كشفت مصادر إسرائيلية، عن توجّهات جادّة لدى رئيس حكومتها بنيامين
نتنياهو لـ"معاقبة" رئيس السلطة الفلسطينية، محمود
عباس، لقيامه بـ"التدخّل بالشؤون الداخلية لتل أبيب، ومحاولته التأثير على سير العملية الانتخابية الإسرائيلية".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر وصفتها بالمقربة من نتنياهو، قولها إن "الفترة التي تلي تشكيل الحكومة المقبلة ستشهد تصلبا تجاه السلطة الفلسطينية ورئيسها عباس، لتدخّله في الانتخابات الإسرائيلية لصالح اليسار"، على حد قولها.
وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس، أن الفترة المقبلة ستشهد توسعا في مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية، وفقا لتعهدات نتنياهو لناخبيه قبل الانتخابات، دون الالتفات إلى أي تطور سياسي يتعلق بمفاوضات قادمة مع السلطة، وفق الإذاعة.
ونقلت الإذاعة عن المصادر ذاتها، قولها: "على الفلسطينيين أن ينسوا أي حديث عما يسمى الدولة الفلسطينية خلال المرحلة القادمة"، مرجعة سبب هذه المواقف إلى ما قالت إنها "ممارسات تحريضية تمارسها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، حيث إنها تحاول نزع شرعيتها في المحافل الدولية، وفي محكمة الجنايات الدولية، وتتحالف مع حماس التي تنكر وجود إسرائيل"، بحسب المصادر.
أمريكا وأوروبا ترحبان بفتور بفوز نتنياهو
وما يؤكد مخاوف نتنياهو، فقد لقي فوزه في الانتخابات الإسرائيلية ترحيب البيت الأبيض ولكن بفتور، الأربعاء، حيث أكد مرة جديدة دعمه لحل الدولتين الذي نسفه قبل أيام رئيس الوزراء الإسرائيلي. وجاء الترحيب الأوروبي دون حماسة أيضا.
وشدد معظم القادة الأوروبيين على ضرورة استئناف "عملية السلام" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، المعطلة منذ حوالي سنة، لكن دون إخفاء شكوكهم حيال هذا الأمر.
من جانبه، قال الناطق باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، إن "الرئيس لا يزال يعتقد أن حل الدولتين هو الطريقة الأفضل لمواجهة التوترات"، موضحا أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم يتصل بنتنياهو، وتولى هذا الأمر وزير الخارجية، جون كيري.
والتوتر في العلاقات بين أوباما ونتنياهو تفاقم مع مجيء رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن في مطلع آذار/ مارس الجاري، وإلقائه خطابا أمام الكونغرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ندد فيه بقوة بالمفاوضات الجارية مع إيران.
وعبر البيت الأبيض عن قلقه الشديد إزاء بعض المواقف خلال الحملة الانتخابية، حول عرب الداخل، معتبرا أنها "تثير الانقسام"، وتهدف إلى "تهميش المواطنين العرب".
وفي يوم الانتخابات، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي شريط فيديو على صفحته في "فيسبوك"، قال فيه إن "سلطة اليمين في خطر. الناخبون العرب يتوجهون بكثافة إلى صناديق الاقتراع".
واعتبر ديفيد هارتويل عبر مجلة "ميدل إيست إنسايدر" ومقرها في لندن، أن "العلاقات مع الولايات المتحدة أسوأ من أي وقت كان. وبعدما عرض موقفه بهذه الطريقة الفظة فإنه سيكون من الصعب على نتنياهو العودة إلى الوراء، والادعاء بأنها كانت مجرد استراتيجية انتخابية".
بدوره، رحب الاتحاد الأوروبي بفوز نتنياهو، مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة "استئناف عملية السلام".
واعتمد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، موقفا مماثلا، موجها تهانيه لنتنياهو على حسابه في "تويتر"، وترك للمتحدث باسمه مهمة "الإعراب عن الأمل في رؤية السلام، ورؤية حل من دولتين".
ودعا وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أيضا، الحكومة الإسرائيلية المقبلة إلى "التحلي بحس المسؤولية"، مؤكدا مرة جديدة دعمه لإقامة دولة فلسطينية.
وقال الأستاذ في معهد العلوم السياسية في برايس، جان-بيار فيليو، مؤلف كتاب "تاريخ غزة": "إما أن تتدخل الولايات المتحدة وأوروبا عبر عرض خطة والتعبير عن إرادة، أو أننا سنتجه نحو حرب جديدة في غزة، وقد يكون ذلك في الأشهر المقبلة".
في المقابل، يرى بعض الخبراء أن الغرب ليس لديه خيار سوى التعامل مع الحكومة المقبلة، التي سيشكلها نتنياهو.
وقال دانيال ليفي، وهو المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي حول العلاقات الخارجية، إن رسالة نتنياهو للقادة الغربيين تقول: "لا بديل عن العمل معي وبحسب شروطي إلا العنف، وسيكون ذلك مسيئا لكل العالم، بما يشمل لندن وباريس، كما أثبتت التظاهرات السنة الماضية".
وأكد ناتان ثرال من مجموعات الأزمات الدولية أيضا، ضرورة الانتظار لرؤية توجهات نتنياهو، بعد تشكيل حكومته.
وقال إن رفضه قيام دولة فلسطينية "جاء في الساعات الـ48 قبل اختتام حملته الانتخابية"، لكن في مجالسه الخاصة، فإنه قد يكون "وافق عدة مرات على التفاوض مع الفلسطينيين على حدود 1967".
والخلاف بين الإسرائيليين والشركاء الدوليين لا يتعلق فقط بالقضية الفلسطينية، وإنما أيضا برفض نتنياهو المطلق دعم المفاوضات الجارية مع إيران حول برنامجها النووي.
ويصر نتنياهو الذي يحظى بدعم قوي من الجمهوريين في الولايات المتحدة، على أن المجموعة الدولية لا يمكنها الوثوق بإيران، للحد من طموحاتها النووية، وأن هذه الدولة تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، بحسب قوله.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، في هذا الصدد، أن فوز نتنياهو في الانتخابات لن يعيق جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع إيران، بشأن برنامجها النووي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جين بساكي: "نحن على علم منذ فترة طويلة بآراء رئيس الوزراء بشان إيران. ولا نعتقد أن فوزه أثر أو سيؤثر على المفاوضات مع إيران".