نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية تقريرا حول
زيارة رئيس
الانقلاب بمصر عبدالفتاح
السيسي لألمانيا، قالت فيه إنه جاء بحثا عن حلفاء، مشيرة إلى أنه يحاول اللعب على ورقة الأمن ومكافحة "
الإرهاب"؛ ليحظى بقبول المجتمع الدولي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "العلاقات الألمانية
المصرية شابها الفتور منذ وصول السيسي للسلطة، إثر انقلاب عسكري نفذه في تموز/ يوليو 2013، ولكن هذا الحاكم العسكري قرر المجيء إلى برلين بحثا عن حلفاء أقوياء، وأيضا بحثا عن المال".
وذكرت أن الاستراتيجية الإعلامية التي اعتمدها السيسي ومرافقوه منذ وصولهم، تركزت حول تقديم مصر كنموذج للاستقرار في وسط شرق أوسط تعصف به الصراعات والفوضى، حيث "تعاني ليبيا من الانقسام والاقتتال الداخلي، والسودان منقسم بين الشمال والجنوب، والحرب الأهلية تسببت بدمار سوريا".
ولكن الصحيفة اعتبرت أن مصر بدورها تشهد حالة من عدم الاستقرار، وخاصة في محافظة سيناء التي تشهد نشاطا مكثفا للمجموعات المسلحة، مستدركة بأن "الهدوء النسبي الذي تتميز به مصر مقارنة بجيرانها؛ جاء بسبب سياسة القمع والترهيب التي يعتمدها النظام، فأحكام الإعدام أصبحت تصدر بشكل شبه يومي في مصر، وأغلب القضايا يتم البت فيها بسرعة غريبة دون توفر الشروط القانونية للمحاكمة العادلة، ودون استيفاء مراحل التقاضي، وضحاياها أغلبهم من الإخوان المسلمين، أو الوجوه المعارضة الأخرى، والمثقفين، وكل شخص لا يتفق في آرائه مع السيسي".
ونقلت تصريحات للسيسي قال فيها إنه يتحمل مسؤولية أمن وسلامة 90 مليون مصري، ولذلك يحاول فرض النظام في البلاد. واعتبرت أن الثمن الذي يدفعه الشعب المصري في مقابل هذا الأمن يعد مرتفعا جدا، "فالسيسي يجمع فعليا كل السلطات في يده، والقضاء المصري يصدر أحكاما مسيسة لأنه لا يتمتع بأية استقلالية، كما أن الرئيس محمد مرسي، الذي تم انتخابه في أول انتخابات حرة وشفافة في تاريخ مصر، يقبع خلف القضبان، ويواجه حكما بالإعدام، إلى جانب سعد الكتاتني، رئيس أول برلمان مصري يتم تشكيله على أثر انتخابات برلمانية حرة ونزيهة".
وأضافت أن الحكم الصادر ضد رئيس البرلمان المصري بالذات، هو أكثر شيء أثار غضب رئيس البرلمان الألماني، نوربارت لامرت، الذي أصر على رفض مقابلة السيسي، ووجه انتقادات حادة للمستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل والرئيس خواكيم غوك، بسبب تجاهلهما للتقارير الدولية المتواترة حول أوضاع الحقوق والحريات في مصر.
وقالت إن الوفد المصري ركز خلال كل لقاءاته على مسألة الأمن، وأكد أن المصريين في المرحلة الراهنة لا يريدون شيئا غير الأمن والحق في الحياة، ولذلك فإن الوقت غير مناسب للحديث عن حرية التعبير والتظاهر؛ لأن هنالك أولويات أخرى تفرض نفسها، بحسب مرافقي السيسي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الكلام هو مجرد أكاذيب؛ "لأن سبب مشاكل المصريين؛ هو أن الثروة في مصر تنحصر في يد مجموعة من القيادات العسكرية التي نسجت خيوطها حول الاقتصاد المصري منذ عهد مبارك، من خلال السيطرة على الصناعات المصرية التي تدر عائدات ضخمة. في حين يعيش أغلب المصريين تحت وطأة الفقر والجوع، كما أن 30 بالمائة منهم لا يحسنون القراءة والكتابة، ويجدون صعوبة في توفير ثمن الخبز، والحصول على الكهرباء والماء الصالح للشراب، ما يجعلهم منشغلين عن المطالبة بحقوقهم الدستورية".
واستغربت من تلقي السيسي الثناء والإطراء من مؤيديه، مضيفة أن "الأغرب من ذلك هو ثناؤهم على سياسته القمعية"، ونقلت في هذا السياق تصريحا لإحدى مرافقاته، وهي داليا زيادة، التي تعرّف عن نفسها على أنها ناشطة حقوقية، تقول فيه إن "مصر جربت الديمقراطية وفشلت، والآن يجب منح الوقت للسيسي، لأنه يسير في الاتجاه الصحيح".
وذكرت الصحيفة أن السيسي جاء ألمانيا لأنه يحتاج إلى حلفاء أقوياء، حتى يُظهر أنه يحظى باعتراف ودعم دولي، "كما أنه يريد الحصول على استثمارات جديدة على أمل تحريك عجلة الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى إنعاش قطاع السياحة، الذي كان قد شهد في سنة 2010 توافد 1.3 مليون سائح ألماني".
وأضافت أن السيسي يحتاج أيضا إلى خبرة الشركات الألمانية لإنجاز المشاريع التي وعد بها، على غرار مشروع قناة السويس، "ولكن يبقى المشكل هو تردد السياح والمستثمرين الألمان بشأن الذهاب إلى مصر، بسبب ضبابية الرؤية حول مستقبل البلاد، وكثرة الفساد والبيروقراطية اللذين ينفّران رؤوس الأموال".