اصبح مملاً أن تناقش أحد مدعي الثقافة لتحاول إقناعه أن ما يحدث بمصر منذ انقلاب 3 يوليو هو حرب صريحة على الإسلام.
نصف المثقف ليس لديه أي مشكلة مع منع ملصق الصلاة على النبي ( عليه الصلاة والسلام ), ونصف المثقف هو من روج كذبة (( زعامة )) صديق الاحتلال البريطاني سعد زغلول، وهو نفسه من يجاهر بكل بجاحة بالسخرية ممن يقول إنه كان ماسونياً, على الرغم من أن هذا من الأمور الثابتة تاريخياً، ونصف المثقف يعيش عالة على كتب خرجت من متاهات عقول أنصاف مثقفين آخرين، وعلى أحاديث تليفزيونية لشخصيات يعتبرونها مراجع، وبرامج وصحف وكتب دراسية مزورة كالعادة.
ومنذ ذلك الانقلاب الأسود سنة 1952، شهدت
مصر أكبر كم من الزيف والتزوير في تاريخها، وتولت في البداية إذاعة صوت العرب ( التي أنشأتها المخابرات الأمريكية لعبد الناصر ) مهمة تخدير المصريين، ثم تبعتها باقي المنابر الإعلامية التابعة لانقلاب يوليو، حتى وصلت لحالة السيطرة الكاملة على وعي الشعب،,للدرجة التي ظل الشعب فيها بأكمله تقريباً غير مدرك أن جيش عبد الناصر تم تمزيقه في سيناء، وأن جزءاً من مصر أصبح تحت الاحتلال، حتى أفاقوا على تمثيلية التنحي.
هذا الإعلام الذي مسخ عقول أجيال كاملة من المصريين وأقنعهم أن الخلافة العثمانية احتلال، وأن عبد الناصر عميل السي آي إيه زعيم، وأقنعهم أن الإخوان المسلمين ألدَّ أعداء الصهاينة، والذين كبدوا العصابات الصهيونية خسائر فادحة في حرب فلسطين، هم مجرد تجار دين وطلاب سلطة.
التضليل الإعلامي بلغ أقصى درجات التدليس حين أوعز عبد الناصر من خلال اتصالاته السرية بحكومة موشيه شاريت، بالثناء على الإخوان المسلمين حتى يظهروا كأنهم ضد قضية فلسطين كما ذكر كوبلاند في كتابه لعبة الأمم.
النصف مثقف، الذي لم يمتلك عقله القدرة على فصل تلك الأكاذيب أو التحقق منها عبر الآلة التي يمتلكها في دماغه، هو نفسه من يحاول جاهداً تسفيه رأي كل من يقول إن ما يحدث منذ الانقلاب هو حرب صريحة على الدين، هؤلاء (النصف مثقفون)، يحاولون تصوير الأمر على أنه صراع على السلطة.
نصف المثقف الذي يعتبر تويتات البرادعي ( اللي سابقهم بـ 500 سنة ضوئية)، هي مرجعه الأول في الثقافة السياسية، يحرص على أن يظهر بمظهر المتفتح عندما تخبره أن هناك جريدة مغمورة، يرأس تحريرها صحفي يكرهه الجميع، ينشر على صفحات تلك الجريدة سباباً لسيدنا عثمان بن عفان، بل وينجرف لفخ مناقشة المحتوى.
الإعلام صنع مسوخاً حقيقية تجيد صناعة جمل كاملة تحتوي على مصطلحات تبدو للبعض معقدة، بينما هي في الحقيقة خالية من المضمون. بعض هؤلاء يهون من استهداف الانقلاب للرموز الإسلامية، وقد يعتبر أن السماح للمدعو إسلام البحيري بالحديث على الشاشات حرية رأي، ويعتبر التطاول على الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه كما فعلت إحدى الصحف، أمراً عادياً، ويعتبر هؤلاء إلغاء سيرة عقبة بن نافع وصلاح الدين الأيوبي من الدراسة، أموراً لا تستحق كل هذا الانزعاج. بعضهم ينظر للأمر كذلك فقط لأنه نصف مثقف، بينما أغلب هؤلاء ينظر للحرب على الإسلام بارتياح لأنه علماني.
والحقيقة أن الانقلاب قدم خدمة جليلة لمصر، فلولا الانقلاب لظل كثيرون منا يعتقد أن جيش المعونة الأمريكية الذي يقتل المصريين في الشوارع، هو خير أجناد الأرض كما كانوا يقولون لنا، ولظللنا مقتنعين أن حرب أكتوبر التي وصلت فيها دبابات العدو إلى مشارف القاهرة بعد أن أسرت 8031 جندياً وحاصرت الجيش الثالث بأكمله، نصر مجيد، كما يقولون لنا في أغنية (ما تقولش ايه اديتنا مصر )، ولكُنا نجهل أن تلك الحرب لم تكن سوى سيناريو معد بين السادات وكيسنجر وديان؛ للوصول لاتفاق سلام يخلي سيناء.
المرحلة الحالية تحتاج من معسكر رافضي الانقلاب ضخ المزيد من الوعي بفضح أكاذيب العسكر، والمزيد من التوعية عن الرموز الإسلامية التي صنعت التاريخ، مثل: القائد العظيم صلاح الدين والسلطان محمد الفاتح وكل أبطال التاريخ الذين تؤرق سيرتهم عسكر المعونة الأمريكية.
وأمام الجميع الآن أن يختار بين عسكر كامب ديفيد الذين يلعقون أحذية سادتهم في الغرف المغلقة، وبين صلاح الدين ومحمد الفاتح.