد الروح المعنوية لمقاتليها.
ولم تكن كركوك في العراق هي الساحة الوحيدة لمعارك الدولة الإسلامية بعد الهزائم الأخيرة، إذ رافق ذلك تصاعد حاد في وتيرة الاشتباكات بين مقاتلي الدولة الإسلامية والثوار في الريف الشمالي لحلب، وعلى عدة محاور في محيط مدينة مارع، إحدى أكبر معاقل الثوار في الريف الشمالي السوري.