أفرجت تونس الخميس عن المدون المعروف ياسين العياري (33 عاما) الذي كان يقضي منذ نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي عقوبة بالسجن ستة أشهر نافذة بتهمة الإساءة إلى الجيش عبر الإنترنت.
وأوضحت عائلة المدون العياري، في تصريحات صحفية، أنها "تقدمت قبل عشرة أيام إلى القضاء بطلب للإفراج عنه بموجب سراح شرطي (مشروط) لأنه أمضى أكثر من نصف العقوبة وليس له سوابق عدلية وكانت سيرته جيدة في السجن".
وقالت إن "قاضي تنفيذ العقوبات، ومدير السجن وافقا على طلبنا إلا أن النيابة العسكرية رفضته دون إعطاء تبرير واستأنفت الطلب الأسبوع الماضي، فقمنا نحن باستئناف (الرفض) الذي نظر فيه القاضي أمس وقرر إطلاق سراح ياسين".
أيمن عبد الرحمن، مدون تونسي، أكد لصحيفة "عربي21" أنه تفاجأ من خبر إطلاق ياسين العياري بعد أسبوع كامل من طلب نظر المحكمة في طلب عائلة ياسين بالسراح الشرطي، الذي سبق أن وافق عليه القاضي ومدير السجن، واستأنفته النيابة لأسباب مجهولة رغم استيفائه لجميع الشروط ودون تقديم تعليل (كما ينص عليه القانون).
وسجل عبد الرحمن، أن "قرار المحكمة إطلاق سراح ياسين بعد قضائه نصف المدة، يعود لسيرته الجيدة وسجله النظيف"، معتبرا أن "القضايا المشابهة لقضية العياري، عادة ما تكون ظرفيتها غامضة من بدايتها إلى نهايتها".
وانتقد الناشط الشاب الذي كان من بين من استقبلوا المدون العياري، "محاكمة مدنيين في قضايا حرية تعبير أمام محاكم عسكرية يكون العسكر فيها طرفا في النزاع، وقاضيا في آن واحد"، مسجلا أن "الأمر مرفوض تماما والدستور الجديد يكفل حريّة التعبير المسؤولة للجميع"، بحسب تعبير عبد الرحمن.
وبخصوص تصريحات ياسين، أشار عبد الرحمن إلى أنها "محل نظر وتقييم، قد لا أشاطره الرأي في طريقة نقده لبعض العسكريين أو المؤسسة العسكرية، لكن لا يرقى ما فعله إلى درجة أن يحاكم من أجله أمام القضاء العسكري".
وختم عبد الرحمن حديثه قائلا: "أنا شخصيا ساندت مختلف قضايا مساجين الرأي، من جابر الماجري مرورا بعزيز عمامي، والآن ياسين العياري وبشكل متواصل قضية أيمن بن عمار".
وشدد على أن "الهدف لم يكن تنزيه المعنيين من أي تجاوزات قد اقترفوها، لكن الوضع العام الذي توجه نحوه القضايا من أجل تعمد تسليط عقوبات أعلى من جنس التجاوز هو تصرف يذكرنا بتاريخ دكتاتوري عشناه لسنين وخلناه مضى".
وكانت المحكمة الابتدائية العسكرية أصدرت في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 حكما غيابيا يقضي بسجن المدون ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل.
ولم يكن العياري يومها موجودا في تونس، إذ يقيم في فرنسا حيث يعمل مهندس معلوماتية بشركة خاصة.
وأوقفت السلطات المدون وأودعته السجن فور عودته من فرنسا يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر 2014، وقد اعترض محاموه في اليوم نفسه على الحكم الغيابي.
وفي 20 كانون الثاني/ يناير 2015 قبلت المحكمة العسكرية الابتدائية اعتراض المحامين وخفضت العقوبة إلى السجن سنة نافذة.
وفي الثالث من آذار/ مارس 2015 خفضت محكمة الاستئناف العسكرية العقوبة إلى السجن ستة أشهر بعد ما استأنف محاموه الحكم الابتدائي.
وأدين العياري بتهمتي "المس من كرامة الجيش الوطني بنشر وإفشاء أحداث تتعلق بالسلطة العسكرية" و"المس من كرامة الجيش بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء"، بحسب نص الاتهام الرسمي.
ووجهت النيابة العامة العسكرية التهمتين إلى العياري على خلفية أربعة نصوص كتبها على صفحته الشخصية في شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بحسب محاميه.
وخلال جلسات محاكمته، قال ياسين في أكثر من مناسبة إن وزير الدفاع السابق غازي الجريبي يقوم بـ"تصفية حسابات شخصية معي" على خلفية انتقاده له على"فيسبوك".
ونددت منظمات حقوقية تونسية وأجنبية بسجن المدون وبمحكامته أمام القضاء العسكري.