بدأ النظام السوري خطابه المعادي للثورة السوري بـوصفها "مؤامرته الكونية"، وعاد بعدها ليقنع مواليه بأنّ حلفاءه يعملون معه لصالحهم من أجل "حلف الممانعة" كما أسموه، ولم يكن إعلام النظام وموالوه يوفرون ولو إشارة صغيرةً لكسب دولة هنا أو هناك وجعلها حليفة لهم، فمنذ استلام عبد الفتاح السيسي الرئاسة في مصر أخذوا يهللون لحليفهم الجديد، وما إن بدأ الحوثيون انقلابهم في
اليمن حتى باتوا على يقين بأنّ الكفة أصبحت لصالحهم.
يروي "ق.م"، وهو معتقل سابق في سجون النظام السوري، لـ"عربي21" أنه عمل على البقاء في بيئاته الموالية للنظام لأسبابه الخاصّة، فالتزم الصمت واكتفى بترصّد الأحداث وتفاصيلها. ويحكي لنا ماذا فعلت "
عاصفة الحزم" التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن، بموالي النظام، وكيف أدّت إلى تفكك خطابهم، وترنّح إعلام النظام وخجله في الحديث عنها.
يقول "ق.م: "أدوات النظام من مواليه هي في الدرجة الأولى عناصر الأمن، الذين يلقِّنون الفعاليات الدينيّة جميع الأفكار المراد نشرها، وقد يقوم بهذا الدور مسئولو البعث أيضا، وهم يعملون كجوقة تضخّ الأفكار التي تجعل من الموالين مطمئنين لحسن سير الأحداث من حولهم".
ويضيف: "أول ما فعلته عاصفة الحزم هي أنّها شطبت اليمن كحليف قد يساعدهم في إنهاء الحدث السوري على طريقتهم، وشطبت معها الحوثيين كحلفاء كاد مشايخ
العلويين أن يجعلوهم جزءا من طائفتهم لو تقدّم بهم الأمر شهورا قليلة، بفعل تشابك المصالح أو العمل تحت راية إيران".
وبالنسبة للسيسي في مصر، يقول (ق.م): "لقد وصل الأمر بمشايخ الطائفة العلوية بالدعاء له ولحكمه، وتشبيهه ببشار الأسد بكل شيء، ولم يكونوا ليلقوا بالا لجولة السيسي في الخليج، ولا لمؤتمر شرم الشيخ، باعتبارها أحداثا عرضيّة، إلى أن فوجئوا عندما شاركت مصر في التحالف العشري (ضد الحوثيين)، فكانت صدمتهم كبيرة بخسارة حليف كبير لهم قد يجعل من إيران وحلفائها ندّا صغيرا في مواجهة هذا التحالف العربي الإقليمي".
ويتابع: "لقد وصل الأمر ببعض أبواق النظام بالوعد بانقلاب مماثل في الأردن، ودول الخليج، دون أن يميزوا بين مصالحهم ومصالح إيران في المنطقة وجعلها واحدة".
وعما آلت إليه آلة النظام الدعائيّة في صفوف الموالين يقول "ق.م": "إنّهم في ترقّب وانتظار لمّا ستؤول إليه المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكيّة، وقد أصابهم شبه شلل وأصبحت أحاديثهم تقتصر على مجريات الأحداث في
سوريا، ويهربون بسرعة عند الحديث عن الوضع الإقليمي، هذا الذي كان ملجأ بالنسبة لهم".
يقول "ق.م" في حديثه عن دور مشايخ الطائفة في المرحلة القادمة: "العلويون ليس لديهم مرجعيّة دينيّة، لذا فردّة فعل المشايخ على أي حدث لن تكون متوافقة".
ويوضح أنه "في مجتمع المشايخ تجد تباينات عديدة في الثقافة والعلم وطرق التفكير، لذا قد ينكفئون على الدين العلوي، بالتحديد كدين صوفي لا يتعاطى الشأن السياسي والاجتماعي بالمطلق، كما كان الحال عليه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فالسياسة ليست جزءا أصيلا من الدين العلوي، بل جعل حافظ الأسد السياسة جزءا غريبا في الدين عند العلويين، واستمر الحال لأيامنا هذه ليحكم سيطرته على الطائفة، التي بدت فيها معالم النفور من آل الأسد وحلفائهم ومن أضحياتهم التي ملّوا من تقديمها بلا جدوى" حسب تقديره.