يشير يعقوب حلبي في تقرير له نشر بموقع "إي 24 نيوز" إلى نظرة العالم للوضع السياسي في
إيران، حيث إن الاعتقاد يسود بخضوعها لنظام أحادي متجانس ومتماسك، في حين يكشف الواقع عن واقع أكثر تعقيدا، إذ لطالما شهدت الساحة السياسية الإيرانية وجود إيديولوجيتين مختلفتين، تناهض الأولى كلا من الغرب والسنة، وتحمل الثانية نفسا إصلاحيا براجماتيا، تنقسم السلطة الإيرانية بمقتضاهما بين المجلس الثوري بزعامة القائد الأعلى علي خامنئي والرئيس المنتخب حسن روحاني وحليفه الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني.
ويذكر التقرير غياب القاسم المشترك بين المجموعتين فيما يخص الأمن القومي ومصالح إيران خلافَ وسائل تحقيق ذلك، الأمر الذي سيؤدي إلى دفع الاتفاق المبدئي الذي عقدته إيران مع دول الخمس زائد واحد، إلى مزيد من التوتر بين الشقين بشأن السياسة الخارجية لإيران مع الغرب والسنة.
فمن ناحية يتفق المحافظون بقيادة علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة، محمد جعفري قائد الحرس الثوري وقاسم سليماني الجنيرال المتصدر لقوات القدس، حول الفكرة المعتقدة بإحاطة إيران بدول سنية وغربية تسعى لإضعافها وقلب نظامها المحافظ، لذا يعُدّ هذا الشق أنَّ من شأن سقوط أحد حلفاء إيران مثل حزب الله بلبنان أَنْ يؤدي إلى تسلسل، يبدأ بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وانتصار السنة على الشيعة في العراق، ما سيتسبب كذلك في انهيار طهران، وقلب النظام الثوري الشيعي.
وفي سياق هذه اللعبة الجيوستراتيجية، يشير التقرير إلى مهمة الجنيرال سليماني في توسيع منطقة نفوذ إيران، وتجنب التسلسل المذكور أعلاه، الأمر الذي يدفع بالاعتقاد في سعي المملكة العربية السعودية إلى تدمير اقتصاد إيران، عبر سعيها لمضاعفة نسبة الاكتفاء من النفط، وعليه الدفع إلى تخفيض ثمن البرميل إلى ما يقارب النصف.
وعليه يؤمن هذا الشق بضرورة امتلاك حراس الثورة الإيرانية لقنبلة نووية، لضمان عدم تدخل الغرب في الشؤون الداخلية لدولتهم، في حين يرى الإصلاحيون أن أمن إيران يرتبط ارتباطا وثيقا بالديمقراطية والانفتاح على الغرب، حيث إن من شأن رفع عقوبات الأمم المتحدة أن ينعش الاقتصاد الوطني.
كما ينوه يعقوب حلبي إلى اختلاف وجهة نظر كل من الشق الإصلاحي والشق الثوري فيما يخص دور الجيش، شفافية المؤسسات الديمقراطية، وضع المرأة ومساواتها مع الرجل، تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة كسوريا والعراق واليمن ولبنان، وعلاقتها مع الغرب.
ويشير حلبي إلى معارضة
الإصلاحيين للمحاولات الممنهجة لتوجيه نتائج الانتخابات الرئاسية، إشارة إلى التلاعب بانتخابات 2009، بغرض الإبقاء على أحمدي نجاد، واللجوء إلى الحرس الثوري، لقمع المظاهرات التي انطلقت احتجاجا على نتائجها، كما يحتج هذا الشق على توظيف قوات القدس للحفاظ على نظام الأسد في سوريا.
يذكر أن مجلس الثورة والحرس الثوري في إيران خاضعان لسلطة البرلمان ورئيس الدولة، ما يجعل رضا الخامنئي وشركائه المحافظين ومصادقة البرلمان على الاتفاق الذي سيبرمه وزير الشؤون الخارجية ضروريين؛ لذلك فمن غير المستغرب أن يعُدّ جواد ظريف هذا الاتفاق سيئا بالنسبة لإيران.
هذا ويذكِّر التقرير برفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهذا الاتفاق، مشددا على تعزيز العقوبات ضد إيران، الأمر الذي يدعم موقف الشق المحافظ بقوة، ويدعم قولهم بكون إيران محاطة بالغرب وإسرائيل والسنة، وتأكيدهم على ضرورة اكتساب قنبلة نووية لحماية دولتهم من تدخل أجنبي محتمل ووارد.
واستنادا إلى ذلك، يمكن لهذه العقوبات أن تدفع إيران إلى تطوير سلاحها النووي من جهة، وتحث المحافظين على الإسراع في عملية تخصيب اليورانيوم من جهة أخرى.
وأخيرا، يختم يعقوب حلبي تقريره بالتنويه إلى ضرورة دعم أوروبا للشق الإصلاحي، والسعي إلى تمكينه من الدعم الشعبي، من خلال تحسين الظروف الاقتصادية في إيران، مع الحرص على الحيلولة دون متابعة المحافظين لتطوير القنبلة النووية فور رفع العقوبات.