دأب
الاحتلال الإسرائيلي على اختلاق ممارسات إقصائية لاقتلاع المواطن
الفلسطيني من أرضه، والاستيلاء عليها بحجج واهية، ويمارس حاليا تسيير قطعان
الخنازير البرية للأراضي الزراعية، لتدميرها، ولتأتي على ثمرها، وتبث الرعب في نفس المزارع الفلسطيني.
ويريد الاحتلال الإسرائيلي ألا يعود الفلاح الفلسطيني إلى فلاحة أرضه، ليستولي عليها، بحجة أنها أرض سهلية قريبة من المستوطنات.
الاعتداءات المنظمة
أكد مزارعون فلسطينيون لـ"عربي21" أن المستوطنين يعمدون إلى إطلاق الخنازير البرية من مستوطناتهم إلى الشوارع المؤدية لأراضيهم، لتعيث فيها الدمار والخراب، بغية إجبارهم على تركها وتسهيل عملية مصادرتها.
وقالت حنان صوفان من قرية بورين في محافظة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، التي تقيم على بعد 800 متر من مستوطنة "يتسهار"، إن الخنازير البرية واحدة من الاعتداءات المنظمة التي يشنّها المستوطنون بحماية الجيش الإسرائيلي على سكان القرية، إضافة إلى الاعتداءات بالضرب وإطلاق النار، وتدمير المزروعات، وقطع أشجار الزيتون، وتسميم الحيوانات النافعة.
وأكدت لـ"عربي21" أن الاحتلال "يريد إجبارنا على ترك بيتنا وأرضنا".
وتعاني صوفان من اعتداءات المستوطنين المستمرة، التي لم تفلح في حملها على ترك منزلها وأرضها الزراعية، التي أقامت السياج من حولها لحمايتها، إلا أنها لم تتمكن من حماية مزروعاتها التي أتت عليها الخنازير وأكلتها، ولم تتمكن من زراعتها مجددا، بسبب استمرار اعتداءات المستوطنين عليها بالحرق ورش المواد السامة.
تدمير المزروعات
وقال الشاب الفلسطيني معتصم شتيه (30 عاما) إن السكان الفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب من المستوطنات التي تطوّق أراضي الضفة الغربية، يعيشون المعاناة اليومية، مؤكدا لـ"عربي21" أن هجمات الخنازير البرية واحدة من "الهجمات
الاستيطانية ضد أرضنا".
وأضاف: "في كل دقيقة نتعرض لاعتداءات المستوطنين على مزارعنا وأشجارنا وبيوتنا"، ويعمد المستوطنون بحماية ما يسمى "جيش الدفاع" إلى تسيير قطعان الخنازير باتجاه أراضي المزارعين الفلسطينيين القريبة من المستوطنات، ما يؤدي لتدمير المزروعات كليا، وتكبيد أصحابها خسائر مالية فادحة.
وفي السياق ذاته، أكد شتية الذي يقطن قرية سالم شرقي محافظة نابلس أن "العديد من المزارعين في قرى جنوب نابلس (بورين وقريوت وجالود)، يتعرّضون لاعتداءات يومية، سواء بقطعان الخنازير البرية أو بقطع الأشجار، وتخريب ثمرها، أو نثر المواد السامة في الأراضي الزراعية لإتلافها".
وأوضح أن ذلك يتم برعاية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي المقابل، تمنع السلطات الإسرائيلية المزارعين الفلسطينيين من استخدام أي وسيلة لمحاربة الخنازير البرية تحت ذريعة الحفاظ على التوازن البيئي، وحماية أمنها.
ويأسف شتية على حال المؤسسات الرسمية التي لم تضع حدا لتجاوزات المستوطنين بحق أراضيهم، مطالبا بضرورة "مؤازرة المزارع الفلسطيني، من أجل تثبيته، وعدم تمرير أهداف الاحتلال باقتلاعه والاستيلاء على أرضه".
الخنازير وسيلة
وبحسب مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، فإن الاحتلال الإسرائيلي لجأ في السنوات الأخيرة إلى اعتماد الخنازير وسيلة "لتهجير المزارع الفلسطيني من أرضه، خاصة القريبة من المستوطنات في الضفة الغربية، بهدف إفراغها وتسهيل عملية الاستيلاء عليها".
وقال دغلس لـ"عربي21": "باتت الخنازير وسيلة المستوطنين لكيل مزيد من المعاناة على المزارع الفلسطيني، بهدف إرهابه وحرمانه من دخول أرضه وفلاحتها، والاستفادة منها".
وفيما يتعلق بآلية مواجهتها والقضاء عليها، أكد دغلس أن "الأمر صعب"، لافتا إلى "الإجراءات الإسرائيلية التي تمنع إيصال المواد السامة الخاصة بالقضاء على الخنازير البرية إلى وزارة الزراعة، بحجة إمكانية استخدامها في تصنيع المتفجرات، ناهيك عن حظرها إطلاق النار عليها".
وأضاف: "من يقوم من المزارعين بمكافحة هذا الاعتداء يلقى مصيرا محتوما، إما القتل أو الاعتقال من قبل الاحتلال، وتحديدا في المناطق المسماه (ج)، باعتبارها تابعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية".
ظاهرة وبائية
على الرغم من كثرة الاعتداءات وتكرارها بشكل يومي، إلا أن وزارة الزراعة في الضفة الغربية لا تملك إحصائيات واضحة بالأضرار التي تحدثها الخنازير البرية في أراضي المزارعين، والسبب كما أوضحه مدير دائر توثيق الاضرار نزيه فخيدي: "عدم توفر الإمكانيات اللوجستية لدى الوزارة".
وقال فخيدي لـ"عربي21": "لا توجد لدينا إحصاءات بالأضرار الناجمة عن الخنازير البرية التي يطلقها المستوطنون"، معربا عن حاجته "للجنة طوارئ من كافة الجهات المعنية لإتمام عملية الإحصاء بدقة".
ووصف فخيدي انتشار الخنازير في الأراضي الزراعية بكافة محافظات الضفة الغربية، بأنها "ظاهرة وبائية"، مؤكدا آثارها السلبية الكبيرة المالية والصحية على المزارع.
وحمّل مدير دائر توثيق الأضرار الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تلك المشكلة، مؤكدا أنه "يحظر أساليب مقاومة تلك الظاهرة الوبائية".
وأفاد أن خسائر القطاع الزراعي جراء اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه المباشرة منذ عام 2010 تقدر بـ 41 مليون دولار، غير شاملة الأضرار الناجمة عن "أضرار الخنازير البرية".