صحافة دولية

إلباييس: حرب باردة جديدة بين روسيا وأمريكا

بعد تداول أخبار بشأن التمركز المحتمل للأسلحة الثقيلة الأمريكية في دول البلطيق وبولونيا - أ ف ب
قال ماريانو أغيري مدير المركز النرويجي لبناء السلام إن الأنباء المتداولة بشأن التمركز المحتمل للأسلحة الثقيلة الأمريكية في دول البلطيق وبولونيا وبلدان أخرى في أوروبا الشرقية، والرد الروسي بالتهديد بإعادة التسلح بالصواريخ التي يمكن أن يصل مداها إلى الولايات المتحدة، يزيد من التوتر بين موسكو وواشنطن، ويجعل من أوروبا ساحة حرب محتملة بين القوى العظمى.
 
وأوضح أغيري في مقال تحليلي نشره، الأربعاء، بصحيفة "إلباييس" بعنوان "روسيا والولايات المتحدة الأمريكية: نحو حرب باردة جديدة"، (أوضح) أن نشر هذه المعلومة في صحيفة "نيويورك تايمز" تزامن مع نهاية رحلة المرشح الجمهوري للرئاسة جيب بوش إلى برلين ووارسو، والذي استخدم المناسبة لانتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاحتلاله شبه جزيرة القرم ودعم الانفصال في أوكرانيا، في الوقت الذي عبرت فيه دول البلطيق وبولندا عن خشيتها من التحركات العدوانية لروسيا.
 
وأشار أغيري في مقاله الذي اطلع عليه "عربي 21" أن الخطة المعدة من قبل البنتاغون، وهي نتيجة حملة من الضغوط مارسها الكونغرس وأعضاء في القوات المسلحة والمصانع العسكرية ووسائل الإعلام، ينبغي أن يوافق عليها وزير الدفاع آشتون كارتر والرئيس باراك أوباما.

لافتا في هذا الصدد إلى أن قائدة القوات الجوية المسلحة، ديبورا لي جيمس، أعلنت أمس في باريس أن واشنطن ترى أيضا نشر مقاتلات متطورة من طراز F-22  لمواجهة "التهديد" الروسي.
 
واعتبر مدير المركز النرويجي لبناء السلام أن نشر مثل هذه المقاتلات يخالف وعود واشنطن والناتو بشأن عدم نشر  الأسلحة في الدول السابقة في حلف وارسو.
 
ويرى ماريانو أغيري أن العلاقات بين موسكو وواشنطن، وبالتبعية مع أوروبا، ساءت خلال العقدين الماضيين. فمنذ سنوات التسعينات اشتكت روسيا من توسع حلف الناتو تجاه حدودها، ومن دعم الولايات المتحدة للجماعات المناوئة لروسيا في أوكرانيا وجورجيا، ورفض الغرب الانتباه إلى تصورات العزل التي لدى روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
 
وذكر الكاتب أنه منذ عام  2009 طلبت الولايات المتحدة من موسكو، في أوقات مختلفة، دعم فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران بسبب برنامجها النووي، والسماح بدخول قوات حلف الشمال الأطلسي إلى ليبيا، والسماح بوصول الإمدادات من الأسلحة والمؤن إلى قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان عبر الأراضي الروسية.

مشيرا إلى أن موسكو وافقت لكنها طلبت من واشنطن تجميد عملية إدماج بلدان جديدة في أوروبا الشرقية في حلف شمال الأطلسي، ووقف دعم جماعات حقوق الإنسان في روسيا، والتفاوض حول نظام مضاد للصواريخ التي يتم تركيبها في أوروبا.
 
وفي النهاية لم تتنازل واشنطن ولم تستجب للطلبات الروسية، ووفقا لستيفن كوهين -وهو خبير في الشأن الروسي بجامعتي نيويورك وبرينستون-، فإن هذه القضية فاقمت من التوجهات الوطنية المعادية للغرب في روسيا، وشجعت القطاعات المحافظة والمعادية للديمقراطية، وعززت البحث عن تحالفات مع الصين والقوى الناشئة. ويؤكد كوهين أن على إدارة أوباما أن تضمن لموسكو أن توسيع حلف الناتو له حدود.
 
بالمقابل، يورد الكاتب أن المحافظين في الولايات المتحدة الأمريكية يعتقدون أن على إدارة أوباما أن تتبنى سياسات أقوى إزاء سياسات روسيا في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، والقمع الداخلي الممارس ضد المنظمات غير الحكومية والصحافة والمعارضة. وتتابع أيضا بقلق تنامي التحالف بين الصين وروسيا. فموسكو وبكين وقعتا 32 اتفاقيات تعاون جديدة.
 
ويوضح الكاتب مصدرا آخر للشقاق والخلاف بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ويتعلق بالقضية السورية، فموسكو ترفع حق النقض ضد كل الإدانات الموجهة لنظام بشار الأسد في مجلس الأمن لأنها لا تريد أن تتعاون مع أي عملية دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى تغيير النظام الذي يخلق حالة من الفوضى، كما هو الحال في ليبيا.
 
من جهة أخرى تخشى روسيا أن تصبح سوريا قاعدة للجماعات الجهادية التي تتواصل مع قطاعات متطرفة من السكان المسلمين الروس وخصوصا في الشيشان. فبالنسبة لموسكو، الحرب في سوريا هي مواجهة بين إيران (حليف روسيا) والمملكة العربية السعودية، التي تدعم الجماعات الإسلامية "المتطرفة".
 
ويرى الكاتب أنه إذا وافق أوباما على إعادة التسلح الروسي، فإنه بذلك سيضفي الشرعية على الأعمال العدوانية لروسيا وسيخلق توترات مع بعض الحلفاء الأوروبيين خاصة ألمانيا وفرنسا اللتان تعتقدان أن هناك مصالح كبيرة على المحك، وأنه لا توجد خيارات عسكرية في العلاقة مع روسيا، وتحاولان التعامل مع الوضع باستعمال الضغط والحوار. 
 
ويختم الكاتب بأن الحكومة الروسية استعملت "لغة الحرب الباردة" في تنديدها بـ"استفزاز الناتو" وإعلانها أنها سترد بإعادة التسلح من جانبها. في الوقت نفسه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه قريبا سوف تمتلك القوة النووية الروسية أكثر من 40 صاروخا عابرا للقارات.