قضايا وآراء

ماذا بعد لقاء الجولاني مع منصور

1300x600
اليوم، وبعد كلمة الجولاني بالأمس، فإن المشهد بات أكثر تعقيدا، فالنصرة تحاول إمساك العصا من المنتصف، فلا هي أرضت الغرب ولا الشرق، ولا هي تستطيع التمازج مع الموجود على الساحة من تيارات الجيش الحر المختلفة ومتعددة الأجندات والداعمين، وهي كذلك لم تنجح كثيرا في مسألة طمأنة الأقليات.

الأمر الأخطر في كل ما باح به الجولاني هو مسألة العفو عن العلويين الذين سيتخلون عن النظام، وهذه المسألة بحد ذاتها معقدة ومتشعبة في آن معا، وقد تتسبب في انشقاق الكثير من عناصر الجبهة، وبالتالي انفراط عقدها لصالح ما هو موجود على الساحة، ناهيكم عن عدم قبول الكثير من الفصائل بهذا الأمر، فجرائم العلويين كبيرة، وفي رقابهم ثارات مع كل مدينة وقرية سورية. 

نحن السوريين الثائرين على ظلم النظام المجرم لشعبنا نؤمن ونوقن بحكم الله عز وجل بأنه "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، لكننا مؤمنون أيضا بأنه لا بد من محاسبة القتلة والمجرمين من أي طائفة أو ملة كانوا، بل ومصرون على ذلك. وبالتالي، فإن المسامحة لا تنطبق على عشرات الألوف من أبناء الطائفة النصيرية.
 
برأيي المتواضع، ومن خلال متابعتي لمجريات الأحداث، فإن الكرة باتت الآن في ملعب النصرة، وكل شيء متوقف على أجندتها المستقبلية، وما إذا كانت تفكر في المشاركة في حكم سورية بعد زوال الطاغية، لا بل نوع وطبيعة المشاركة والحكم، فهل ستقبل بنظام ديمقراطي بتوجه إسلامي أم أن مشروعها يسير باتجاه إقامة دولة إسلامية، وهو ما فهمته من حديث الجولاني بالأمس، وهو ما سيحتم على النصرة مواجهة كافة أعداء مشروع الدولة الإسلامية لاحقا بعد أن يلبسوها لقب الخوارج. 

الجولاني وقيادات النصرة ليسوا بحاجة لمن يذكرهم بقول الله عزل وجل: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. 

لا شك أن جبهة النصرة مقبلة على فترة صعبة من التحديات، وستكون مجبرة على انتهاج خطين لا ثالث لهما، فإما الاستمرار على النهج الذي سارت عليه بلا مجاملات أو صفقات على حساب الدماء التي سالت، وإما التخلي عن عقيدتها التي نشأت عليها، وبالتالي التحول إلى فصيل من الفصائل الأخرى، وقد ينتهي بها المطاف فصيلا تابعا لجيش الإسلام أو دولة العراق والشام.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع