هرب أمين شعبة حزب
البعث في طرطوس وسط حراسه، خوفا من أن يفتك به عمال شركة "أسمنت طرطوس" المعتصمين أمام مقر الشركة منذ شهر، المطالبين بالتثبيت، وتحسين أجورهم وأوضاعهم المعيشية.
أمين حزب البعث حاول أن يثني العمال عن اعتصامهم، بعد أن فشل مدير الشركة معهم وتوقفها عن الإنتاج، بترديد شعارات البعث الجوفاء عن الوطنية، وعندما احتج عليه العمال أخذ يهددهم ويتهمهم بالإخلال بالأمن، وأنهم غير وطنيين، فانقض عليه العمال محاولين الفتك به، فهرب في حماية حراسه وعدد من أعضاء البعث.
التثبيت وتحسين الأجور
القصة كما يرويها عدد من عمال شركة "أسمنت طرطوس" لـ"عربي 21"، أنهم بدأوا اعتصامهم وإضرابهم عن العمل منذ شهر، وشارك في بداية
الإضراب عشرون عاملا، ثم ارتفع العدد الى 200 عامل، واتسع ليصل الى 500، للمطالبة بالتثبيت وتحسين الأجور والأحوال المعيشية، وانضم إليه جميع العمال.
وقال العمال إنهم ممن يعملون باليومية "مياوم"، أي يتقاضون أجورهم بشكل يومي، في شركة أسمنت طرطوس، ومنهم من له 15 عاما على هذا الحال، وكلما طالبوا بالتثبيت قوبل طلبهم بالتسويف والمماطلة، وإنهم استمروا في العمل على أمل الحصول على عقد عمل دائم، واستجداءً للوظيفة التي كان يحلم بها كلّ فلّاح في قرى الساحل.
عمال اليومية.. والظلم
ويقول "ح.ع" من "الشيخ بدر"، إحدى قرى طرطوس لـ"عربي21"، إنه "يعمل مياومًا منذ 15 سنة"، وكل حلمه عقد عمل وتثبيت، وكل عام يتلقى وغيره الوعود، ومع تفاقم الأسعار وانهيار العملة المحليّة، ما أدى لتأزم الوضع المعيشي له وعائلته وأطفاله.
ويضيف "ح.ع"، قائلا: "حالتي مثل حالة آلاف من المياومين، الذين قضوا سنيناً يكدّون في هذه الشركة، دون تصحيح الأوضاع الوظيفية والتثبيت"، متابعا بقوله: "عندما فشلنا في تحقيق مطالبنا، بدأنا في تنفيذ الإضراب المفتوح منذ قرابة الشهر، وحاول عدد من المسؤولين الالتفاف على مطالب المياومين، وتقديم وعود وهمية، إلا أن الإضراب استمر".
انتشار الإضرابات في الساحل السوري
ويقول "ح.ع": "مع انتشار الإضرابات في منطقة الساحل السوري لكلّ الشرائح للحصول على مطالبهم، عقد عمال شركة أسمنت طرطوس العزم هذه المرّة على تنفيذ مطالبهم، مهما كان الثمن، وبدأنا الاعتصام المفتوح أمام مبنى الإدارة، وكنّا حوالي عشرين شخصاً، وبدأنا دعوة جميع العمال للاعتصام".
وأضاف: "في اليوم التالي انضم إلينا قرابة المئتين، وهنا وخرج علينا مدير الشركة، وحاول أن يقدم وعوده، التي اعتدنا سماعها منذ سنين، وهي سنرفع كتاباً للوزارة، وأنهم يدرسون وضعنا، وأن الحل قريب، علينا أن نصبر، وأنه سيصرف لنا مكافآت، لكننا أبينا أن نتحرك دون أن تحل مشاكلنا، ويتم تثبيتنا بعقد عمل كامل.
ارتفاع أعداد المعتصمين
وتابع "ح.ع" قائلا إنه "في اليوم الثاني ارتفع عدد المعتصمين إلى قرابة الخمسمائة وقفوا أمام مبنى الشركة، وخرج هذه المرّة أمين شعبة حزب البعث في طرطوس، وراح يبيعنا وطنياته التي عفى عليها الزمن، وأنهم كانوا يرددونّ في بعض الأحيان أنّ "الإرهابيين" -على حد تعبير أمين شعبة الحزب- أفضل منكم، وأنّهم لا يظلمون كما تظلمون، لكنّه راح يتطاول ويتّهمنا بأننا نخلّ بالأمن وبأننا غير وطنيين".
وأضاف: "هنا ارتفعت وتيرة الملاسنات بين المعتصمين، وأمين شعبة الحزب،حتى كاد أن يتلقى لكماتنا لكنّ مسؤولي الشركة أحاطوه وهرّبوه من بين الجموع".
ويكمل حديثه قائلا: "في اليوم الثالث كان معظم المياومين بساحة الإضراب، وتوقفت الشركة عن العمل، وجنّ جنون المدير العام، الذي جرّب حظه بدوره، وراح "يشمّر" عن ساعديه ليقوم بنفسه بتشغيل المطاحن، لكننا صمدنا، ولم نتزحزح عن مطالبنا قيد أنملة، وواصلنا الإضراب حتّى نوقع العقود".
نقابة عمال النظام
وحول دور نقابة العمال التي ينتمي لها معظم العاملين في الشركة، يقول "ح.ع" إنّهم "لا يمثلون العمال، هم يمثلون المسؤولين، فهم يعيّنون من قبل حزب البعث الذي ينفذ سياسة كم الأنفاس منذ انطلاق الشركة، ليقضي على آمال كل عامل بأن يلقى حقوقه".
ويضيف: "مازال الإضراب مستمرا، والجو العام في الشركة يغلي، والجميع كسروا حاجز خوفهم من العقاب الذي يهددهم به مدير الشركة وأمين شعبة الحزب، أو مفرزة الأمن العسكري، والجميع يتحدثون عن مظاهرات وإضرابات قادمة، فيما لو امتنعت الشركة عن تنفيذ مطالب العمال".
"ح.ع" يتقاضى قرابة الأربعين دولاراً فقط في الشهر، على حد قوله، و"هذا المبلغ لا يكفي أولاده الخبز فقط، والنظام السوري الضعيف قد لا يجد تلك الأربعين دولاراً في القادم من الأيام، ليكمل أكاذيبه بقدرته على البقاء فوق دماء السوريين".