"تتعدد الأسباب والموت واحد"... مقولة تتردد دوما على ألسنة
اللاجئين السوريين أينما حلوا وكيفما ذهبوا، إذ إن مشكلة اللجوء القاسي لم تعد هي أم المشاكل لديهم. فثمة معاناة جديدة تقلق البال وتزيد من القلق المشوب بالألم جراء فقد الوطن واغتراب الروح، تتعلق بضعف الرعاية الصحية المقدمة لهم، ما يجعل من الإصابة من المرض معاناة مضاعفة، وخصوصًا بالنسبة لمرضى السرطان.
غياب الاهتمام والرعاية
لا توجد حتى اليوم إحصائية تشير إلى أعداد المصابين بمرض السرطان بين اللاجئين السوريين في
لبنان، إلا أن تقديرات إحدى الجمعيات التي تعنى بمتابعة حالات سرطان الأطفال بين اللاجئين السوريين تشير إلى تسجيل 190 حالة لسرطان الأطفال خلال الفترة ما بين تموز/ يوليو 2012 وكانون الثاني/ يناير 2014، نحو 24% منهم، أي 45 طفلاً، لم يتلقوا أي نوع من العلاج. وتشير الجمعية إلى تسجيل العديد من الحالات المشابهة منذ بداية العام الحالي (2015) وحتى اليوم.
ولكن الأخطر من غياب الإحصائيات هو غياب الدعم المالي لتوفير العلاج لمرضى السرطان بين اللاجئين بصورة شبه تامة، إذ إن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة المسؤولة بشكل رئيس عن تقديم الخدمات للاجئين، لا تغطي أمراض السرطان.
وفي هذا السياق، توضح جويل عيد، المنسقة الإعلامية للمفوضية العليا اللاجئين، أن أسباب عدم كفالة المفوضية للأمراض المستعصية أو المزمنة تأتي من باب إعطاء "أولوية الخدمة والرعاية الصحية لباقي المرضى المرجوّ شفاؤهم".
ومع غياب الأمم المتحدة، تعجز الحكومة اللبنانية أيضًا عن تقديم العلاج والعون للاجئين، في ظل ما تعانيه ميزانية وزارة الصحة المثقلة أصلاً بدفع فاتورة استشفاء باهظة عن المواطنين اللبنانيين.
فرص العلاج: هل يبقى الأمل؟
يدرك مرضى السرطان من اللاجئين واقع غياب التغطية المالية لتكاليف العلاج، ما يفاقم من معاناتهم النفسية، حيث يتلاشى أملهم في الشفاء وتضعف روحهم المعنوية، التي يفترض أن تشكّل عاملاً مساعدًا في التغلب على المرض.
الأمر ذاته ينطبق حتى في حالات الاكتشاف المبكر التي تكون فرص الشفاء فيها عالية، ويمكن فيها الحد من انتشار المرض ببعض جلسات العلاج الكيماوي. وفي هذا السياق، يشير الطبيب عبد الله العمري، مسؤول الملف الطبي في اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، إلى أن نسب شفاء بعض أنواع السرطان، كسرطان الثدي واللوكيميا (سرطان الدم) عند الأطفال، قد تصل إلى 90% في حالات الاكتشاف المبكر.
وحول البدائل الممكنة لتأمين العلاج لمرضى السرطان من اللاجئين، يوضح العمري أن هناك بعض المحاولات لتقديم دعم مالي لهم، من خلال صناديق المساعدات الطبية، ولكن ما تم تقديمه حتى الآن لا يتناسب مطلقًا مع تكاليف العلاج الباهظة وأعداد المرضى، حيث إن عدد الجهات الناشطة في هذا الإطار يقتصر على خمس جمعيات، لا تقدم سوى أقل من 10% من كلفة العلاج الكامل.
ويضيف العمري أن اتحاد الجمعيات الإغاثية لحظ هذا الأمر، وهو يسعى منذ بداية العام الحالي للحصول على دعم لمشروع صندوق طبي مخصص لمرضى السرطان، إلا أن تجاوب الجهات المانحة ما زال دون المستوى المطلوب، آملاً في تحرك الجهات المعنية للتخفيف عن هؤلاء.