أسدل الخميس الستار رسميا على ثورة يناير 2011، وكأن الزمن عاد إلى الوراء، حيث يغادر وزير الداخلية الأسبق حبيب
العادلي السجن إلى منزله، بينما يستقبل الرئيس المخلوع حسني
مبارك أنصاره الذين يهتفون بحياته.
وبعد أربع سنوات قضاها في محبسه، حصل العادلي على البراءة، الخميس، في رابع وآخر القضايا التي يحاكم فيها، وهي الكسب غير المشروع، كما ألغت المحكمة قرارات التحفظ على أمواله هو وزوجته وأبناؤه.
وكان العادلي محبوسا على ذمة ثلاث قضايا أخرى من قبل، حصل على البراءة في اثنتين منها وهما قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير، والفساد في التعاقد على صفقة لوحات السيارات المعدنية، فيما انقضت مدة سجنه البالغة ثلاث سنوات في القضية الثالثة، وهي تسخير جنود الشرطة في أعمال الخدمات الخاصة بمنزله.
وقال فريد الديب محامي العادلي إن طعن النيابة المتوقع على الحكم ببراءته الصادر الخميس، لن يمنع خروجه من السجن ومغادرته إلى منزله، خاصة وأنه ليس متهما في أي قضية أخرى.
وكان جهاز الكسب غير المشروع -وهو الجهة الرقابية المعنية بمراقبة التصرف في المال العام- قد أحال العادلي إلى المحاكمة بتهمة جني ثروات طائلة بلغت ما قيمته 181 مليون جنيه، مستغلا نفوذه أثناء عمله رئيسا لجهاز أمن الدولة ثم وزيرا للداخلية".
لكن رئيس الجهاز المستشار يوسف عتمان أدلى الخميس بتصريحات صحفية فاترة حينما أكد أنه سيدرس حيثيات الحكم ببراءة العادلي قبل أن يقرر الطعن على الحكم من عدمه".
لا مبالاة
وبذلك يكون
القضاء المصري قد أطلق سراح آخر رموز عهد مبارك الذين برأهم جميعا من كل التهم التي وجهت إليهم فيما عرف بين المصريين باسم "مهرجان البراءة للجميع" في إشارة إلى عدم نزاهة تلك المحاكمات.
وكان من اللافت أن المصريين استقبلوا نبأ إطلاق سراح العادلي بلا مبالاة، ولسان حالهم يقول أنه كان متوقعا من نظام قضائي غير مستقل، ينتقم من كل من شارك في ثورة يناير ويبرئ كل من قامت ضدهم
الثورة.
وشغل العادلي منصب وزير الداخلية لمدة بلغت 14 سنة منذ عام 1997 إلى 2011 أي ما يعادل نصف فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، قبل أن يحبس احتياطيا بعد تنحي مبارك بستة أيام فقط، بقرار من النائب العام الأسبق عبد المجيد على ذمة التحقيقات فى وقائع فساد وإهدار المال العام، ليصبح أول مسؤول في نظام مبارك يقدم للعدالة.
وبعد أحكام أولية بلغ مجموعها 45 عاما، بدأت رحلته مع البراءات في نوفمبر الماضي، حين حصل العادلي على البراءة من اتهامه بقتل ثوار يناير في القضية التي كان متهما فيها أيضا مبارك وستة من معاوني العادلي، بفضل شهادات رموز نظام مبارك وقيادات المجلس العسكري السابق بأن العادلي لم يصدر أي أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، وأن تسليح قوات الشرطة أثناء تعاملها مع المتظاهرين لم يتضمن أي أسلحة نارية.
كما حصل العادلي يوم 24 فبراير الماضي على أول براءة مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف في قضية "اللوحات المعدنية" بعد أن قضت محكمة النقض بإعادة محاكمتهما في القضية.
مبارك ونجلاه يحتفلون مع المؤيدين
ومن المفارقات الملفتة للنظر، أنه في نفس اليوم الذي حصل فيه العادلي على البراءة، كان مبارك يستقبل مؤيديه ويلوح لهم -هو ونجلاه علاء وجمال- من شرفة حجرته في مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة.
وتجمع العشرات من أعضاء رابطة "آسف يا ريس" أمام المستشفى للاحتفال مع مبارك بذكرى تحرير طابا، فيما قام جمال بالتقاط صور تذكارية لمؤيدي والده.
وكان مبارك ونجلاه قد حصلوا على إخلاء سبيل يوم 22 يناير الماضي من محكمة جنايات القاهرة على ذمة إعادة محاكمتهما في قضية استيلائهم على أكثر من 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية.
وبينما يقيم مبارك في المستشفى العسكري بشكل اختياري، يعيش نجلاه علاء وجمال في أحد المنتجعات الراقية بالقاهرة وسط حراسة أمنية مشددة.
وفي تلميح لمبارك، دون ذكر اسمه، قال السيسي -عبر حسابه على فيس بوك- : "كل الشكر لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فداء للوطن وردا للعدوان وحرروا الأرض بكل الطرق العسكرية والقانونية والدبلوماسية".