قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن تدخل
السعودية في
اليمن يرسل رسالة قوية إلى منافستها في المنطقة
إيران، ولكنه يثير المخاوف من تحويل المعركة المتعددة الجوانب داخل هذا البلد الفاشل إلى حرب أهلية شاملة.
ويقول التقرير: "قد حاول السعوديون ولعقود طويلة تحقيق نوع من السيطرة على جارتهم الجنوبية التي يصعب حكمها، من خلال الرشوة وسياسة فرّق تسد وأفعال عقابية، فقد كانت شبكة من العلاقات القبلية الحدودية تعني أن السعوديين كانوا يعرفون ماذا يفعلون، لكن النتائج كانت متناقضة".
وتعتقد الصحيفة أن اليمن "بتاريخه الطويل من النزاع خلال نصف القرن الماضي، أثبت أنه من الصعوبة بمكان حكمه. فقد حاولت الإمبراطوريات العثمانية والبريطانية، فيما أدمى اليمن أنف القائد القومي جمال عبد الناصر في الستينيات من القرن الماضي. ووصف الحاكم المراوغ علي عبدالله صالح، الذي حكم اليمن لثلاثة عقود، حكم اليمن بأنه مثل الرقص مع الثعابين، وقد كان واحدا من الحكام الاستبداديين الذين أطاحت بهم الثورات العربية في عام 2011".
ويشير التقرير إلى أن "السعوديين قاموا بالتوسط لصالح، وقد استبدلوه بعبد ربه منصور هادي، نائبه الذي انتخب باستفتاء عام قاطعته جماعتان قويتان، وهما الحراك الجنوبي والحوثيون في الجنوب. ثم جاء الحوار الوطني، الذي قصد منه إنشاء حكومة، ولكنه أظهر عدم ثقة بين الأطراف، وهو ما قاد الحوثيين إلى دخول العاصمة صنعاء في خريف العام الماضي. وبعد الإطاحة بهادي فإنهم تحركوا باتجاه مناطق البحر الأحمر والمناطق الجنوبية نحو ميناء عدن".
وتصف الصحيفة اليمن بأنه "كوكتيل سام يحتوي على عناصر أخرى، فقد بنى فرع تنظيم القاعدة في الجنوب وجودا له في جنوب وشرق البلاد. أما تنظيم الدولة في العراق والشام فقد ظهر هذا الشهر بالتفجير المزدوج، الذي استهدف مسجدا في صنعاء، وقاد الحوثيين إلى طريق الحرب. أما الجيش، المتجذر في القبائل اليمنية، فقد انقسم بين هادي، الذي فرّ من البلاد الأسبوع الماضي، والرئيس صالح المتحالف الآن مع الحوثيين".
ويعلق التقرير على هذا الكوكتيل بالقول: "بالنسبة للسعوديين فإن التحالف الذي جمعوه من أجل التدخل في اليمن يعد هذه العناصر ليست مهمة، مقارنة بالتدخل الإيراني؛ فالخوف من إيران يتزايد بسبب تقدمها في الأرض العربية من خلال وكلائها. وهذا صحيح بعد أن أقامت طهران حضورا لها في بغداد ودمشق وبيروت. ومن خلال تأثيرها على الحوثيين، فصنعاء هي العاصمة الرابعة التي تقع في قبضة إيران. ولأن صنعاء في شبه الجزيرة العربية، فإن دخول إيران إليها اعتبر تجاوزا بعيد المدى".
وترى الصحيفة أن "الحوثيين هم حركة محلية تغذي التصريحات النارية من المتشددين الإيرانيين، الذين يتحدثون عن كون الحوثيين امتدادا (طبيعيا) للثورة الإسلامية، التي قد تصل قريبا السعودية وشرقها، حيث تعيش أقلية شيعية مضطهدة هناك، حالة الرهاب في الرياض. ومع ذلك فلن تغير الغارات الجوية الوضع اليمني المعقد، فيما ستزيد الغارات الجوية من تعقيد الوضع، وكما هو الحال في سوريا وليبيا، فإن الخطوط غير واضحة في اليمن، فقط زيادة في المظالم والخطر الجهادي".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن "الطريقة التي انتشرت فيها الفوضى في المنطقة تبدو من قتال الأمريكيين إلى جانب الإيرانيين في تكريت، فيما يقوم السعوديون بقصف القوى المتحالفة مع إيران في اليمن. وفي حالة توصلت الأطراف المجتمعة حاليا في لوزان إلى اتفاق حول الملف
النووي الإيراني فعلى الولايات المتحدة التحرك بعيدا عنه، وجمع طهران والرياض إلى طاولة المفاوضات. فيجب ألا تنفصل المسألة النووية عن صراع السلطة الطائفي النزعة، الذي يدور في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي".