شارك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء، عشرات الآلاف من أنصاره، في الاحتفال بمرور عام على ضم شبه جزيرة
القرم، وهي الخطوة التي غيرت خريطة أوروبا، وأطاحت بالعلاقات مع أوكرانيا، وندد بها الغرب، إلا أنها زادت من شعبية بوتين.
وظهر بوتين على المنصة أمام الحشود التي لوحت بالأعلام في حفل غنائي عند جدران الكرملين، بمناسبة ضم شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود.
وقال بوتين أمام الحشود: "بالنسبة للقرم، أدركنا أن الأمر لا يتعلق ببعض الأراضي، رغم أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لنا".
وأضاف أن الأمر يتعلق بـ"ملايين الروس.. رفاقنا، الذين احتاجوا إلى المساعدة والدعم".
وانضم بوتين إلى الحشود في ترديد النشيد الوطني الروسي.
ويأتي الحفل الموسيقي، الذي قدرت الشرطة المحلية عدد المشاركين فيه بنحو 110 آلاف شخص، تتويجا للاحتفالات التي استمرت عشرة أيام في أنحاء البلاد بالمناسبة.
ورغم تنديد أوكرانيا والدول الغربية بضم القرم على أساس أنها سيطرة غير شرعية على أراضي دولة أخرى، إلا أن الكثير من الروس رأوا فيها تصحيحا لمسار التاريخ.
وقال حارس الأمن اليكسي (39 عاما) الذي وقف يدخن مع أصدقائه بالقرب من كاثدرائية سانت بازل، إن هذا الحدث "يعني لنا الكثير، فهذه الأرض كانت دائما لنا. وقد دفع أجدادنا دماءهم ثمنا لها".
واتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الموالية للكرملين في القرم بشن "حملة تخويف صارمة لإسكات الأصوات المعارضة".
وقال مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية، جون دالهوسن، إنه "منذ ضمت
روسيا القرم إليها، فإن سلطات الأمر الواقع تلجأ إلى سياسة تعتمد على تكتيكات البلطجية لقمع المعارضة، وساهمت زيادة كبيرة في عمليات الخطف بين شهري آذار/ مارس وأيلول/ سبتمبر العام الماضي في مغادرة العديد من المعارضين المنطقة".
وأضاف أن "المتبقين يواجهون تضييق السلطات التي تصر على إسكات معارضيها".
ووقع بوتين ورئيس حكومة القرم سيرغي اكسينوف، على معاهدة رسمية تضم شبه الجزيرة إلى روسيا، بعد استفتاء مثير للجدل في 16 آذار/ مارس عام 2014، صوّت خلاله أكثر من 97 في المئة من سكان القرم لصالح الانضمام إلى روسيا.
وجرى الاستفتاء بعدما أرسل بوتين آلاف الجنود الروس إلى شبه الجزيرة، ما دفع بالغرب إلى القول إن ذلك يشكل احتلالا، وإلى فرض عقوبات على موسكو، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
وخلال احتفالات الأربعاء في كافة أنحاء روسيا، نقل التلفزيون الحكومي الروسي صورا لجماهير ترفع الأعلام في مدينة فلاديفوستوك في أقصى الشرق.
وفي القرم، احتفل المواطنون في يوم عطلة للمناسبة التي تتضمن تنظيم حفلات غنائية وعروض الألعاب النارية.
وقال اكسينوف في بيان إنه "بالنسبة لنا نحن في القرم، فإن هذا احتفال بالعودة المنتظرة منذ وقت طويل إلى بلادنا"، مضيفا أن "روسيا حمت حقنا الشرعي باختيار توحدنا مجددا مع بلدنا الأم".
وكشف بوتين في وثائقي بث الأحد على التلفزيون الرسمي كيف أنه أصدر الأمر السري بضم القرم بعد مغادرة الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش كييف إلى روسيا، من أجل إنقاذ الناطقين بالروسية من "القوميين" الأوكرانيين، على حد قوله.
وبالنسبة للكثيرين من الروس، فإن عودة القرم إلى روسيا تعدّ "إحقاقا للعدالة التاريخية"، بعدما قدم الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشيف شبه الجزيرة الاستراتيجية إلى أوكرانيا في العام 1954، فيما اعتبر خطوة رمزية بما أن أوكرانيا وروسيا كانتا ضمن الاتحاد السوفياتي السابق.
وقرار بوتين ضم القرم لاقى ترحيبا كبيرا لدى الروس، مع تزايد المشاعر القومية لديهم، وارتفعت شعبيته إلى مستويات قياسية، كما ترافق مع حملات دعائية كبرى على التلفزيون احتفالا بما وصف بأنه "الربيع الروسي".
لكن الخطوة تسببت بإشعال انتفاضة انفصالية في شرق أوكرانيا، حيث يتهم الغرب روسيا بإرسال قوات وأسلحة خلال النزاع المستمر منذ 11 شهرا بين الانفصاليين الموالين لموسكو والقوات الأوكرانية، الذي أدى إلى مقتل أكثر من ستة آلاف شخص.
وينفي الكرملين أي ضلوع له في هذا النزاع.
وجدد الاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، إدانته "للضم غير الشرعي" لشبه جزيرة القرم إلى روسيا قبل عام، معربا عن قلقه من "الانتشار العسكري المتزايد" فيها.
وتؤكد كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا أنها لن تقبل يوما بضم القرم إلى روسيا.
ويندد حلف شمال الأطلسي بنشر روسيا صواريخ أرض جو متطورة جدا في القرم، بعضها "يغطي مداه البحر الأسود بالكامل".