يعيش الجنوب
الدمشقي هذه الأيام حالة من الفوضى والترقب بانتظار القادم، فالأحداث الأخيرة في مخيم اليرموك بعد هجوم
تنظيم الدولة، ومحاولته إنهاء وجود كتائب أكناف بيت المقدس التي ترُبط بحركة حماس الفلسطينية، أسفرت عن إعادة توزيع مناطق النفوذ في الجنوب الدمشقي بين الفصائل المختلفة، لا سيما بالنسبة لجبهة
النصرة.
ولتنظيم القاعدة وجود قديم في الجنوب الدمشقي ففي أواخر عام 2011 تأسس فرع جبهة النصرة في جنوب دمشق، ويتحدث الكثير من العسكريين في المنطقة عن زيارة أبو محمد الجولاني زعيم النصرة لهذه الأحياء في تلك الأثناء دون التصريح عن هويته.
التقت "عربي21" مع أحد القادة العسكريين ممن شهدوا بداية تأسيس الفصائل المقاتلة في جنوب دمشق، حيث تحدث عن قيادات تنظيم الدولة في المنطقة.
وقال القائد العسكري: "قائد التنظيم حاليا في جنوب دمشق هو عبد الله طيارة الملقب بأبي صياح فرامة، وهو من منطقة يلدا، كان يعمل سائقا لسيارة قبل الثورة، وسجن مع العائدين من العراق في سجون النظام، ثم خرج في بداية الثورة، وهو شخص أمّي غير متعلم، استلم إمارة النصرة في جنوب دمشق بعد استشهاد أميرها في ذلك الوقت ابو عمر البغدادي ثم بايع تنظيم الدولة، وأصبح أميرا في التنظيم بالمنطقة الجنوبية، وهو شخص مجرم يحب القتل لذلك لقب بفرامة"، حسب تعبيره.
وتابع العسكري حديثه عن باقي وجوه التنظيم، مثل أبي سالم العراقي، وهو شرعي تنظيم الدولة الأول في جنوب دمشق، ويُعتقد أنه الرجل الأقوى ضمن التنظيم في الجنوب، "وهو شخصية يكتنفها الغموض، ولا يوجد عندي معلومات كافية عنه".
وتحدث أيضا عن الشرعي الآخر، حسام الحلبي الملقب بـأبي مجاهد، وهو من سكان حجيرة في دمشق. وكان قائد ما يسمى "شورى المجاهدين" في جنوب دمشق، وعندما جاء التنظيم بايعه، وأصبح شرعيا رئيسيا في المنطقة. وكان قد سُجن في صيدنايا لخمس سنوات، وأثناء استعصاء صيدنايا خرج من بين الذين حجزوا في مهجع ضمن السجن ثم تمت تصفيتهم إلا الحلبي وشخص آخر معه، حيث خرجا من السجن حينها بصفقة مع آصف شوكت، علماً أن مجلس شورى المجاهدين تابع للعراق وكان اسمه شورى المجاهدين، وعندما بايع تنظيم الدولة قامت كل فروعه بمبايعة التنظيم في المناطق التي التي تتواجد فيها.
وبيّن المصدر أن الكثير من العناصر المنتمية لتنظيم الدولة في جنوب دمشق كانت مع النصرة سابقا، وبايعت التنظيم فيما بعد، إضافة للكثير من العناصر التي تعد من بقايا "لواء
الحجر الأسود"، وبقايا "أحفاد الرسول" ممن لهم "تاريخ أسود"، حسب وصف القائد العسكري، قائلا إنهم "كانوا بالأصل لصوصا، والكثير منهم متعاطون للحشيش، لكنهم تستروا بالتنظيم خوفا من الحساب بعد انحلال ألويتهم وملاحقة قياداتهم" وفق قوله.
وأوضح المصدر أن العصبية القبلية الموجودة في منطقة الحجر الأسود ساهمت في كثرة الانضمامات لهؤلاء العناصر، فأغلب المنضمين للتنظيم في الحجر الأسود هم من عشيرة "البحاترة" وقائدهم أبو هشام الخابوري، الذي كان يعمل في البناء، وكان قد شكل كتيبة أنصار الله (الجيش الحر)، وبعدها انضم للنصرة، وحينما تشكل تنظيم الدولة ترك النصرة ليبايع التنظيم.
وأضاف المتحدث هناك أن الكثير من المنضمين للتنظيم عبارة عن منتفعين تم جذبهم بالمال وكثرة التسليح في ظل فقر شديد يخيم على المنطقة، مع ضعف الدعم لباقي الفصائل، حيث يوجد في صفوف التنظيم عناصر من أبناء حي القدم، ويوجد أيضا عناصر من أبناء العاصمة دمشق قتل بعضهم في المعارك الأخيرة باعتراف قادة التنظيم.