لا تزال دولة
الاحتلال تمتنع عن تسديد
الديون القديمة المترتبة عليها لإيران، متذرعة بأن الأخيرة تقع تحت طائلة العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي، فيما يصف مختصون بشؤون الشرق الأوسط امتناع "تل أبيب" عن تسديد ديونها بأنه "
قرصنة وابتزاز".
وكشف تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية في منتصف الشهر الماضي أن دولة الاحتلال تسعى إلى استغلال العقوبات على
إيران لكي تتهرب من تسديد ديونها لطهران، التي تصل إلى مليارات الدولارات، وذلك في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي (1941 - 1979).
ويجري تحكيم دولي في سويسرا منذ سنوات، بين الاحتلال وإيران، بعد أن طالبت الأخيرة دولة الاحتلال بتسديد ديونها المستحقة جراء حصولها على كميات هائلة من النفط الإيراني في عهد الشاه، بواسطة شركة خط أنبوب النفط إيلات - أشكلون (عسقلان)، ودفع إيران مبالغ مالية مقابل إنشاء الاحتلال مشاريع، وشراء صواريخ لم تزودها دولة الاحتلال لإيران.
وبينت "هآرتس" أنه في فترة حكم بنيامين نتنياهو بدأت دولة الاحتلال تتعامل مع الموضوع بعدوانية، وحاولت إظهار رفضها تسديد الديون على أنه يأتي في إطار الصراع الدولي ضد البرنامج النووي الإيراني، لكن القضاة السويسريين لم يتأثروا بالادعاءات الإسرائيلية.
يقول الكاتب والباحث السياسي حسن عبدو، إن دولة الاحتلال، ومِن خلفها النظام العالمي الاستعماري "تماطل في سداد ديونها بهدف
ابتزاز إيران لتحقيق نجاحات في مفاوضاتها حول البرنامج النووي الإيراني".
وأضاف لـ"عربي21" أن التهرب من دفع تلك الأموال لإيران واحتجازها "لا يقتصر على الاحتلال"، مشيراً إلى أن أمريكا جمّدت قرابة 20 مليار دولار لإيران بعد الثورة التي قادها الخميني على الشاه في عام 1979.
وأشار عبدو إلى أن التوجه للقضاء الدولي "هو الطريقة الوحيدة أمام إيران لاسترداد المبالغ المستحقة على إسرائيل".
حماية غربية
من جانبه، قال خبير الاقتصاد السياسي عادل سمارة، إن تهرّب الاحتلال من دفع الأموال المستحقة عليه لإيران يأتي في إطار "اتباع الكيان الصهيوني للسياسات الأمريكية والغربية التي تتنكر لحقوق الشعوب والأمم".
واستبعد سمارة في حديثه لـ"عربي21" أن "اتخاذ أي إجراءات ضد الكيان الصهيوني لتهربه من دفع الديون"، معللاً ذلك بكونه "محمياً من دول الغرب".
وأضاف أن تلك الحماية لها بُعدان يتعلق أولهما "بالتجربة التاريخية للغرب في نهب أموال الشعوب، والثاني بسيطرة الدول الغربية التي تعتبر إسرائيل جزءاً مما يُسمى بالأسرة الدولية".
وذهب سمارة إلى أنه "ليس من مصلحة ايران أن تربط بين ديونها المستحقة على إسرائيل، وبين المفاوضات الخاصة ببرنامجها النووي"، مرجّحاً أن طهران متنبّهة إلى "خطأ هذا الربط".
قرصنة
أما أستاذ القانون الدولي حنا عيسىن فوصف تهرب دولة الاحتلال من دفع الديون لخزينة الدولة الإيرانية بـ"القرصنة"، مبيناً أن التذرع بالعقوبات الدولية المفروضة على إيران "لا يُسقط حقها في تلك الأموال واجبة السداد".
وقال لـ"عربي21" إن القانون الدولي يقضي بمعاقبة التهرب من سداد الديون للدول الأخرى "بغض النظر عن التغير في نظام الحكم هنا أو هناك".
وحول الطرق القانونية المتاحة لإيران حتى تسترد أموالها أوضح عيسى أن هناك العديد من الطرق لمعالجة هذه القضية، منها "الذهاب إلى محكمة التحكيم الدولية، أو محكمة العدل الدولية"، مشيراً إلى إمكانية لجوء الاحتلال إلى خيار "عدم الدفع بدعوى أنه في حالة حرب مع إيران، مع العلم أن ذلك لا يعفيها من مسؤولية الدفع مستقبلاً".