أثار الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة "الميادين"، الممولة من إيران، والموالية لحزب الله والنظام السوري، غضب النشطاء السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشويه الحقائق، والدعاية الفجة لنظام بشار ومن يقاتلون معه من الإيرانيين وحزب الله، وأعلن عدد ممن شاركوا فيه براءتهم من الفيلم، بسبب اجتزاء آرائهم وتشويه أحاديثهم.
مقولات النظام ومضامينه
الفيلم صور بشكل احترافي، وبإخراج فني قوي، يردد مقولات النظام ومضامينه الإعلامية المحرضة على الثوار والجماعات الجهادية والمعارضة المسلحة.
في مقدمة الفيلم تظهر غرف مظلمة، فيها أشخاص من مجهولي الهوية، وعدد من الأجهزة الإلكترونية، بمصاحبة موسيقى مشابهة لموسيقى أفلام الرعب والجريمة والألغاز، في مشهد مطابق لرواية النظام السوري، التي اتهم فيها الثوار منذ اليوم الأول بالتبعية لجهات خارجية تقوم بتوجيههم عبر غرف عمليات سرية.
ويستهل الصوت المرافق للفيلم بالإشارة إلى هروب الناشطين إلى خارج
سوريا بعد تسلح الثورة.
وسعى مقدمو الفيلم إلى تشويه عدد كبير من الحقائق، التي تعدّ من البديهيات لدى كل من يعرف الثورة السورية، ففي أحد المشاهد يتناول عمليات الاعتقال من قبل قوات النظام، وكأنه "نزهة سياحية"، ويقابله مقطع آخر يظهر "وحشية" سجون
المعارضة، وضآلة احتمالية الخروج منها على قيد الحياة.
اعتذارات وندم
وبعد بث الفيلم في قناة "الميادين"، قوبل بموجة كبيرة من الانتقادات، لمحتويات الفيلم ومضامينه المغايرة للحقيقة، ولمن شاركوا فيه، خلال فترة "ما" بالثورة ، واختاروا فيما بعد الخروج من سوريا، لأسباب مختلفة.
عدد ممن شاركوا في الفيلم قدموا اعتذارات عن مشاركتهم فيه، وعبروا عن سخطهم، بسبب اجتزاء "الميادين" لأحاديثهم التي أدلوا بها لمخرجة الفيلم بيسان أبو حامد.
ولم يقتصر السخط على الفيلم على المعارضة، فكثير من المؤيدين رفضوا محتوى الفيلم، وعدّوه اعترافا بالثورة في سوريا، الأمر الذي لا يريد هؤلاء إظهار هذه الحقيقة، ولا بأي شكل من الأشكال.
موجة من الغضب والاستنكار
أما على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فقد قوبل الفيلم بموجه من الغضب والاستنكار الشديد من الناشطين، الذين انتقدوا مضامينه وعمليات الكذب والتشويه التي عمد القائمون عليه إلى تسويقها.
"سمير المطفي" كتب مخاطباً من شاركوا في الوثائقي، قائلا: هل تعلمون من سرق حلمكم؟! سرقه من يعيش الواقع في سوريا، وليس الأحلام، هذا الذي يدافع عن الأرض تحت الثلج والبرد، في الوقت الذي تتابعون فيه الفيلم في جو من الدفء والأمان في البلدان الأوروبية.
تجارة إعلامية
أما "عروة الأحمد"، فقد شكك في نزاهة من ظهروا في الفيلم، واتهمهم بسرقة الثورة، وقبض مبالغ كبيرة من المال، ببيع مقاطع الفيديو للمحطات التلفزيونية.
وخاطب "أيمن محمد" من اعتذروا عن ظهورهم في الفيلم، قائلاً: "إذا كنتم تعرفون أنها القناة التي تسمي الثورة بجهاد النكاح، فما الهدف من الظهور عليها؟ هل كنتم تأملون في أن تغير سياستها؟!
تسلح الثوار
فيما عدّت الإعلامية "رولا حيدر"، الفيلم بأنه "أقذر وأخبث عمل لضرب صورة الثورة إعلاميا، وبمساعدة نشطاء وثوار"، ودافعت "رولا" عن فكرة تسلح عدد من الثوار، التي وردت أكثر من مرة في الفيلم، موضحةً أن الثورة تسلحت للدفاع عن النفس، بعد إمعان النظام في القتل، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على اندلاع الثورة، على خلاف ما ورد في الفيلم، أن الثورة تسلحت بعد أربعة أشهر، بعكس سلاح النظام الذي خرج من المستودعات واستخدم بقوة في اقتحام درعا عند انطلاق الثورة.
وقالت "رولا" إنه من سذاجة المشاركين في الفيلم الحديث عن اجتزاء أقوالهم، على اعتبار أن معظمهم على دراية بطرق المونتاج والإخراج، خاصةً أن بعضهم مخرجون ومصورون.
انتصارات الثوار في حلب
وتناولت صفحة "معاليق الثورة السورية" الساخرة الفيلم بعدد من "البوستات" التي سخرت فيها من المشاركين فيه، وبمدير القناة وعدد ممن برروا الظهور في الفيلم.
أما "إبراهيم كوكي"، فاعتبر أن معاداة قناة "الميادين" للثوة السورية، ومن ظهروا فيه من المعادين للإسلاميين، الدافع وراء إنتاج هذا الوثائقي.
وربط الناشط الحلبي "أحمد بريمو" الأحداث فكتب يقول: لهم "ثورتهم" التي سُرِقت حسب زعمهم، ولنا ثَورتنا المُستمِرة، وفق حِسابات الأرض التي تُستعاد .. شَبراً فشِبر"، في إشارة إلى انتصارات الثوار في حلب على أرض المعركة، التي تعدّ الفيصل في هذه الثورة، بحسب "بريمو".
الترويج للأكاذيب
وتعمدت قناة "الميادين"، منذ تأسيسها، تشويه الثورة السورية، والترويج للأكاذيب التي لفقتها عنها، من الترويج لأكذوبة "جهاد النكاح"، إلى تعامل الثوار مع "العدو الإسرائيلي"، ثم انتقلت "الميادين" في مرحلة "ما" إلى بث صور شنيعة أثناء قيام الجرافات والآليات الثقيلة بسحل جثث 175 من السوريين الهاربين من الغوطة المحاصرة للعلاج، بعد تفجيرهم من قبل عناصر من حزب الله، والادعاء بأنهم من الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب المعارضة.
أكذوبة "الميادين"..!!
لكن فجأة تحاول "الميادين" التحول إلى الحياد، بإخراج مثل هذه الأفلام التي تركز على وقوع الثورة السورية، التي لم تعترف بها يومًا، في شرك المؤامرات الخارجية، وأنها سرقت من قبل الإسلاميين المتطرفين وغير المتطرفين ومن المسلحين الجهلة.
كما تركز "الميادين" على "فساد المعارضة"، وتزعم ندم كل من شارك في الثورة، وتقلل من فظاعة ما حدث في سوريا خلال الأعوام الفائتة، من خلال الحديث عن الصفح والوحدة الوطنية، والتوجه إلى التوافقية بعيدًا عن المطالبة بإسقاط النظام.
فالفيلم الوثائقي لـ"الميادين" من فراغ؛ إذ تزامن مع تغير في لهجة عدد من المسؤولين والإعلاميين الموالين للنظام، حيث باتت خطاباتهم تركز على أن لا حل في سوريا إلا الحل السياسي بعد سنوات أربع من الخطابات الداعية إلى القضاء على المعارضة وسحقها؛ لخروجها عن طاعة النظام الذي لم تذكر أي من جرائمه في الفيلم، فهل جاء وثائقي "حلمهم المسروق" ضمن سياق هذا التعيير؟