نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا حول حملة
المقاطعة التي تقودها حركة "المقاطعة و سحب الاستثمارات وفرض العقوبات" غير الحكومية ضد "
إسرائيل"، و تأثيرها على
الاقتصاد الإسرائيلي، والضغوط التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية لثني الشركات عن المشاركة في هذه الحركة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن شركة الاتصالات الفرنسية "أورانج"؛ قد قررت أخيرا المحافظة على عقد الشراكة مع الشركة الإسرائيلية للاتصالات، ورضخت بالتالي للضغوط، على الرغم من تزايد دعوات حركة "بي دي إس" لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
وذكرت أن المدير العام لشركة أورانج الفرنسية قد تراجع عن سحب عقد الشراكة مع "إسرائيل"، مؤكدا أن الشركة دخلت "إسرائيل" لتبقى، وقال أيضا إن الشركة ليس لها أية علاقة بحملة المقاطعة.
ونقلت الصحيفة، عن المدوّن والصحفي أردا نير، إن ستيفان ريتشارد، المدير العام لشركة أورانج، ارتكب خطأ الإبقاء على الشراكة مع "إسرائيل"، بعد أيام من المحاولة الفلسطينية لطرد الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم من الفيفا. كما أكد هذا الكاتب أن مدير الشركة الفرنسية قد حذر "إسرائيل" ونبهها إلى أن حملة المقاطعة ليست مجرد ضرب من الخيال، فهي بإمكانها النجاح إذا لم تعط الحكومة الإسرائيلية الأهمية اللازمة لجهود استئناف عملية السلام.
وأشارت الصحيفة إلى أن حركة "بي دي إس" حققت عدة انتصارات، حيث تمكنت من قطع الروابط بين العديد من اتحادات الطلاب والأساتذة في الجامعات البريطانية والأمريكية، مع نظرائهم الإسرائيليين.
كما تحدثت الصحيفة في السياق ذاته عن الجانب الاقتصادي، حيث تمكنت حركة المقاطعة مع نهاية عام 2014 من إقناع شركة "صودا ستريم" التي تعد الشركة رقم واحد في العالم في مجال المشروبات الغازية، من إغلاق مصنعها في مستوطنة ميشور أدوميم الواقعة في
الضفة الغربية، وقد تلتها عدة عمليات مشابهة من شركات أخرى تعمل داخل المناطق التي احتلت عام 1967.
وقالت الصحيفة إن حركة "بي دي إس" تضم ما يقارب 171 منظمة، بما في ذلك منظمات يهودية من أقصى اليسار، وأخرى تنتمي إلى التيار التقدمي الإسرائيلي، ترفض السياسيات العنصرية الإسرائيلية وتعارض تواصل النشاط الاستيطاني.
واعتبرت الصحيفة أن الخطر الحقيقي الذي يهدد "إسرائيل"، يكمن في أن الرأي العام العالمي سئم من رؤية الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحافظ على سياسة الاحتلال، وترمي بالقانون الدولي والقرارات الأممية عرض الحائط، إضافة إلى رؤية الحكومات الغربية تواصل صمتها إزاء هذه التجاوزات، ولهذا فإنه قرر الانتقال إلى العقوبات التي لها ضرر معنوي واقتصادي محسوس.
كما نقلت الصحيفة على لسان النائب عن الحزب العمل الإسرائيلي، نحمان شاي، أن وجود علامة على المنتجات الإسرائيلية التي تسوق إلى بلدان الاتحاد الأوروبي لا يعتبر ممنوعا داخل الاتحاد، ولكن وجود هذه العلامة التجارية على المنتجات يعتبره البعض سببا للمشاكل، حيث إنه قد يدفع العديد من الزبائن إلى العدول عن الشراء.
وفي السياق ذاته، أشارت الصحيفة إلى أن العديد من كبار البنوك، وصناديق التقاعد الرئيسية، وشركات التأمين، يمكن أن تقرر عدم التعامل مع الطرف الإسرائيلي بطلب من عملائها، وهذا يعد أخلاقيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، شكل وحدة مشتركة بين الإدارات تهتم بجمع المعلومات المتعلقة بالمنظمات التي تسعى لنزع الشرعية عن "إسرائيل"، حتى يمكن التعرف على أنشطتها، وتقييم مدى خطورتها، ومحاصرتها والضغط عليها.
وذكرت الصحيفة أن الخبراء العاملين بهذه الوحدة يعتقدون أن الخطر الحقيقي لا يكمن في المظاهرات الحاشدة التي تقودها حركة "بي دي إس"، بل في ما يسمي بـ"المقاطعة الصامتة"، وأكدوا أن هذه الظاهرة في تنامٍ، خاصة في الأوساط غير المسيّسة، التي تقاطع المنتجات الإسرائيلية بشكل صامت وبمبادرة فردية.
وأوردت الصحيفة أيضا أن وزير المالية الإسرائيلي السابق و رئيس حزب الوسط المعارض، يائير لابيد"، قام بنشر دراسة حول تبعات المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي. وتبين من خلال الدراسة، التي أشرف عليها قسم العلاقات الدولية بوزارة المالية في عهده، أن وضع العلامة الإسرائيلية على المنتجات المصنعة في
المستوطنات قد يكلف الاقتصاد الإسرائيلي سنويا ما يقارب 300 مليون دولار.
كما أكدت الدراسة، أنه في حال ما اتخذ المجتمع الدولي تدابير جدية، مثل إلغاء الاتفاقيات التجارية بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، فإن الأضرار المادية قد تصل إلى ما بين 4 و 5 مليار دولار سنويا، وهذا ما سيتسبب في تسريح فوري لآلاف العمال، وانهيار العملة الإسرائيلية الشيكل، وهذه تعد كارثة كبرى لبلد يقطنه 8 مليون نسمة فقط.