نشرت صحيفة لوريون لوجور، تقريرا قيمت فيه الأوضاع في مصر بعد سنة من حكم السيسي، تحدثت فيه عن القمع والاعتقالات وكبت الحريات، وتواصل وجود الدولة العميقة بعد الثورة في مصر، ووصفت فيه الوضع بأنه أسوأ من عهد مبارك.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"، إن "فترة حكم السيسي طبعتها سطوة دولة البوليس وسياسة تكميم الأفواه، وقد طالت الملاحقات الصحفي الساخر باسم يوسف الذي كان من أشد المنتقدين للإخوان، بالإضافة لأحكام الإعدام التي طالت معارضين من الإسلاميين والعلمانيين، ما دفع بمنظمة العفو الدولية لإعلان مصر كواحدة من بين أكثر دولتين في العالم أصدرت أحكام إعدام في سنة 2014".
وأشارت الصحيفة، إلى أن مخاوف النشطاء السياسيين في الداخل والخارج تتأكد يوما بعد يوم، فالدولة العميقة ما تزال في أوج قوتها، والتحالف بين العسكر ورجال الأعمال الفاسدين لا يزال قائما، والجيش الذي ما يزال يتحكم في 30 بالمائة من الاقتصاد المصري، تظاهر بالانصياع للإرادة الشعبية خلال فترة الزخم الثوري، ثم عاد للانقضاض على السلطة، بعد الإطاحة بالرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، في 03 تموز/ يوليو 2014.
ووصفت الصحيفة، عبد الفتاح السيسي، بأنه "سياسي من الحجم الصغير ولكنه واضع استراتيجيات ذكي، استفاد من الاحتجاجات التي تخللت فترة حكم محمد مرسي، لينقلب عليه ويقدم نفسه كخليفة لجمال عبد الناصر".
وأكدت الصحيفة أنه بالرغم بعض نقاط التشابه بينهما (عبد الناصر، والسيسي)، وأهمها قمعهما الإخوان المسلمين وإقصاؤهم من العمل السياسي، فإن عبد الناصر، كان على الأقل يمتلك قدرا من الحضور والشعبية على المستوى المحلي والدولي، بينما لا يعدو السيسي أن يكون عسكريا طموحا ومحظوظا، استفاد من الظروف المتقلبة ليصل في الوقت المناسب إلى المكان المناسب.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي يحاول، رغم مواصلة رجال النظام القديم لعملهم بنفس الأساليب القديمة، التكيف مع المتغيرات على المستوى المحلي والإقليمي، لضمان استمرارية حكمه.
وقد بدأت بعض وسائل الإعلام المحلية بانتقاد تجاوزات الشرطة المصرية، على غرار قناة "مصري اليوم"، وهو ما يدل على عدم رضى رجال الأعمال المالكين لهذه المؤسسات الإعلامية على الحكومة الحالية.
واعتبرت الصحيفة أن التحالف الثلاثي بين رجال الأعمال والإعلام والجيش، أكثر هشاشة مما يبدو عليه، فهو تحالف ظرفي خاضع للمصالح الشخصية لكل طرف.
كما أشارت إلى أن تجرأ الإعلام فجأة على انتقاد الشرطة، يعكس رغبة الجيش في النأي بنفسه عن المسؤولية عن الانتهاكات اليومية التي يقوم بها هذا الجهاز الأمني.
وبحسب الصحيفة، فإن التغيرات الحاصلة في المشهد الإعلامي تؤشر على وجود انقسامات، في داخل هذا الجهاز الذي يعتمد عليه النظام كثيرا لضمان بقائه، وبالتالي فإن تواصل حكم السيسي من عدمه، مرتبط بنسبة كبيرة جدا بصلابة ووحدة هذا الجهاز الإعلامي، الذي يعول عليه كثيرا لبث الدعايات وتشويه أي حراك معارض، خاصة أن المظاهرات والاحتجاجات ما تزال متواصلة في مصر، ولو بدرجة أقل.
وفي السياق ذاته، اعتبرت الصحيفة أن بقاء نظام السيسي مرتبط بقدرته على الظهور أمام المصريين بمظهر الضامن للأمن والاستقرار أمام التهديدات الإرهابية.
وقد عرف السيسي كيف يستغل العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مصر لتكثيف ظهوره الإعلامي، وتبرير سياسته القمعية برغبته في فرض الأمن.
كما أنه استغل حربه المزعومة ضد الإرهاب ليضع في سلة واحدة حركة الإخوان المسلمين التي تتبنى الانخراط في العمل السياسي والاجتماعي، وتنظيم أنصار بيت المقدس، فرع تنظيم الدولة الناشط في سيناء.
كما أشارت الصحيفة إلى أن بقاء النظام المصري مرتبط بتطورات الوضع الإقليمي، فالسيسي يحاول الاستفادة من الصراعات والفوضى التي تشهدها المنطقة لاقناع الغرب بأن الحكم الشمولي الاستبدادي هو الحل الوحيد لضمان الاستقرار ودرأ الخطر الإرهابي في المنطقة.
وقد نجح في استغلال الأحداث الدائرة لقمع معارضيه في الداخل، وزيادة التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في المناطق الحدودية، والتدخل لنصرة صديقه "الجنرال حفتر" في ليبيا، والمشاركة في عمليات التحالف العربي في اليمن.
وأضافت أن الغرب بات مترددا بشأن إدانة النظام العسكري في مصر، لأنه بدأ يشعر بالحاجة "لقادة علمانيين أقوياء"، يواجهون صعود تنظيم الدولة في العراق وسوريا وسيناء وليبيا.
وقد ظهر هذا جليا من خلال الإدانات المحتشمة التي تلت أحكام الإعدام المسيسة التي صدرت، وقرار الولايات المتحدة الإفراج عن المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها لمصر.
كما أكدت الصحيفة أن بقاء النظام مهدد بسبب علاقاته السيئة مع تركيا وقطر، وبوادر التقارب التي ظهرت مؤخرا بين الإخوان المسلمين والمملكة السعودية، وهو ما يمكن أن يغير المعادلة، خاصة وأن الموازنة المصرية في ظل حكم السيسي أصبحت تعتمد كليا على المساعدات التي تقدمها دول الخليج، وهو ما جعل من دولة كبيرة مثل مصر في حالة غير مسبوقة من التبعية والارتهان للخارج، سيكون من الصعب الخروج منها في ظل تواصل السياسات الحالية، وعجز السيسي عن تحريك عجلة الإقتصاد، الذي يعتبر نقطة ضعفه الأبرز.