احتفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله الأربعاء، بما أسمته "الهزيمة
السعودية في
اليمن"، وأظهرت الصحيفة ابتهاجها وفرحتها في عدد من المقالات والتقارير أبرزتها بعناوين "فاقعة"، وعلى رأسها مقالة رئيس تحرير الصحيفة إبراهيم الأمين الذي عنون لمقالته بـ "آل سعود ينتصرون.. استسلامًا".
ولم يقف الأمر عند إعلان الفرحة بالاستسلام السعودي المزعوم، بل إنه تعداه إلى مناقشة هادئة ومتأنية لـ"الوضع السعوي ما بعد الهزيمة"، ولم يكن آخر العناوين المثيرة "بلاد سبأ.. أسوأ كوابيس آل سعود".
وأثار رئيس تحرير "الأخبار" إبراهيم الأمين في مقالته مجريات الأحداث التي أجبرت السعودية على إعلان وقف "العاصفة" وإعلان استسلام آل سعود، بحسب مصادر الصحيفة المطلعة.
وقال الأمين إن سلسلة من التطورات الميدانية، ألزمت نتيجتها السعودية بقرار وقف العدوان الواسع على اليمن، لكنها لم تقفل الباب على الحرب المفتوحة، ما يجعل قرار وقف الغارات أشبه بهدنة تحتاج إلى توثيق وتثبيت من خلال خطوات ميدانية وسياسية.
ونسب الأمين إلى مصادر واسعة الاطلاع كشفت لصحيفته أن طهران تلقت مؤشرات على نية السعودية توسيع دائرة القصف العشوائي، وتم إحصاء عدد من الضربات الوحشية التي أدت إلى سقوط مدنيين بالعشرات في أكثر من منطقة يمنية.
وزعم أن إرسال إيران قطعا بحرية إلى البحر الأحمر وقبالة خليج عدن أربك الحسابات، وجعل الغرب يقف متخوفا من احتمالية تدخل إيراني في اليمن من شأنه أن يزيد المشهد تعقيدا في المنطقة، وهو ما أدى إلى إجراء اتصالات أمريكية وأوروبية بالإيرانيين لتهدئة الموقف.
وأشار الأمين إلى أن وزير الخارجية الأمريكي اتصل بنظيره الإيراني وطلب منه أن يمهله ساعات حتى الصباح، وسارع للتواصل مع السعودية لأجل وقف الحرب مقابل تعاون في سبيل إطلاق العملية السياسية.
وشدد على أن السعودية بدأت بتنفيذ خطة بديلة تقوم على ممارسة عملية إغراء كبيرة لعدد من قبائل الجنوب، وهي تفترض أن الهدنة سوف تتيح لها القيام بعمل إضافي في هذا المجال في سياق توفير أرضية رافضة للجيش والحوثيين في محافظات الجنوب، من دون إغفال احتمال حصول عملية هدفها تثبيت منطقة تابعة لهم في محافظة حضرموت لأجل نقل الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي للإقامة فيها.
الكاتب الأردني ناهض حتر احتفى في مقالته بالصحيفة، بالتأكيد على أن السعودية هزمت في اليمن، وشرع في مناقشته الهادئة للموقف السعودي بعد الهزيمة، على حد وصفه.
وقال حتر إن "هذه هي الخلاصة الواضحة الجلية، غير القابلة للتأويلات، للعدوان السعودي على الشعب اليمني. انتهى العدوان، بعد أربعة أسابيع من الحقد الأسود، بإعلان وقف "
عاصفة الحزم"، من دون تحقيق أي من أهدافها السياسية؛ لم يركع "أنصار الله" تحت القصف الهمجيّ، ولم تنسحب قواتهم من أي شبرٍ استطاعت السيطرة عليه، ولم يتوقف كفاحها المشروع ضد إرهابيي "القاعدة" في حضرموت وسواها".
ونوه إلى أنه "إذا كان العدوان السعودي الفاشل على اليمن يهدف، على مستوى مباشر، إلى منع الشعب اليمني من الاستقلال، والحيلولة دون الحضور الإيراني ـ الروسي في جوار المملكة، فإن آل سعود، المرعوبين من الاعتراف الغربي بإيران كقوة إقليمية رئيسية، ومن التحالف الإيراني الروسي، سعوا نحو التصعيد مع هذا المحور، في ما سمّوه "عاصفة الحزم". وهي تعكس جنون الرُهاب من التحولات الاستراتيجية الحاصلة على المستويين الإقليمي والدولي"، على حد وصفه.
وختم حتر مقالته بالقول: "سوف يذهب الملك سلمان إلى "كامب ديفيد" ليصغي، جيداً هذه المرة، إلى الإملاءات الأمريكية بشأن أولوية الإصلاح السياسي والثقافي والديني الداخلي؛ فالغرب ـ الذي طالما استخدم الوهابية ومنتجاتها الإرهابية كأداة سياسية في بلادنا ـ أصبح، اليوم، يتحسّس رأسه؛ فالسعودية القديمة ـ الوهّابية ـ الإرهابية، تحوّلت إلى خطر على العالم كله، ولم يعد أمام العالم سوى وضع حدٍّ للصيغة السعودية الفائتة، وتجديد النظام أو الخلاص منه".
أسوأ كوابيس آل سعود
أما الكاتب محمد نزال فقد رأى في مقالته أن اليمن تحولت إلى أسوأ كوابيس آل سعود، مشددا على أنه لا يمكن لأحد إخضاع اليمن. "كان هذا أكثر ما وعاه الملك عبد العزيز آل سعود في "غزواته" قبل أكثر من 80 عاماً. لهذا سيجهد، ومن بعده الملوك والأمراء من أبنائه وأحفاده، إلى تمزيق اليمن وجعله في حالة احتضار دائم طوال العقود الماضية. لطالما خاف آل سعود اليمن ورأوا فيه نقيض وجودهم. أيّ يمن، اليوم، في عين الملك الجديد وولي عهده... وولي ولي عهده؟".
ونوه إلى أن "آل سعود لم يتعاملوا مع اليمن، طوال فترة حكمهم في شبه الجزيرة العربيّة، إلا كمحافظة تابعة لهم، أو، في أحسن الأحوال، كبلد يجب استدامة احتضاره حتى يظلّ ممكناً السيطرة عليه. كان ذلك منذ "غزوات" عبد العزيز ضد "الكفّار" في جزيرة العرب وتأسيسه الدولة السعودية الثالثة. ظلّت هذه السياسة هي الحاكمة في عهود الملوك الذين تعاقبوا من بعده، وصولاً إلى الملك الحالي، سلمان بن عبد العزيز".
وأشار إلى أن اليمن، كان وما زال، زاوية رعب رابضة في الحديقة الخلفية - الجنوبية للسعودية.
وأضاف نزال بحسب إحدى وثائق "ويكيليكس" المسرّبة، يعود تاريخها إلى كانون الأول/ أكتوبر عام 2009، فإن الملك السعودي عبد الله (الراحل) شعر بالغضب لأن طرد المقاتلين "الحوثيين احتاج إلى كل هذا الوقت، وبسبب الخسائر السعودية، وكذلك من عدم برهنة الجيش على تحسن قدرته رغم المليارات التي دفعت لتحديثه في العقود الأخيرة".
وتساءل: "هل غيّرت السعودية من تعاملها مع اليمن، اليوم، في ظل حكم سلمان، وولي عهده مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي عهده محمد بن نايف؟ إنها الحرب المعلنة، المباشرة، هذه المرّة. هذا المتغيّر الوحيد. الذهنية هي هي، واليمن هو ذاته، بؤرة القلق "والمدى الحيوي" المزعج لحكّام بلد يجعل من امرأة تقود سيّارة مجرمة".
ونوه نزال إلى أن "الأمور الآن أصبحت أعقد من ذي قبل، بعدما قويت شوكت "أنصار الله" في اليمن، وانهيار الأحصنة التي كانت تراهن عليها السعودية في اليمن لسنوات طوال، أهمها "حزب الإصلاح" (هو خلطة هجينة من الإخوان والوهابية والانتهازية والزبائنية) وبعض رموز آل الأحمر. يمكن تخيل كثيرين من العائلة الحاكمة في السعودية، هذه الأيام، يبكون مجدهم الضائع في اليمن... رغم أن الجغرافيا تبقى حاكمة"، على حد وصفه.
من جهته، قال علي جاحز في مقالته بالصحيفة، إن "السعودية ترفض الاعتراف بإخفاقها في تحقيق أهدافها على الأرض، كانت جماعة "أنصار الله" تمضي في تغيير خريطة النفوذ والسيطرة العسكرية فيها لمصلحة الجيش و"اللجان الشعبية"، في أبلغ ردٍّ على العدوان. مع انتهاء العمليات العسكرية، باتت الجماعة تسيطر على كل المحافظات اليمنية، باستثناء حضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى، وبعض المناطق في محافظتي مأرب وتعز".