استعد آلاف من قوات الحشد الشعبي الشيعية الاثنين لقتال
تنظيم الدولة الذين استولوا على مدينة
الرمادي العراقية في مطلع الأسبوع في أكبر هزيمة للحكومة العراقية منذ منتصف 2014.
وقال شهود عيان وضابط في الجيش العراقي إن رتلا من ثلاثة آلاف من قوات الحشد الشعبي تجمعوا في قاعدة عسكرية قرب الرمادي استعدادا لمهاجمة مقاتلي الدولة الذين تقدموا في عربات مدرعة من المدينة صوب القاعدة.
ووقع رئيس الوزراء حيدر
العبادي على الأمر بنشر مقاتلي الحشد الشعبي
الشيعة في محاولة لاستعادة المدينة التي يغلب على سكانها السنة، وهي خطوة قد تزيد من إثارة التوتر الطائفي في أحد أكثر المناطق عنفا في العراق.
لكن واشنطن -التي تقود حملة من الضربات الجوية لدحر تقدم الدولة وتكافح من أجل إعادة بناء الجيش المنهار في بغداد- هونت من أهمية انتكاسة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الاثنين إنه "واثق من استرداد مدينة الرمادي من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في الأسابيع القادمة".
وأضاف كيري في مؤتمر صحفي في سول عاصمة كوريا الجنوبية أن "الرمادي كانت هدفا يمثل فرصة للمتشددين".
وتابع: "أنا على يقين من أن هذا الوضع سيتغير مع إعادة انتشار القوات وبمرور الأيام في الأسابيع المقبلة، أنا واثق تماما من أن هذا سيتغير في الأيام القادمة."
وأقرت الولايات المتحدة -التي تنفذ ضربات جوية على مواقع للدولة منذ آب/ أغسطس الماضي، وأرسلت مستشارين وأسلحة لإعادة بناء الجيش العراقي- بأن سقوط الرمادي يمثل انتكاسة، لكنها قالت إنها لن تغير استراتيجيتها.
وكثف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضرباته الجوية لمقاتلي الدولة، وقال متحدث باسم التحالف: "إن عدد الضربات بلغ 19 قرب الرمادي خلال اثنتين وسبعين ساعة الماضية، وإن الضربات نفذت بطلب من قوات الأمن العراقية".
وقال الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون): "استنتاج أكثر مما ينبغي من هذه المعركة المنفردة هو ببساطة خطأ."
وأضاف: "ما يعنيه هذا بالنسبة لاستراتيجيتنا، ما يعنيه بالنسبة لليوم هو ببساطة أننا أعني التحالف وشركاءنا العراقيين-علينا الآن العودة واستعادة الرمادي."
وصدر الأمر للمقاتلين الشيعة بالتعبئة بعد أن اجتاح مقاتلو الدولة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار الأحد.
وتعطي قوات الحشد الشعبي الحكومة قدرة أكبر على شن هجوم مضاد، لكن مشاركتها في الهجوم قد تثير العداء الطائفي في إحدى أكثر مناطق العراق عنفا.
وقال صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار: "إن قوات الحشد الشعبي وصلت إلى قاعدة الحبانية، وتقف الآن على أهبة الاستعداد".
وقال المجلس إن قوات الحشد الشعبي مجهزة تجهيزا كاملا وعالية القدرات.
وقال شاهد عيان إنه رأى طابورا طويلا من العربات المدرعة والشاحنات المزودة ببنادق آلية وقذائف صاروخية، وقد رفعت عليها الرايات الصفراء الخاصة بكتائب حزب الله، وهي أحد فصائل قوات الحشد الشعبي متجهة إلى القاعدة التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن الرمادي.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 25 ألف شخص فروا من مدينة الرمادي العراقية بعد هجوم الدولة عليها، وإن أغلبهم اتجهوا صوب بغداد.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق إن المنظمة الدولية ووكالات مساعدات أخرى بدأت توزيع الغذاء والمياه والإمدادات الطبية ونصب مخيمات ومراحيض مؤقتة.
ومن المعتقد أن الفارين يهربون للمرة الثانية أمام هجوم للتنظيم بعدما كانوا ضمن 130 ألف شخص فروا من المدينة الواقعة في غرب العراق في نيسان/ ابريل.
وذكر متحدثون بأسماء فصائل قوات الحشد الشعبي أن الاستطلاع والتخطيط جاريان لما سموها "معركة الأنبار"، في إشارة إلى المحافظة الشاسعة التي تقع في وادي نهر الفرات، والتي خاضت فيها القوات الأمريكية أكبر المعارك خلال احتلالها للعراق الذي استمر 11 عاما.
وقال متحدث باسم محافظ الأنبار إن 500 شخص قتلوا في معارك الرمادي في الأيام القليلة الماضية، وإن ما يتراوح بين ستة آلاف وثمانية آلاف فروا من المدينة.
وقال تنظيم الدولة إنه استولى على دبابات وقتل عشرات "المرتدين"، وهو الوصف الذي يطلقه على قوات الأمن العراقية.
وقال شاهد عيان في الرمادي إن جثث رجال الشرطة والجيش ممددة في جميع الشوارع تقريبا بالقرب من العربات العسكرية المحترقة.
ويمثل سقوط المدينة انتكاسة كبيرة للقوات التي تحارب تنظيم الدولة، وهو تحالف تقوده الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية المدعومة من مسلحي الحشد الشعبي المدعومين من إيران.
وكان سقوطها تذكيرا قاسيا بالواقع للولايات المتحدة التي نفذت قواتها الخاصة غارة ناجحة مطلع الأسبوع في سوريا قالت إنها قتلت خلالها قياديا في الدولة يتولى المسؤولية عن مبيعات النفط والغاز لحساب التنظيم في السوق السوداء، وألقت القبض على زوجته.
استردت قوات الأمن العراقية وقوات الحشد الشعبي تكريت الواقعة في وادي نهر دجلة ومسقط رأس صدام حسين من أيدي مقاتلي الدولة قبل ستة أسابيع في أكبر تقدم لها منذ اجتياح التنظيم لشمال العراق العام الماضي.
لكن القوات الحكومية لم تحقق الكثير من النجاح في وادي نهر الفرات غربي بغداد.
وقال ضابط في الجيش العراقي غادر الرمادي إن أوامر صدرت للقوات بإعادة تجميع صفوفها، لكن الجنود مستنزفون ومعنوياتهم منخفضة.
ويرى بعض المحللين أن سقوط الرمادي يوضح نقاط ضعف الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في الضربات الجوية وترك القتال البري للقوات الحكومية المدعومة من قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية.
وقال حسن حسن، وهو مؤلف كتاب عن الدولة: " إن الأمريكيين يقولون إنهم ينفذون ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكن الجماعة هزمت القوات الحكومية بعد ذلك".
وأضاف أن "ذلك يوضح أن الأمريكيين يحتاجون حقا إلى وضع إستراتيجية جديدة كاملة، وأن يقاتلوا بأنفسهم".
وقال مسؤولون أمريكيون إنه "لن يطرأ أي تغيير على استراتيجية الولايات المتحدة، وإن مسؤولية دحر الدولة الإسلامية تقع كلية على عاتق القوات العراقية".
وقال المتحدث باسم البنتاجون: "سنستعيدها بنفس الطريقة التي نستعيد بها ببطء، ولكن بثبات أجزاء أخرى من العراق، وهذا بمساعدة القوات البرية العراقية والقوة الجوية للتحالف."
وقال قاسم الفهداوي الوزير بالحكومة العراقية إن القوات العراقية تفتقر للمهنية والتدريب والانضباط للصمود أمام عدد أصغر من مقاتلي الدولة الإسلامية المهرة.
وبينما حثت الحكومة في بغداد العشائر السنية في الأنبار على قبول المساعدة من قوات الحشد الشعبي ضد الدولة، يرى الكثير من السنة أن المقاتلين الشيعة يمثلون تهديد أسوا من الدولة التي تقول إنها تدافع عن السنة في وجه المسلحين الشيعة.
لكن بعض عشائر الأنبار تخشى نمط الحكم القاسي الذي تطبقه الدولة لدرجة أنها مستعدة لقبول دور للقوات الشيعية المكروهة.
وعبر عن ذلك أحد الشيوخ قائلا إن هناك شكا في قوات الحشد الشعبي، لكنه يرحب في المرحلة الحالية بأي قوات تأتي لتحرير العشائر من الدولة.
وقال علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني السابق: "إن بلاده مستعدة لمساعدة العراق على التصدي للدولة الإسلامية"، مشددا على "ثقته بأن المدينة ستحرر".
ويسيطر تنظيم الدولة الذي خرج من عباءة تنظيم القاعدة على أجزاء واسعة من العراق وسوريا أقامت فيها ما تصفها بالخلافة الإسلامية، وقتلت كثيرا من أتباع الديانات الأخرى، كما قطعت رؤوس رعايا
غربيين وآسيويين وعرب.