تشن صحف
مصرية مؤيدة لعبد الفتاح
السيسي حملة انتقادات عنيفة على وزارة
الداخلية في هجوم هو الأشرس منذ انقلاب يوليو 2013.
وخلال الأيام القليلة الماضية، خصصت صحف المصري اليوم والدستور سلسلة تحقيقات وتقارير، عن الانتهاكات التي يمارسها ضباط الشرطة بحق المواطنين، وخاصة التعذيب في الأقسام والمقرات الأمنية، واتهامات صريحة لقيادات الداخلية بالتورط في قضايا فساد.
لكن التطور الأبرز كان دخول صحيفة الأهرام الحكومية إلى حلبة
الصراع، حيث نشرت السبت الماضي ملفا حمل انتقادات حادة للداخلية بشكل غير مسبوق.
الموت بالتعذيب أو الاختناق
وانتقدت الأهرام التعذيب وسوء المعاملة والتكدس في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، في ملف نشرته بعنوان "في أقسام الشرطة.. من لم يمت بالتعذيب مات بالاختناق".
وقالت الصحيفة إن الإنسان أصبح أرخص المخلوقات داخل أقسام الشرطة، مشيرة إلى أن العشرات من المحتجزين الأبرياء يموتون تحت التعذيب الممنهج، أو يلقون حتفهم اختناقا بسبب التكدس الشديد داخل أماكن الاحتجاز".
وقبل بضعة أيام، تسبب ملف مشابه نشرته صحيفة المصري اليوم الخاصة تحت عنوان: "ثقوب في البدلة الميري" في أزمة بين الصحيفة ووزارة الداخلية التي رفعت دعوى أمام النائب العام، تتهم فيها رئيس التحرير وأربعة محررين بالسب والقذف وتعمد تشويه جهاز الشرطة.
وردت المصري اليوم على الداخلية بوقفة أمام نقابة الصحفيين الخميس الماضي، ردد خلالها عدد من الصحفيين هتافات منددة بممارسات الشرطة، واتهموها بالإرهاب، في مشهد لم يعد معتادا في مصر خلال العامين الأخيرين ،حيث لا يخرج في احتجاجات ضد الداخلية إلا مناهضو الانقلاب.
وسبق "المصري اليوم" هجوم مماثل شنته صحيفة "الدستور"، المملوكة لرجل الأعمال رضا إداورد، في أعداد متتالية، وهو الأمر الذي أجبر الداخلية على اعتقال أحد الصحفيين المشاركين في تحرير الملف.
ودخل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على خط الهجوم على الداخلية، حيث أكد تلقيه تهديدات من قيادات في الداخلية بسبب فتحه ملفات فساد ضدهم.
وأكد جنينة - في تصريحات تلفزيونية - أنه سيقاضي كل من شارك في تشويه صورته واتهامه بالانتماء لجماعة الإخوان، مشيراً إلى أن من بين من هددوه اللواء خالد ثروت رئيس قطاع الأمن الوطني السابق.
علامات استفهام
وأثار هذا التطور الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب التي تدفع
الإعلام الموالي بشكل شبه كامل للانقلاب وقائده لمهاجمة الداخلية، بعدما كان يدعمها بشكل كبير لما يقارب العامين.
وبينما يملك الصحف الخاصة في مصر مجموعة من رجال الأعمال الذين تحركهم مصالحهم الاقتصادية في المقام الأول، ترجع ملكية الصحف القومية في مصر - ومن بينها الأهرام - إلى الدولة المصرية ويتحكم النظام في كل صغيرة وكبيرة فيها.
ويرى مراقبون أن هذه التغيرات الدراماتيكية في معسكر الانقلاب، تعكس صراعا متزايدا بين أجنحة نظام السيسي، خاصة في ظل الفشل المتواصل لقائد الانقلاب في تقديم أي إنجاز يقلل من السخط الشعبي عليه، ويرمم شعبيته المتآكلة.
وما يثير الاستغراب أكثر في هذه الحملة - أيضا - أنها جاءت بعد أسابيع قليلة من تعيين وزير جديد للداخلية، هو اللواء مجدي عبد الغفار خلفا للواء محمد إبراهيم، الذي تولى هذا المنصب قبل الانقلاب وكان شريكا أساسيا فيه، وساهم في كثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان وعلى رأسها مذبحة رابعة.
وربط مراقبون بين تزايد حدة الانتقادات للداخلية وتولي عبد الغفار منصب الوزير، حيث أشاروا إلى وجود صراعات داخل الوزارة بين رجال الوزير القديم والفريق الجديد، الذي أتى به عبد الغفار على رأس المناصب القيادية في الداخلية.
اتهامات كاذبة
من جهتها أبدت وزارة الداخلية تحفظها على الملف واعتبرته اتهامات "كاذبة"، وأعلنت تحفظها على توقيت إثارة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في وسائل الإعلام في هذا التوقيت.
وأكدت الوزارة - في بيان لها تلقت "عربي21" نسخة منه - أن هذه التقارير تتضمن أخبارا مشبوهة ويقف وراءها دوافع غير وطنية.
وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث السابق باسم الداخلية - في تصريحات تلفزيونية الأسبوع الماضي - إن الحملة التي تشنها صحيفة الدستور على وزارة الداخلية غير مهنية أو موضوعية، موضحا أن سببها خلاف بين أحد أبناء مالك الصحيفة وأحد ضباط الشرطة.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية تقدمت ببلاغ إلى النائب العام ضد صحيفة الدستور، واتهمتها بتشويه صورتها.