قالت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها إن النغمة الرئيسية التي يستخدمها الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي مع مؤيديه في إدارة أوباما، بكونه الوحيد، برفقة نظامه المدعوم من العسكر، القادر على إنهاء خطر المتطرفين الإسلاميين، ومنع بلده ذات الـ 90 مليون نسمة من أن تصبح دولة فاشلة.
وتستدرك الافتتاحية بأنه ومع اقتراب الذكرى الثانية للانقلاب الدموي، الذي قام به السيسي ضد حكومة منتخبة ديمقراطيا، فإن الحقائق واضحة ولا يمكن تكذيبها، وتظهر أن مصر تتحول إلى بلد أكثر عنفا وأقل استقرارا.
وتشير الصحيفة إلى أنه في الأربعة أشهر الأولى من 2015، قتل أكثر من 200 شخص في هجمات إرهابية، بحسب معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط. وقد تزايد عدد الحوادث من 27 في شهر تشرين الأول/ أكتوبر إلى 112 في شهر نيسان/ أبريل، بحسب المعطيات الصادرة عن "أتلانتك كاونسل". وقام الإرهابيون باستهداف معلمين سياحيين هذا الشهر بما في ذلك الأهرامات في الجيزة ومعبد الكرنك في الأقصر.
وتذكر الافتتاحية أن الجيش المصري يدعي أنه قام بتصفية 866 عنصرا من جماعة "أنصار بيت المقدس"، المنتسبة لتنظيم الدولة في سيناء، وذلك في الفترة ما بين شهر تشرين الأول/ أكتوبر ونهاية شهر أيار/ مايو. مستدركة أنه ليست هناك مؤشرات تدل على أن الهجمات في تراجع، بحسب تقرير "أتلانتيك كاونسل".
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك أسبابا كثيرة لتدهور الأمن، بينها فقر الجيش المصري للتكتيكات المناسبة وانهيار المعنويات.
وترى الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن الفشل الأكثر وضوحا هو قمع نظام السيسي الذي لا يميز، فهو لم يستهدف الجهاديين المسلحين فقط، ولكنه استهدف أيضا الناشطين العلمانيين الليبراليين، ومنظمات حقوق الإنسان، والصحافيين الناقدين للنظام، وأي شخص آخر يزعج الجنرالات. مشيرة إلى أن التظاهر السلمي ممنوع عمليا، وهناك أعداد كبيرة من السجناء بسبب المشاركة في تظاهرات سلمية.
وتنوه الصحيفة إلى أن أكثر المستهدفين بالقمع هم الإخوان المسلمون، الذين فازوا في عدة انتخابات حرة في مصر في الفترة ما بين الثورة الشعبية عام 2011 والانقلاب. وتعد جماعة الإخوان المسلمين إحدى أقدم الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط وأكثرها تأثيرا، وقد تخلت عن العنف قبل عقود من الزمن.
وتذكر الافتتاحية أنه وبحسب إحصائيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان شبه الرسمي، فإن 1250 من بين 1800 مدني، من الذين قتلوا في الفترة التي تلت الانقلاب وحتى نهاية عام 2014، هم من الإخوان المسلمين.
وتوضح الصحيفة أن السيسي يدعي أن الإخوان لا يختلفون عن الجهاديين، فقد قال للصحافية لالي ويموث من صحيفة "واشنطن بوست" في شهر آذار/ مارس: "الإخوان هم الأب الروحي للحركات الإرهابية". وقام قضاة موالون للنظام بالحكم بالإعدام على أكثر من مئة من قيادات الحركة، وبينهم الرئيس السابق محمد مرسي بتهم إرهابية ملفقة. ومع ذلك؛ فإن بقية قيادات الحركة وغالبيتهم في المنفى، يقولون إنهم لا يزالون يرفضون العنف.
وتنقل الافتتاحية عن الأمين العام لحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين، عمرو دراج، قوله للصحيفة خلال زيارته إلى واشنطن الأسبوع الماضي: "كان الإخوان المسلمون واضحين جدا بهذا الخصوص، نحن ضد أي شكل من أشكال العنف، ومن منظور عملي جدا، فنحن لا نريد أن تمر بلدنا بما تمر به سوريا والعراق".
وتورد الصحيفة أن دراج اعترف بأنه حصل "انزلاق" في توجه الشباب المصري نحو العنف، فقال: "إن هناك شعورا حقيقيا بالغضب ورغبة في الانتقام، وعندما تغلق جميع المنافذ السياسية والسلمية، فإنك تترك بعض الشباب يشعرون بأنه لا خيار لهم".
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن العالم قد شهد تكرار الكثير من الحالات المماثلة لما يجري في مصر، حيث أن النظام العنيف يولد عنفا أكبر. وتقول الصحيفة للأسف؛ فإن إدارة أوباما تدعم وتحرض السيسي، فقد جددت الإدارة الأمريكية المنحة التي تصل قيمتها إلى أكثر من مليار دولار، وهذا ما اعتبرته الافتتاحية خطأ بدأت نتائجه الدموية تظهر بوضوح أكبر.