مقالات مختارة

هل ينهار "التحالف الدولي"؟

1300x600
كتب علي حمادة: أكبر خطأ ترتكبه الدول العربية المهددة من التمدد الإيراني في المنطقة من العراق إلى سوريا فلبنان واليمن، هو انتظار الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى يقرر أن يعير أذناً صاغية لاعتراضات الحلفاء التاريخيين الذين صار لهم أكثر من ثلاثة أعوام يوجهون الرسالة تلو الأخرى إلى الإدارة الأمريكية، من غير أن تلقى أي صدى فعلي.

فبعد الخطأ الفظيع الذي ارتكب بالموافقة على تغليب نوري المالكي إثر الانتخابات ما قبل الأخيرة، وتشكيله حكومة نكلت بالسنّة العراقيين بدوافع مذهبية متطرفة، وفتحت الباب مشرعاً أمام انهيار مشروع الدولة، وانتهت باجتياح تنظيم "داعش" ثلث العراق نهاية الصيف المنصرم، وانطلاق حرب مفتوحة جانبها الأبرز طائفي، مع بدء اجتياح "الحرس الثوري" الإيراني لكل مفاصل الحكم بشقيه الأمني، العسكري والسياسي، حصلت خطيئة أكبر في سوريا بترك إدارة أوباما تدير الخيارت المصيرية للشعب السوري وحدها، فيما كان قرارها الفعلي يستبعد إسقاط بشار الأسد، والإسهام في منع اجتياح "الحرس الثوري" الإيراني وميليشياته الطائفية كـ"حزب الله" لأجزاء واسعة من سوريا، واستيلائها على مفاصل القرار الفعلية في دمشق، بحيث تحول بشار الأسد إلى واجهة لاحتلال إيراني ما عاد مقنعاً.

أما الكارثة فكانت السكوت عن "سكوت" الأمريكيين والاعتماد على المجتمع الدولي لحماية الشرعية في اليمن، فحصل الاجتياح الإيراني بالواسطة وسقطت صنعاء بيد الميليشيات، وهرب الرئيس الشرعي إلى عدن ليطلق مقاومة بوجه الانقلابيين.

لقد بدأت مؤشرات الانقلاب الأمريكي في المنطقة تلوح قبل بضعة أعوام، ومع ذلك ظلّ العرب مشلولي الحركة، وقد حاول العاهل السعودي الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز رفع الصوت في وجه واشنطن، لكنه بقي وحده في الساحة، وما لقي بجانبه أحداً لتشكيل جبهة حقيقية بوجه انقلاب التحالفات في المنطقة. فالخيار الأمريكي في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما هو إيران، ولا شيء غيرها.

وهو يرفض الاستماع إلى الحلفاء التاريخيين. حتى كادت المنطقة كلها تسقط تحت الاحتلال الإيراني من العراق إلى اليمن وسط سكوت أمريكي، وكل ذلك تحت عنوان "محاربة الإرهاب" وبذريعة مواجهة "داعش".

على العرب الاتحاد الآن قبل الغد. وعليهم العمل بجدية لحل الخلافات مع تركيا على قاعدة التقريب بين القاهرة وأنقرة، مما يقوي الجبهة ويمنحها قدرة على موازنة الاجتياح الإيراني للمنطقة. الكل في حاجة إلى الكل.

تركيا في حاجة إلى العرب الأقوياء، والعكس صحيح. حتى مصر وتركيا إذا ما تصالحتا بوساطة سعودية نعرف أنها انطلقت، تكونان أقدر على أداء دوريهما الإقليميين الكبيرين.

أكثر من ذلك، يجب أن يدرك الأمريكيون أن سكوتهم الذي يمنح إيران تغطية لاجتياح المنطقة، له انعكاسات خطيرة على "التحالف الدولي" ضد الإرهاب في المنطقة، فلا يمكن القبول بترك إيران تجتاح العراق وسوريا بذريعة محاربة "داعش". ليس أسوأ من خيار "داعش" إلا خيار "الحرس الثوري". فليحزم العرب أمرهم.

(عن صحيفة النهار اللبنانية 21 آذار/ مارس 2015)
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع