نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لجوناثان كوك، حول الجهود التي يبذلها ناشطون ومسؤولون في الأمم المتحدة لوضع
إسرائيل على قائمة الدول التي تنتهك حقوق
الأطفال ولأول مرة.
يقول كوك في تقريره، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن الجماعات المناصرة للفلسطينيين لجأت مؤخرا إلى مواقع التواصل الاجتماعي للضغط على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لتضمين اسم إسرائيل في "قائمة العار"؛ كونها مرتكبة للانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال، وذلك لأول مرة في تاريخ القائمة التي تنشر سنويا.
ويشير التقرير إلى أنه تم إطلاق الحملة، التي ستتوج بتسليم العريضة الإلكترونية، إلى مكتب بان كي مون في 7 أيار/ مايو، بعد أن كانت هناك مؤشرات بأن إسرائيل تبذل ضغوطا كبيرة على مسؤولي الأمم المتحدة كي لا تدرج في القائمة. وسيقوم مكتب بان بإعلان القائمة في الأسابيع المقبلة.
وقال مصدر في الأمم المتحدة لـ "ميدل إيست آي" إن مستشاري بان كي مون الرئيسيين أشاروا عليه بوضع اسم
جيش الاحتلال الإسرائيلي في القائمة؛ كونه مرتكبا للانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال. وقد اشترط المصدر عدم ذكر اسمه للحساسية الدبلوماسية للموضوع.
ويبين كوك أن هذا ما سيضع جيش الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة في القائمة ذاتها التي فيها مجموعات مثل تنظيم الدولة وطالبان وتنظيم القاعدة، ما سيدفع بإسرائيل أكثر نحو العزلة الدولية.
ويوضح الموقع أن عدد المؤيدين لإسرائيل قد تضاءل بمحاولتها منع الفلسطينيين من الحصول على اعتراف أممي بدولة خاصة بهم، أو الانضمام إلى المؤسسات الأممية مثل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وتدهورت العلاقات مع البيت الأبيض في الفترة الأخيرة إلى الحضيض.
وينقل التقرير عن المصدر ذاته قوله إن القرار أصبح لا مفر منه تقريبا، بعد النتائج التي توصل إليها مؤخرا تحقيق الأمم المتحدة في حرب إسرائيل على
غزة الصيف الماضي، التي ذهب ضحيتها أكثر من 500 طفل فلسطيني، وأصيب أكثر من 3300 طفل آخر.
ويذكر الكاتب أن التحقيق توصل إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف ست مدارس تابعة للأمم المتحدة، حيث لجأ مدنيون إليها، بينهم أطفال، مع أن الأمم المتحدة أخبرت الجيش الإسرائيلي بمواقع تلك المدارس مقدما. وقد وصف بان تلك الهجمات، التي قتلت 44 طفلا وجرحت 227، بأنها: "مسألة في منتهى الخطورة".
ويلفت الموقع إلى أن قتل وجرح الأطفال على نطاق واسع، والغارات على المدارس، كانا من دوافع تضمين إسرائيل في قائمة رقابة الأمم المتحدة لحقوق الأطفال في مناطق النزاع في العالم، التي بدأت المنظمة بإعدادها سنويا قبل عشر سنوات.
تهديد الموظفين
ويستدرك كوك بأنه لا يزال هناك تخوف لدى الأمم المتحدة وخبراء حقوق الأطفال من أنه وبالرغم من الأدلة ضد إسرائيل، إلا أن هناك ضغطا سياسيا من إسرائيل والولايات المتحدة لضمان عدم إدراج جيش الاحتلال الإسرائيلي في القائمة.
ويورد التقرير أن من مؤشرات قلق إسرائيل احتجاج مسؤوليها بشدة في شهر شباط/ فبراير الماضي، عندما كان موظفو الأمم المتحدة في القدس يعتزمون المصادقة على توصية للأمم المتحدة في نيويورك بأن تدرج إسرائيل في القائمة، وتم إلغاء الاجتماع في آخر لحظة.
وقد اشتكى أحد مسؤولي الأمم المتحدة للسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة رون بروسر تهديد موظفي الأمم المتحدة في القدس، بحسب تقرير في صحيفة "الغارديان".
وينقل الموقع عن المسؤول الأممي قوله إنه بالرغم من التدخل الإسرائيلي، فإن الموظفين في القدس ومستشاري بان في نيويورك قرروا بأن الأدلة ضد إسرائيل قوية جدا.
وقال القانوني المتخصص بمعاملة إسرائيل للأطفال جيرارد هورتون: "إن كانت هناك توصية لبان كي مون بهذا الشأن، فإن الضغط عليه سيكون كبيرا، فعندما تصل الأمور إلى نيويورك تصبح مسيسة بشكل كبير".
وأضاف للموقع: "إن أمريكا تدفع نصيبا كبيرا من ميزانية الأمم المتحدة، وليس بإمكان مسؤوليها إهمال رغباتها، وإن كان مسؤولو الأمم المتحدة يرغبون في مساعدة أطفال أفريقيا والعراق فعليهم أن يسألوا أنفسهم إن كان الأمر يستحق المغامرة بكل شيء للاختلاف حول إسرائيل".
وينوه التقرير إلى أن الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي قاموا بتكوين مجموعة سموها (
Palkids) لمحاولة تشكيل ضغط على بان. وتقول إحدى المنظمات للحملة، أريانة لوف: "نأمل بأن توضع إسرائيل على القائمة، فهذا سيبدأ عملية مقاطعة مؤثرة على إسرائيل من المجتمع الدولي".
سمعة الأمم المتحدة في الميزان
ويورد كوك قول المصدر الأممي إنه إذا رفض بان وضع إسرائيل على القائمة، فسيكون رفضه لتوصيات فريقه في نيويورك، الذي يعمل في موضوع الأطفال في مناطق الصراع المسلح وترأسه ليلي زروقي، أمرا غير مسبوق.
وقال المصدر للموقع: "لم يسبق للأمين العام أن رفض توصية بالإدراج على القائمة، لذا سيكون من الصعب عليه أن يفعل ذلك الآن، ويحتفظ في الوقت ذاته بمصداقية الأمم المتحدة في الشرق الأوسط".
وحولت متحدثة باسم اليونيسيف في القدس الأسئلة كلها إلى نيويورك قائلة إن الأمر "سري".
ويكشف التقرير عن أن مكتب بان قال إن القائمة ستنشر في حزيران/ يونيو، ولكنه رفض التصريح أي البلدان ستكون موجودة في القائمة، أو إن كانت إسرائيل حاولت الضغط على الأمين العام أم لا.
ويشير كوك إلى أن مسؤولين قالوا للأمم المتحدة إن على بان أن يأخذ بعين الاعتبار تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المزمع تسليمه عن الحرب الإسرائيلية على غزة، والمتوقع أن يكون فيه انتقاد لاذع للعملية التي استمرت 50 يوما، وما نتج عنها من خسائر في صفوف المدنيين.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تشجب إسرائيل دائما، وآخر مرة حين كان الأمر يتعلق بوضع المرأة. ولكن إسرائيل وأمريكا ترفضان تلك النتائج دائما، وتؤكدان أنها دعاية حزبية.
ويجد الكاتب أن إدراج إسرائيل في القائمة، التي تحظى بدعم ضمني من مجلس الأمن، الذي أنشأ لجنة رقابة حقوق الأطفال في مناطق النزاع، سيحمل وزنا أكبر بكثير من تقارير لجان حقوق الإنسان.
ويرى هورتون، مؤسس منظمة "ميليتري كورت واتش"، التي تهتم بسجن إسرائيل للأطفال الفلسطينيين، أن انزعاج الدول الغربية من إسرائيل بسبب تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي قال فيها إنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية قد تجعلها تسمح لبان بأن يعاقب إسرائيل، بحسب الموقع.
ويذهب التقرير إلى أن الأمم المتحدة قامت منذ 2005 بمراقبة 23 صراعا لرصد
الانتهاكات الفظيعة لحقوق الأطفال، بما في ذلك القتل والتشويه والاختطاف والاعتداء الجنسي، والاعتداء على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وتجنيد الأطفال.
ويورد الموقع أن الأمين العام يقوم بنشر التقرير السنوي في الصراعات كلها، ويبرز أكبر الانتهاكات لحقوق الأطفال، ولكن جيش الاحتلال الإسرائيلي نجا إلى الآن من إدراجه في "قائمة العار".
ويبين كوك أنه في تقرير العام الماضي تمت تسمية 52 جهة، مثل أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وميانمار والصومال وجنوب السودان والسودان وسوريا واليمن وغيرها.
ويرى الكاتب أنه بالرغم من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يدرج في ذلك التقرير، كونه واحدا من أكثر الجهات انتهاكا لحقوق الأطفال، إلا أنه قد تم انتقاده لارتكاب تجاوزات لحقوق الأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك أفعال تقود إلى الإصابة والاعتقالات الليلية والمعاملة الفظة والمهينة خلال التحقيق، والتهديد بالاعتداءات الجنسية، والتحويل إلى السجون الإسرائيلية، والهجوم على المدارس، ومنع مرضى غزة من الحصول على العلاج في المستشفيات.
ويتناول التقرير قيام مجموعة من الجنود الإسرائيليين هذا الاسبوع بكسر الصمت، ونشر شهادات لجنود خدموا في غزة، وقال كثير منهم إنهم تلقوا الأوامر ذاتها من قياداتهم، وهي: إطلاق النار على كل فلسطيني، سواء كان مسلحا أو غير مسلح في المناطق التي تعدها إسرائيل مناطق قتال.
ويحتم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول رقيب أول في الجيش الإسرائيلي: "إن التعليمات هي إطلاق النار فورا، بمجرد رؤيتك شخصا، سواء كان مسلحا أو غير مسلح، وبغض النظر عن الظرف. الأوامر واضحة جدا، أطلق النار بهدف القتل على أي شخص يصادفك وتراه بعينيك، إنها تعليمات صريحة".