بموازة المفاوضات النووية بين
إيران وأمريكا والدول الكبرى تشهد العاصمة
اللبنانية وبعض العواصم العربية والغربية حراكا سياسيا مكثفا من أجل تسوية الأزمة السياسية في لبنان، قد يمهّد لإجراء الانتخابات الرئاسية وعودة الرئيس سعد
الحريري لرئاسة الحكومة اللبنانية.
وكشفت مصادر مطلعة في بيروت لموقع "عربي21" أن اتصالات مكثفة جرت في الأسابيع الماضية جرت بين بيروت والرياض وطهران والقاهرة وباريس بهدف البحث عن حل شامل للأزمة اللبنانية، يشمل إجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة والاتفاق على قانون جديد للانتخابات ومعالجة بعض الملفات الساخنة.
وقد شكلت زيارة زعيم تيار المستقبل ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى بيروت قبل أسبوعين فرصة للتدوال في بعض الأفكار الجدية حول حل الأزمة السياسية، وذلك بموازة التحرك الفرنسي بين الرياض وطهران وبيروت.
وتشير المصادر إلى أن سعد الحريري تداول مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بعض الأفكار حول حل الأزمة ومنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية يختاره العماد ميشال عون بالتوافق مع قوى 8 و14 آذار، ويتخلى عون عن ترشيحه للرئاسة على أن يتم تعيين صهر عون العميد شامل روكز قائدا للجيش. وبالمقابل يتم العمل على إغلاق ملف المحكمة الدولية والتوقف عن النقاش حول دور
حزب الله في سوريا وتأجيل البحث في ملف سلاح حزب الله والاتفاق على قانون جديد للانتخابات، على أن يتولى الحريري تشكيل الحكومة الجديدة.
وتضيف المصادر أن الحريري طلب من الرئيس بري نقل هذه الاقتراحات للعماد ميشال عون وحزب الله لدراستها، ومع أن مصادر مقربة من تيار المستقبل تحفظت على هذه المعطيات واستبعدت طرحها من قبل الرئيس سعد الحريري، خصوصا بشأن العمل على إغلاق ملف المحكمة الدولية، فقد لوحظ أن بيروت شهدت تحركا سياسيا ملفتا من خلال زيارة العماد ميشال عون للرئيس نبيه بري وإعلانه أن البحث في ملف الانتخابات الرئاسية قد شهد بعض التقدم، فيما أشارت بعض وسائل الإعلام إلى رغبة الحريري بالعودة نهائيا إلى لبنان وإعادة الإمساك بقيادة تيار المستقبل وتولي رئاسة الحكومة، خصوصا بعد التغيرات الأخيرة في
السعودية وما يجري من تطورات في المنطقة.
ولفت بعض المراقبين السياسيين في بيروت إلى الزيارة الأخيرة للرئيس الحريري إلى القاهرة واللقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإعلانه بعد اللقاء عن الرغبة في حصول علاقات جيدة مع إيران بغض النظر عن بعض الملاحظات على السياسة الإيرانية، واعتبر المراقبون أن هذا التصريح رسالة إيجابية لحزب الله وإيران.
والمعروف أن العاصمة المصرية لعبت دورا أساسيا بالتمهيد لانتخاب الرئيس ميشال سليمان قبل ست سنوات وبعد أحداث 7 أيار (مايو) 2008، وتتمتع مصر بعلاقات جيدة مع العديد من الأطراف اللبنانية والعربية.
وأشارت المصادر المطلعة في بيروت إلى أن قيادة حزب الله تدرس الاقترحات التي قدمها الحريري ويتم البحث حولها مع العماد ميشال عون، مع أن المصادر تؤكد أن الحزب يصر على اعتبار عون مرشحه الأساسي، وأنه إذا قرر عدم الترشح فالشخصية التي يفضلها الحزب هو النائب سليمان فرنجية فقط.
وبانتظار تأكيد أو نفي هذه المعطيات حول حل الأزمة السياسية وبانتظار وضوح صورة المفاوضات النووية الإيرانية – الدولية، فمن الواضح أن حراكا سياسيا يحصل بين عدد من العواصم العربية والغربية، وأن الاسابيع المقبلة ستشهد تطورات سياسية وميدانية مهمة قد تؤدي إلى تغيرات مهمة في المشهد السياسي في لبنان والمنطقة، وأن الأوضاع الميدانية تستبق نتائج المفاوضات الإيرانية، وأن كل طرف سياسي لبناني أو عربي أو إقليمي يعمل لتجميع أوراق القوة بيده من أجل ترتيب الصورة النهائية للبنان والمنطقة.