نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تحليلا لمحررها للشؤون الدبلوماسية روجر بويز، تحدث فيه عن إعدام
الدولة الإسلامية للطيار الأردني معاذ
الكساسبة.
يقول الكاتب في مقاله إنه وحتى هذا الأسبوع كانت قمة البربرية لتنظيم الدولة الإسلامية هي إهانة الرهائن الأجانب وقطع رؤوسهم، ولكنه بقيامه بحرق الضحية في مكان عام، قد فاق في الفظاعة نفسه. وأثبت للعالم أنه لم يعد قوة مقاتلة ملتزمة، بل إنه عصابات قتل لا قيادة لها.
ويبين بويز أن عملية إعدام الطيار الأردني أرسلت رسالة للعالم، مفادها أن ما يسمى "خلافة" أصبح ثورة خارجة عن السيطرة، بعد أن كان هناك هدف استراتيجي لمعظم حالات الإعدام لأجانب.
ويشير الكاتب إلى أنه فوق هذا كله يريد التنظيم استخدام "يوتيوب"، لنشر المعارضة الشعبية بين أعضاء
التحالف الدولي للحرب على التنظيم.
ويرى بويز أن التحالف الدولي تحالف هش تعطله التوترات بين الدول العربية المشاركة فيه، وحساسية الوضع في الدول الديمقراطية.
ويوضح التقرير أن التنظيم عمل على تجنيد الشباب في الأردن، داخل وخارج المخيمات المكتظة. وتعد إثارة الاضطرابات الشعبية انتصارا للجهاديين. ولذلك قطع الملك عبد الله زيارته للولايات المتحدة يوم الثلاثاء عائدا إلى الأردن.
ويستدرك الكاتب بأن المؤشرات الأولى تبين أن إعدام الطيار بتلك الصورة الشنيعة زاد من التأييد للحرب على الجهاديين.
ويلفت التقرير إلى أنه حتى قبل الإعدام كان الشعور العام هو أن الحرب ضد التنظيم من الأفضل أن يتم خوضها في العراق وسوريا. والآن سيكون هناك العديد من الطيارين الأردنيين، الذين يتطوعون للقيام بغارات جوية. وستكون هناك إجراءات أشد ضد الوعاظ المتطرفين، فالأردنيون لم يصابوا بالرعب نتيجة الإعدام، بل أصبحوا غاضبين، وهذا بالنسبة للتنظيم نتيجة عكسية.
ويرى بويز أن ما عكسته إعدامات الأسبوع الماضي هو أن تنظيم الدولة يتغير، حيث كان أخذ الرهائن سابقا للحصول على الفدية، ولكن يبدو أنه أصبح مؤخرا بهدف إشباع غريزة الإعدامات البشعة.
ويقول الكاتب: "لا أظن أن التنظيم كان على استعداد لإطلاق سراح الرهائن اليابانيين مقابل 200 مليون دولار، بل كان الهدف هو استثارة اليابانيين للضغط على حكومتهم لتغيير سياستها. وحاول التنظيم تصوير قتل الطيار على أنه انتقام لدوره في الحرب".
ويجد بويز أن التنظيم تحول من كونه عصابات جريمة منظمة، تحتاج إلى شيء من ضبط النفس، إلى قوة تحاول الحصول على شرعيتها من خلال تصعيد العنف.
ويذكر الكاتب أن الدولة الإسلامية أصبحت عبارة عن مهد للإرهاب، وهذا سيؤثر قربيا أو على المدى الطويل، على إمكانية تجنيد الجهاديين. وإلى الآن فإن الجهاديين الأجانب يتمتعون بوهم المكانة الخاصة لهم، وكلما فقد التنظيم من استقراره فإنه سيصبح محكوما من داخله بالخوف.
ويفيد التقرير بأن من يهرب من مقاتلي الدولة فإنه يقتل، وهذا في ازدياد، لأن المقاتلين يشعرون بعدم الارتياح للقتال في صفوف هذا التنظيم، ويوما بعد يوم تتبخر الرومانسية الزائفة له، ومعها الشعور بأن التنظيم لديه منطق. وكانت الأردن محقة بقلقها على سلامة الطيار الرهينة.
ويختم بويز تحليله بالقول إن انهيار البروتوكول الإجرامي القديم، والمفاوضات التي كانت تتم وتسليم الرهائن، يشير إلى انهيار في القيادة المحلية في التنظيم.