أذكت سلسلة الإجراءات القمعية بحق معارضي الانقلاب العسكري في مصر، سواء على الصعيد الأمني أو القضائي أو السياسي أو حتى الاقتصادي، المخاوف من انجرار البلاد نحو دوامة من العنف، بحسب مراقبين وسياسيين.
ويرى مناهضو الانقلاب أن خيار الحكم الثوري هو الخيار الأمثل للتعامل مع المرحلة القادمة، في ظل فشل الخيار الإصلاحي الذي تبناه جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهما، للحفاظ على مؤسسات الدولة وقوامها الذي تسربت من خلاله "الدولة العميقة" والتفت على الثورة.
الخيار الثوري فرس الرهان
يرى المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، أن النظام العسكري في مصر فشل في إقناع الناس بأنه الخيار الأفضل لهم. وقال لـ"عربي21": "فشل السيسي بكل المقاييس في قيادة الدولة، ونشر فيها الظلم بأقبح أنواعه من خلال عودة الدولة البوليسية".
وأكد أن "المصريين أدركوا أن الخيار الثوري هو الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق والحريات برغم كم التضحيات على جميع المستويات"، إلا أنه شدد على النظام القمعي "لن يستطيع إخماد شعلة الثورة التي انقلب عليها وعلى مبادئها، وخيار الثورة هو فرس الرهان في المرحلة الحالية".
ورأى الغمري أن "أوراق السيسي باتت كلها مكشوفة، وغير مقنع لمن بالداخل، ولا يوجد لديه ما يتستر به أو يدعمه باستثناء الأبواق الإعلامية، كما أن من في الخارج يعلم أنه منقلب على الشرعية" حسب تعبيره.
المسار الثوري والسياسي وجهان لعملة واحدة
من جهته، أكد رئيس حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي السابق، أيمن نور، أنه لا تعارض بين المسارين الثوري والسياسي في المعركة من أجل الحرية والتغيير، واستعادة روح الثورة المصرية المسلوبة.
وقال لـ"عربي21": "إغلاق جميع المسارات أمام العمل السياسي للتغيير في حقبة مبارك؛ حوله إلى عمل ثوري في الميادين تجلى في ثورة 25 يناير، وما تلاها من أجل إنقاذ مصر، وكانت لحظة مرتبطة بانسداد الأفق السياسي".
وأكد أنه "لا تعارض بين المسار الثوري والسياسي"، مشيرا إلى أن المسار السياسي أحد أضلاع مثلث التغيير "الذي يتكون من ضلع الحراك الثوري وضلع الحراك السياسي وضلع الحراك الحقوقي والقانوني".
وشدد نور على أن النضال عبر استعادة الثورة "لا بد أن يمر بالأضلاع الثلاثة، وأن كل أشكال النضال لاستعادة قيم الثورة؛ هي من أجل هذه الأهداف، سواء كان سياسيا أو ثوريا".
وعن رؤيته للمرحلة القادمة، أكد نور أن "المرحلة القادمة سوف تثبت صحة الرهان على الحراكين الثوري والسياسي، وأنه لا بديل عنهما، وأنهما يصبان في بوتقة واحدة تعزز من قدرة استعادة المسار الثوري ومستحقاته التي خرج الناس من أجلها في ثورة يناير".
الثورة لم تحكم
وفي ذات السياق، رأى المنسق العام لحركة "ناصريون وقوميون ضد المؤامرة"، سيد أمين، أن أحد أهم أسباب فشل ثورة يناير "أنها لم تحكم بأدواتها وطريقتها، التي كانت تستوجب تطهير جميع مؤسسات الدولة وليس هدمها، كما يفهم من قبل بعض المتضررين من سقوط تلك الرؤوس".
وقال لـ"عربي21": "إن الكثير من التيارات السياسية وقت اندلاع الثورة لم تكن ثورية؛ إنما إصلاحية كجماعة الإخوان المسلمين، التي سعت إلى ترميم نظام مبارك، وليس تغييره، وهم يدفعون ثمن تلك الخطوة الخاطئة"، وفق تقديره.
وأضاف: "جميع الخيارات ستكون متاحة أمام الثورة القادمة بعد أن تم التعامل معها بكل عنف وقسوة وجنون، ويبدو أن الدولة العميقة تخوض معركتها الأخيرة بإسالة بحور من الدماء ولن تفلح في مسعاها".
أحكام الإعدام تعزز الخيار الثوري
واستنكر أمين التلويح بورقة الفوضى، وقال إنها "فوضى مصطنعة لتخويف الناس من ثورتهم، مثل الإيهام بالغرق للشعور بخطر انتشار العنف وعدم الاستقرار في المجتمع".
وأكد أن "الخيارات القادمة عززتها الأحكام القاسية، والمسيسة ضد رافضي الانقلاب والرئيس محمد مرسي"، معربا عن تخوفه من إجهاض الثورة من خلال التفاوض لإنهاء الأزمة ومد عمر النظام".
قيادات الثورة وتحريف المسار
أما حركة الاشتراكيين الثوريين، فقد أكد العضو البارز فيها، محمود عزت، "أن قطاعات كبيرة ستدخل في غمار الثورة بهدف التغيير وليس الإصلاح، بعد فشل النظام الحالي في تحقيق أي مكاسب للناس".
وأوضح في حديث لـ"عربي21"؛ أن الأزمة تكمن "في سلوك قيادات الثورة التي تحيد عن الخط أحيانا، وتحرف مسار الثورة باللجوء إلى التفاوض، والمساومات على حساب حرية وحقوق الشعب، كما فعلت جماعة الإخوان الفصيل الأهم والأقوى آنذاك"، حسب قوله.
وقال عزت: "في أي حراك ثوري يجب أن تكون ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة، تقوم على تغيير النظام بشكل كامل، وبناء نظام جديد قائم على مبادئ الثورة، وليس تجميل الوضع".