نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا لريتشارد سبنسر من منطقة الساعي وسط
العراق، حيث قابل قائد منظمة بدر ومليشيات
الحشد الشعبي الشيعية هادي
العامري، وسأله حول خطط الحكومة لاسترداد الرمادي من
تنظيم الدولة. فقال العامري، الذي يعد أقوى القيادات العسكرية في العراق، بأنه لا نية للقيام بهجوم سريع، مخالفا بهذا التصريح ما قالته القيادات السياسية.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن العامري قال إن سيطرة التنظيم على الرمادي لن تغير الاستراتيجية طويلة الأمد، والمتمثلة بهزيمة التنظيم.
وتذكر الصحيفة أن العامري يقود قوات الحشد الشعبي، التي هي عبارة عن تحالف من المليشيات الشيعية، في محاولة لعزل تنظيم الدولة عن مناطق تركز السكان في وسط البلاد، وذلك لقطع خطوط الإمداد للتنظيم.
وينقل الكاتب عن العامري قوله إن مهاجمة الرمادي مباشرة، كما وعد رئيس الوزراء العراقي وسياسيون آخرون، أمر "مضحك"، مضيفا أن "أي شخص يقول لك إن بإمكانه استعادة الرمادي، دون الحاجة لهذه العملية، فإنه كاذب".
ويلفت التقرير إلى أن سقوط الرمادي شكل كارثة سياسية بالنسبة للولايات المتحدة، التي وفرت الغطاء الجوي للقوات العراقية في حربها مع تنظيم الدولة. ويقول المسؤولون العراقيون إن أمريكا أصرت على ترك الدفاع عن الرمادي إلى العشائر السنية والجيش العراقي والتحالف الذي تقوده أمريكا، بدلا من إرسال قوات الحشد الشعبي المؤلفة من مليشيات شيعية موالية لإيران.
ويقول العامري للصحيفة إن الأمريكيين يخشون إن يؤدي السماح لقوات الحشد الشعبي باستعادة أرض سنية إلى انتقام طائفي، ما سيزيد من قاعدة التأييد لتنظيم الدولة.
ويرى سبنسر أن فشل أمريكا هذا قوى كثيرا من قوات الحشد الشعبي، وتحول العامري بسرعة إلى أقوى شخصيات العراق. وخلافا للجيش فقد كسبت مليشيات الحشد الشيعية سلسلة من المعارك ضد تنظيم الدولة، استعادت من خلالها الدهلوية وتكريت.
وكان العامري واضحا في مقابلته مع الصحيفة حول تداعيات سقوط الرمادي، حيث قال: "الأمريكيون قالوا لا تدخلوا قوات الحشد إلى الأنبار، وإنهم سيضمنون عدم سقوط الرمادي في يد تنظيم الدولة". وأضاف متسائلا: "فلماذا علي إذن أن أغامر بحياة المقاتلين معي لاستعادتها لأسباب سياسية؟".
وأضاف العامري: "لا نريد سفك دماء شبابنا رخيصا من أجل أناس يقولون إنهم لا يريدوننا، وليكن هذا درسا لهم أنه ليس بإمكانهم إنقاذ الرمادي، وأن الأمريكيين غير قادرين على إنقاذها. والآن فهم يعرفون أنه لا توجد قوة قادرة على إنقاذ الرمادي سوى قوات الحشد".
ويذكر التقرير أن العامري أصبح قائدا لمنظمة بدر خلال سنوات الإبعاد في إيران أثناء حكم صدام حسين، وحارب هو ومنظمته بجانب إيران ضد العراق في الثمانينيات، ويبقى قريبا من طهران، وبالذات من قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم
سليماني، الذي عادة ما يشير إليه بـ"الأخ قاسم".
وتبين الصحيفة أن سليماني يعد "بعبعا" بالنسبة لأمريكا؛ بسبب تشكيله مليشيات حاربت الوجود الأمريكي والبريطاني بعد غزو العراق عام 2003، ما كلفهم المئات من الأرواح.
ويستدرك الكاتب بأن العراقيين الشيعة أصبحوا يرون فيه سلاحا أنجع من سلاح التحالف الغربي في الحرب ضد تنظيم الدولة. وقد نجح سليماني والعامري في وضع استراتيجية ضد التمرد، كانت أنجح من السياسة الأمريكية في دعم الجيش الضعيف والعشائر السنية عن طريق القوة الجوية. فبدلا من محاولة القيام بهجوم خاطف على الرمادي، تعمل قوات العامري في شمال شرق المدينة، محاولة تقسيم الصحراء إلى كتل؛ لعزل وحدات تنظيم الدولة عن بعضها.
ويوضح التقرير أن الهدف من هذه الكتل هو أن تصبح لاحقا منطقة عازلة لحماية الطريق الرئيس للشمال، والمدن والبلدات مثل سامراء وتكريت وبيجي، التي توجد فيها أكبر مصفاة تكرير للنفظ، والتي تدور فيها حرب طاحنة.
وأخبر العامري الصحيفة أن أولويته الثانية هي قطع "ذراع دجلة"، وهو الطريق الذي يسير غربا شمال بغداد عبر الصحراء ليصل إلى الفلوجة، وهي المدينة الكبرى الثانية في الأنبار.
ويورد الكاتب أنه عندما يتحقق له هذان الشرطان سيلتفت إلى تحرير الأنبار، مع أن التحرك شمالا لحماية الطريق الرئيس سيخدم في قطع خطوط الإمداد عن الموصل والرمادي والفلوجة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه في الصحراء غرب الساعي، وهي المنطقة التي تجمعت فيها قوات العامري، التي تتقدم بحدود 12 ميلا يوميا، قال بأنهم يقومون بتأمين أنبوب نفط يستغله مقاتلو تنظيم الدولة.
وتكشف الصحيفة عن تراجع تنظيم الدولة أمام قوات الحشد المؤلفة من أعداد أكبر، وكان يحاول الإبقاء على الاتصال بين وحداته بشن الهجمات، ولكن محاولاته باءت تفشل، بحسب طالب العتابي، وهو أحد قادة منظمة بدر.
ويقول سبنسر إن بإمكان الشخص أن يرى ناقلات البترول المحروقة، وبعضها لا يزال مشتعلا، من معارك اليوم السابق، ويصر العتابي على أنهم يتعاملون مع السنة باحترام، وحتى مع زوجات وأسر مقاتلي تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أن منظمات حقوق الإنسان قد سجلت الكثير من التجاوزات والانتهاكات، وظهر فيديو ليلة السبت الماضي على الإنترنت يظهر مليشيا شيعية أخرى، وقد علقت أحد مقاتلي تنظيم الدولة، وقد يكون ميتا، فوق النار لشيه. ولكن السنة المعادين لتنظيم الدولة لا يجدون خيارا أمامهم سوى الانضمام لمليشيات الحشد في الحرب على التنظيم.
وتجد الصحيفة أن استراتيجية العامري تحمل خطر أن يكون بعمله هذا يقوم بتقسيم الأنبار وفصلها عن العراق، وقال إنه لا يعرف متى ستتم محاولة استعادة الأنبار، وقد تدفق المقاتلون لحماية تلك المناطق المحاذية للرمادي، مثل قاعدة الحبانية الجوية، وبلدات الخالدية والحصيبة.
ويقول العامري إن استراتيجيته هي محاصرة مواقع تنظيم الدولة، وتعطيل عملياتهم، وهي لا تقوم على الهجوم المباشر، ويضيف أنها "ليست خطة لتحرير الأنبار، ونستطيع الحديث عن ذلك إن نجحنا هنا، وعلينا الفصل بين العمل العسكري والعمل السياسي. الضغط السياسي هو لتحرير الرمادي، ولكن العمل العسكري على الأرض يجب أن يكون منفصلا"، بحسب الصحيفة.
ويتطرق التقرير إلى وجهة نظر العتابي والعامري، اللذين يعتقدان أن الاستراتيجية الناجحة هي محاصرة الفلوجة قبل التحول إلى الرمادي، حيث يقول العتابي يجب ضرب "رأس الأفعى" لقتلها.
ويرى الكاتب أن هذه الاستراتيجية قد تكون فاعلة في مكافحة التمرد، ولكنها تساعد أيضا في منح المليشيات الشيعية المزيد من الوقت لتكون أقوى.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول العامري، الذي يأتمر بأوامر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بأنهم يرسلون النقاط الرئيسة للعمليات إلى رئيس الوزراء، الذي يصادق عليها، ولكن كون رئيس الوزراء رجلا مدنيا فهو لا يضع الخطط.