رعا النظام السوري على مدى عقود تمدد نفوذ عائلي في بعض المناطق، وبعد انطلاق الثورة في
سوريا راحت هذه العائلات تكسر خطوطا حمراء ولم يعد يقف شيء في وجهها، فنظام الحكم مدين لها بالحفاظ على بقائه.
يروي (هـ.ن)، وهو أحد عناصر حاجز للأمن العسكري على طريق جبلة، لـ"عربي21" ما حدث على الحاجز بعد اعتراضهم سيّارة مظللة ومجهولة تماما بالنسبة لهم، في حادثة قد تعكس ما قد يؤول له الوضع في الساحل جرّاء سياسة النظام التي أدّت إلى تهديم ممنهج لمؤسسات الدولة والقانون.
يقول "هــ.ن": "كنّا على أوتوستراد جبلة اللاذقيّة نقوم بمهامنا الروتينيّة بتفتيش السيارات والأشخاص، وإذ بسيّارة "جيب" مظللة بالكامل لم نستطع أن نرى شيئا في داخلها، تتقدم نحونا، ويفتح شاب في مقتبل العمر نافذة السيارة قليلا ويلقي لنا ببضع كلمات ليهم بالمغادرة".
ويضيف: "لقد قال: أنا من عائلة أبو الشملات، وأغلق نافذته، ومن ثم حاول تخطي الحاجز، أوقفناه وأنزلناه من السيّارة بعد أن أطلقنا النار على عجلات السيّارة، بعدها نزل هذا الأخرق من السيّارة، وراح يشتمنا ويشتم كل شيء ننتمي إليه، ومن الواضح أنّه كان غارقا في الشرب، ما جعلنا في مأزق كبير أمام كرامتنا، فما كان منّا إلا أن اعتقلناه".
يتابع "هـ.ن": "بعد أقلّ من ساعة فوجئنا بهجوم سيارتين مدججتين بالأسلحة والمسلحين الذين فتحوا النار على الحاجز بطريقة همجيّة للغاية، (فقتلوا) أربعة عناصر من الحاجز، وجرحوا اثنين، وأخذوا أسلحة البقيّة، واصطحبوا ذاك الشاب، وأخذوا سيارته واختفوا".
ويقول: "بعد هول هذه الفاجعة التي ألمّت برفاقي، لم أستطع التماسك، ولم أستطع إبلاغ قياداتي بشكل سريع، ولم يكن من هذه الأخيرة سوى اعتبار من مات شهيدا، وأغلق الملف بالكامل، كما حذرنا النقيب المشرف على الحاجز في اليوم التالي بأنّه علينا التكتم على ما جرى ليلة البارحة على الحاجز، وبعد أقلّ من أسبوع تم نقلنا بالكامل إلى الفرع في اللاذقيّة، ولم نكلف بأيّة مهمات بعدها".
وحول تاريخ عائلة أبو الشملات، يقول "هـ.ن": "كانوا يعملون مهرّبين مع آل الأسد في التسعينيات (من القرن الماضي) وحتى وقت قريب، ولهم ضبّاط من مستوى رفيع في الجيش، وعند اندلاع "الأحداث" في سوريا، راحوا يشكلون ميليشياتهم الخاصة التي تعمل على القتل العنيف والمباشر، ودون إشراف أيّ جهةٍ رسميّة، بل كانوا فرحين لأدائهم في الدفاع عن الدولة، ما زاد في سطوتهم وقوتهم، حتّى وصل بهم الأمر إلى ما وصل إليه الآن".
وتُعد هذه الحادثة واحدة من عشرات الحوادث التي تحدث في الساحل السوري، واستطعنا رصد تفاصيلها، حيث تعطي إشارة أخرى إلى حالة الفلتان، في ظل تصاعد نفوذ
العصابات المسلحة التي تعمل تحت نظر أجهزة النظام السوري.