يشكل سقوط مدينة
الرمادي في قبضة
تنظيم الدولة نكسة كبرى في
الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة
الجهاديين، كما أنه يثير شكوكا حول قدرة القوات
العراقية على التغلب على الجهاديين.
وتمكن مقاتلو تنظيم الدولة من السيطرة على الرمادي مركز محافظة الأنبار غرب العراق، بالرغم من حملة الغارات الجوية اليومية التي يشنها الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة منذ عشرة أشهر، وجهوده المكثفة منذ العام الماضي من أجل تسليح وتدريب القوات الحكومية وقوات "الحشد الشعبي".
وسدد سقوط المدينة ضربة للجهود التي بذلتها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعدما أكد القادة العسكريون الأمريكيون أن تنظيم الدولة في تراجع على الأرض.
وأقر البنتاغون الاثنين بأن سقوط الرمادي يشكل "انتكاسة" في حملة مكافحة الجهاديين، ولو أن المدينة لا تعتبر استراتيجية من الناحية العسكرية.
وأعلن المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيفن وارن، أنه "قلنا على الدوام بأنه ستكون هناك عمليات كر وفر، وانتصارات وانتكاسات، وما حصل انتكاسة"، مضيفا في الوقت نفسه أن القوات العراقية "ستستعيد" المدينة.
ولطالما قلل البنتاغون من الأهمية العسكرية لمدينة الرمادي التي كانت المعارك تجري منذ 18 شهرا من أجل السيطرة عليها بين الجهاديين والقوات الحكومية العراقية.
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال مارتن دمبسي، أوضح في منتصف نيسان/ أبريل، أنه "أفضل ألا تسقط الرمادي، لكنها لن تكون نهاية الحملة ضد تنظيم الدولة إن سقطت"، مشيرا إلى أن مصفاة بيجي شمالي بغداد التي تتعرض لهجمات ضارية من الجهاديين لها قيمة استراتيجية أكبر.
ويأتي سقوط الرمادي في وقت يردد فيه البنتاغون يوميا أن الجهاديين "في موقع دفاعي".
وقالت إيلن ليبسون رئيسة مجموعة ستيمسون سنتر للدراسات، إن "ما يثير أكبر قدر من القلق هو قرب الرمادي من بغداد وكون القوات العراقية عاجزة عن ضمان أمن المحاور" المؤدية إلى العاصمة.
وأضافت أن "الأحداث اتخذت مجرى خطيرا جدا، أقله على المدى القريب".
وقالت زينب العصام الخبيرة في مجموعة "آي إتش إس" للأبحاث الاستراتيجية إن "سقوط الرمادي والمحاولات التي يرجح أن يقوم بها تنظيم الدولة لشن هجمات نحو بغداد وكربلاء، كل ذلك سيضعف مصداقية الحكومة العراقية المتدنية أساسا".
ومع تراجع القوات العراقية، تبرز إلى الصدارة الفصائل الشيعية التي استغاثت بها حكومة بغداد غير أن واشنطن تنظر بريبة إلى تدخلها.
وقال الكولونيل ستيفن وارن الاثنين، إن "الفصائل لديها دور تلعبه طالما أنها تحت سيطرة الحكومة العراقية".
وقالت إيلن ليبسون، إن تدخل الفصائل "قد يكون مقلقا لكننا لا نملك حتى الآن معلومات تمكننا من الحكم" عليها، مضيفة أنه "لا نعرف بعد ما إذا كانت الفصائل الشيعية ستتحرك بشكل مستقل أم أنها ستساند فعلا القوات العراقية".
وقال مايكل نايتس من مجموعة واشنطن أنستيتيوت للدراسات: "هناك أمثلة لسكان من محافظة الأنبار يقبلون بدعم الفصائل الشيعية" ما دامت "لا تذهب أبعد مما ينبغي".
وهو يرى أن قرب الرمادي من العاصمة العراقية يحتم في مطلق الأحوال على حكومة بغداد شن هجوم مضاد.
ورأى أن القوات العراقية "ستتقدم من جديد في الجزء الأكبر من المدينة بشكل سريع على حد اعتقادي خلال الأسابيع المقبلة".
غير أن جيم فيليبس من مجموعة "هيريتاج فاونديشن" المحافظة للدراسات اعتبر أن سقوط الرمادي "نذير شؤم للخطط العراقية والأمريكية لاستعادة الموصل" كبرى مدن شمال العراق والتي تشكل استعادتها من الجهاديين الهدف الأكبر للائتلاف.
ورأى أن سقوط الرمادي "نكسة كبرى لإدارة أوباما وللحكومة العراقية".