ذكرت صحيفة "الغارديان" في تقرير للمحلل مارتن شولوف، حول سقوط بلدة
جسر الشغور بيد تحالف من قوى المعارضة تحت اسم "جيش الفتح"، أنه في حزيران/ يونيو عام 2011، عندما قام النظام بعملية قمع في المدينة، اعتبرها الناشطون الداعمون له أنها علامة قوة.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أنه بعد أربعة أعوام، ينظر إلى استسلام القوات التابعة للنظام وانسحابها من البلدة ذاتها على أنه علامة ضعف لرئيس النظام السوري بشار
الأسد.
وتبين الصحيفة أن استسلام قوات النظام السريع، بعد 48 ساعة من القتال، يأتي بعد خسارته بلدة إدلب في أوائل شهر نيسان/ إبريل الحالي. وهزمت قوات النظام في مواقع أخرى من حلب والجنوب، وحول العاصمة دمشق.
ويجد الكاتب أنه في جانب آخر، فإن قوات المعارضة، التي نظر إليها على أنها جماعات قد تلاشت وانتهت؛ بسبب الضربات التي تعرضت لها من النظام وتنظيم الدولة، قد حققت تقدما في الآونة الأخيرة، وعززت من مكاسبها في شمال وغرب
سوريا، بدرجة أصبحت على مسافة قريبة من الشاطئ الذي يعد معقل النظام السوري.
وتنقل الصحيفة عن السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد، قوله: "على الرغم من التقديرات المستمرة من أن وضع الأسد آمن، فإن الحقيقة هي أن الحرب في سوريا هي حرب استنزاف". وأضاف أن "نظام الأقليات لا يعمر طويلا في حروب الاستنزاف".
ويلفت التقرير إلى أن حالة النهوض التي تشهدها المعارضة تأتي بعد فترة ظهرت فيها مشتتة، وتعاني من اقتتال، وهو ما سمح للنظام بالنصر والشعور بأنه يملك القرار في ساحة المعركة. ولكن حالة الانتعاش التي تعيشها المعارضة سمحت لها بالتقدم في حلب، والدفع نحو حماة، التي تعد ثالث كبرى المدن السورية.
ويرى شولوف أن تزايد حظوظ المعارضة جاءت بعد التقارب التركي السعودي. فقد كانت الرياض تنظر بعين الشك لدعم أنقرة للإخوان المسلمين، التي رأت فيهم جماعة تخريبية في
السعودية، وأنهم المستفيدون من الثورات العربية.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مسؤول بارز في المعارضة السورية، قوله: "هذا كله تغير الآن، فقد نحوا خلافاتهم جانبا، ولم يعد السعوديون مهتمين، كما في السابق، بالجماعات التي تنتصر طالما لم تكن تنظيم الدولة، وأقنعوا كل طرف مشارك في الحرب السورية بأن العدو الحقيقي هو إيران".
ويضيف المسؤول السوري: "أنسب التقدم إلى كلمة واحدة وهي (تي أو دبليو: صواريخ مضادة للدبابات)، فقد زودت السعودية المقاتلين بصواريخ موجهة مضادة للدبابات، التي تركت أثرها المدمر على الدبابات السورية"، بحسب الصحيفة.
وينوه الكاتب إلى أن الولايات المتحدة كانت قد زودت مجموعات مختارة من المقاتلين بأسلحة ثقيلة، لكن جبهة النصرة قامت بهزيمتها نهاية العام الماضي. ومنذ تلك الفترة فقد تقدمت السعودية، وأكدت على الانضباط والوحدة. ويقول مهرب سلاح: "لم نشاهد إلا مستوى قليلا من الاقتتال الداخلي".
ويورد التقرير أن جماعتي جبهة النصرة وأحرار الشام، اللتين تلقيان دعما من
تركيا، تؤديان دورا مهما في الإنجازات الأخيرة. وكانتا أول من زعم السيطرة على جسر الشغور، رغم أنهما تتشاركان مع عدد من الجماعات المعتدلة الأخرى. ويقول مواطن من جسر الشغور: "هناك مقاتلون من جماعات معارضة عادية، وهم أقوياء، لكن الجهاديين أقوى".
وتوضح الصحيفة أن تركيا كانت قد قررت في عام 2011، وبعد القمع الذي مارسه النظام السوري، الوقوف إلى جانب المعارضة. فقد أدت عملية القمع إلى تدفق أكثر من عشرة آلاف لاجئ إلى الأراضي التركية.
وجاء في التقرير أن التغير المفاجئ في الوضع الحربي، وانهيار القوات السورية في مناطق مهمة للنظام، وضعا مناطق الساحل أمام هجمات محتملة، ويبدو أن الحل السياسي بعيد الآن.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط قال: "لن يتمكن الأسد من التمسك بالسلطة، ولكن انفصاله عن الواقع سيقوده إلى تدمير ما تبقى من سوريا، وأعتقد أن الوقت قد تأخر على ما يعرف بالحل السياسي".