مع بدء فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية
المصرية، ظهرت الانقسامات بين الأحزاب السياسية التي تحالفت مع الانقلاب، وهيمن التخبط، وتضاربت المصالح في قراراتها، وبرزت الانشقاقات والتصارع على تصدر رؤوس القوائم.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الأحزاب السياسية، والحركات الثورية المحسوبة على ثورة 25 يناير، عدم المشاركة في الانتخابات القادمة، فضلا عن مقاطعة التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب ووصفه للانتخابات بـ"المسرحية الهزلية".
انتخابات لتمرير مؤتمر المانحين
وشكك أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في إجراء انتخابات مجلس النواب.
وقال محمد سودان لـ"عربي 21" إنه لا يعتقد "أن تُجرى الانتخابات، والأمر لا يعدو عن كونه تمثيلية من أجل تمرير مؤتمر "المانحين"، ولهذا تقرر إجراؤها على ثلاثة أشهر في سابقة من نوعها "تفضح نوايا الانقلاب"، على حد تعبيره.
وأضاف سودان قائلا "أنه في حال أُجريت تلك الانتخابات، فستكون بين أرباب الحزب الوطني، ولواءات الشرطة والجيش، من خلال قانون أقره
السيسي يسمح لهم بالاستقالة والترشح للبرلمان".
وشهدت الأيام القليلة الماضية تغيرات غير متوقعة في خريطة التحالفات، حيث برزت انشقاقات كبيرة في بعض القوائم، أبرزها قائمة "صحوة مصر"، التي انسحبت منها أحزاب التحالف الشعبي، والتيار الشعبي تحت التأسيس، والدستور لرفضهم المشاركة في الانتخابات بسبب المناخ السياسي الحالي الذي لا يشجع على المشاركة في الحياة العامة.
شركاء نظام مبارك يتقاسمون البرلمان
وقال أمين الإعلام في حزب التحالف الشعبي معتز الشناوي في حديث لـ"عربي 21" إن "شركاء الماضي في نظام مبارك يقتسمون البرلمان، ويصعب رؤية دور حقيقي للأحزاب المشاركة مع هيمنة وسطوة المال السياسي على المشهد".
ولفت الشناوي إلى أنه "ليس لثورة 25 يناير مكان بين هؤلاء المرشحين " منتقدا عدول النظام عن تنفيذ خارطة الطريق، من خلال إصدار قوانين استثنائية، وتغييب الدستور المصري، مؤكدا أنه "سوف يتجلى للمصريين بعد حين أن البرلمان أعاد نظام مبارك".
رجال مبارك ينافسون أنفسهم
كما برر "حزب مصر القوية" مقاطعته للانتخابات " لتغييب الأجواء الديمقراطية المناسبة لإجراء انتخابات تنافسية حقيقية"، وقال عضو المكتب السياسي للحزب محمد عثمان لـ"عربي 21" إن "المشهد يعد تكرارا لتجربة برلمان 2010، ورجال الحزب الوطني ينافسون بعضهم، بعيدا عن القوى الثورية التي طالبت بالتغيير في 2011 ".
واعتبر عثمان أن ذروة هذا المشهد برزت في تقديم رجل الأعمال أحمد عز أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل لأوراق ترشحه، مثمنا في الوقت ذاته موقف الأحزاب المقاطعة بالقول: "الانسحابات والمقاطعات ستمثل ضغطا على النظام لتغيير سياساته، ولن تجد مشاركتنا نفعا في ظل فرض الرأي الواحد، وما لم تستطيع الحكومة تقديمه للشعب خلال الفترة الماضية لن ينجح البرلمان القادم في تقديمه".
التورط في انتخابات صورية
بدوره، عزا "التيار المصري" الذي قرر عدم خوض الانتخابات، إلى عزوف الأحزاب عن المشاركة نتيجة المناخ السياسي السائد، وعدم تحقيق الفائدة المرجوة من المشاركة، ورفضهم التورط في انتخابات صورية.
وقال عضو الهيئة السياسية العليا للتيار محمد القصاص في حديث لـعربي 21" إن "عودة المال السياسي للبحث عن الوجاهة والحصانة، وتقدم مرشحو العائلات والقبليات طغت على المشهد الانتخابي ".
وأضاف أن "الانتخابات القادمة، لن تشهد مشاركة حقيقية من قبل الشعب "، معللا ذلك بعدم وجود علامات تحمس لدى جماهير عريضة من الشعب، ومحملا الدساتير الماضية والمجلس العسكري مسؤولية إرباك المشهد السياسي، بعدم إقرار قانون العزل ومحاكمة المجرمين الذين أجرموا بحق الشعب طوال العقود الماضية.
البرلمان يثبت أركان حكم العسكر
وانضم إلى قافلة المقاطعين من غير الأحزاب السياسية، العديد من الحركات الثورية كالاشتراكيين الثوريين، و 6 أبريل، و6 أبريل الجبهة الديمقراطية، وجبهة طريق الثورة، وشباب من أجل الحرية والعدالة للأسباب ذاتها.
المتحدث الإعلامي لشباب 6 أبريل الجبهة الديمقراطية، حمدي قشطة قال في حديث لـ"عربي 21" إن "الغرض من تلك الانتخابات هو تثبيت أركان حكم العسكر، من خلال تمرير البرلمان لقوانين وتشريعات تقوض الحريات من خلال مجموعة مصالح، وأحزاب ورقية "، مشيرا إلى أنه لا توجد منافسه حقيقية، إنما هي تمثيلية يتم الإعداد لها.
وشكك قشطة في استمرار النظام ذاته بسبب سياساته الاقتصادية والأمنية والاجتماعية الخاطئة التي تكرس الانقسام، وتزيد الفقر، وتقوض الحريات، مؤكدا أن المسار السياسي للنظام خاطئ ومرفوض، منذ الثالث من يوليو وفض اعتصامي رابعة والنهضة الدمويين.
مآلات البرلمان ...تمرير القوانين
واعتبر النائب السابق عن مجلس الشورى عبدالرحمن هريدي، أن البرلمان القادم لا ينافس إلا نفسه.
وقال في حديث لـ"عربي 21": لا يمكن الحديث عن منافسة حقيقية لعدم مشاركة الأحزاب في ظل غياب مناخ سياسي ديمقراطي يعكس حقيقة الانتخابات".
وأشار "هريدي" إلى أن مآلات البرلمان"، هو تمرير قوانين تنال من سيادة الدولة كقانون الاستثمار، ورفع الدعم عن شعب غالبيته من الطبقة الفقيرة والمتوسطة والمحتاجة لإحداث ما أسماه بـ"شرعية الإنجاز"، في ظل عجز "السيسي" عن تحقيق أي إنجاز حقيقي بعد فشله في تحقيق وعودة بمحاربة الإرهاب في سيناء، وإعادة الأمن والاستقرار للبلاد رغم القبضة الأمنية".