إيكونوميست: النظام الصحي في مصر.. شراشف وسخة وقطط ضالة
لندن – عربي 21 – باسل درويش19-Jun-1507:54 PM
شارك
إيكونوميست: يتجنب الكثير من المصريين النظام الصحي الحكومي - "فيسبوك"
علقت مجلة "إيكونوميست" على النظام الصحي في مصر وحالته التي يرثى لها، بالعودة إلى أوديسا الشاعر الإغريقي المعروف هوميروس "في مصر يتقن الرجال مهنة الطب أكثر من أي إنسان". فقد عرف الأطباء المصريون كيف يعالجون الكسور، وأجروا عمليات جراحية قبل الآخرين. كما أن إله الشفاء، الذي وصفه المؤرخ الإغريقي هيردوتس، اقترح أيضا تخصصات طبية، ولهذا السبب حاول الكثير من حكام وأباطرة الدول الحصول على العلاج المصري.
وتتساءل المجلة: كيف تغير الأوقات الأمور؟ وتقول: "فاليوم يتجنب حكام مصر مستشفيات الدولة، وكان هذا واضحا في 6 حزيران/ يونيو عندما زار رئيس الوزراء إبراهيم محلب مستشفيين، وصدم للحالة الرثة التي وجدهما فيها. وقام الأطباء بالسخرية منه عندما فتحوا صفحات على "فيسبوك" وضعوا عليها الصور الكئيبة معلقين بالقول: (حتى لا يفاجأ إن قرر الزيارة)، وتظهر الصور معدات قذرة ومياه الصرف الصحي تغمرها، وحيوانات ضالة تسير بين المرضى".
ويعرض التقرير الحالة الصحية في مصر حاليا بالقول إن "كفاءة العلاج الصحي فقيرة لدرجة يتجنب فيها الكثير من المصريين النظام الصحي الحكومي. ورغم وجود نظام التأمين الصحي، الذي يغطي الموظفين في المؤسسات الحكومية، وأن حوالي 54% من سكان مصر لديهم تأمين صحي، لكن نسبة 8% منهم يستخدمون العيادات الصحية الحكومية".
وتنقل المجلة عن أيمن السباعي من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قوله: "يلجأ الناس إلى القطاع الخاص، ويدفعون من أموالهم الخاصة"، ما يعني أن ثلاثة أرباع تكاليف العلاج الصحي تدفع من جيوب الناس الخاصة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم هذا كله فإن هناك الكثير من الناس لا يستطيعون الذهاب إلى العيادات الخاصة، أو يعيشون في مناطق بعيدة عنها. ومع وجود بعض العيادات التي تديرها الجمعيات الخيرية والدينية، التي توفر بعض العناية، إلا أن الكثيرين مجبرون على الذهاب للنظام الصحي العام والمتوفر لهم. وقد يتقدم بعض المرضى بطلبات لتغطية تكاليف العلاج، وعادة ما يكون العلاج في غرف الطوارئ مجانيا. ولكن المرضى يضطرون لدفع رسوم غير رسمية، حيث لا يمكن العيادات الصحية مواصلة العمل دونها.
وتقول المجلة إن الإنفاق الحكومي على العناية الصحية من المتوقع أن يصل هذا العام إلى 42.4 مليار جنيه مصري "5.6 مليار دولار"، أي بزيادة 27% عن العام الذي قبله. ولكن مستوى الإنفاق لا يمثل إلا 1.75% من الدخل القومي العام، وهو أقل من المعدلات الدولية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه رغم أن الدستور الذي أقر العام الماضي يحدد الإنفاق على العلاج الصحي بزيادة ليست أقل من 3% من الدخل القومي العام، وأن هناك نقاشا لتوسيع تغطية العلاج كي تشمل الجميع، إلا أن الحكومة تعاني من نقص المال؛ لأنها تواصل الإنفاق على الخبز والسكر والوقود، وتنفق على المدينة الجديدة قرب القاهرة.
وتلفت المجلة إلى أن عمال القطاع العام، الذين يعانون من قلة الرواتب، قد دعوا إلى عدد من التظاهرات للمطالبة برواتب أفضل. ويقول الطبيب في بورسعيد محمود بشر، إنه يحصل على 200 دولار في الشهر، وهو راتب يشبه راتب الموظف المدني، ويضيف: "فكرت بترك القطاع العام".
ويورد التقرير أن هناك الكثيرين تركوا القطاع العام، فيما انضم آخرون للقطاع الطبي الخاص، حيث يحصلون على رواتب أعلى، وغادر آخرون إلى الخارج، وهناك أطباء مصريون في السعودية أكثر مما هو موجود في مصر.
وتذكر المجلة أن هناك 400 من بين أربعة آلاف عيادة تابعة للحكومة بلا أطباء، كما يقول السباعي من المبادرة المصرية. وتتم إساءة استخدام المصادر المتوفرة، وبعض العيادات لديها أدوات طبية حتى لو لم يكن فيها طبيب لاستخدامها.
وينوه التقرير إلى أن الفساد مستشر، فثلاثة أرباع المصريين يعتقدون أن الخدمات الصحية فيها اعوجاج، بحسب استطلاع أعدته مؤسسة الشفافية الدولية. ولا يتوفر للمرضى الكثير من المواد، ويتعرض بعضهم للضرب من الأطباء الذين طالبوا من جانبهم باستقالة وزير الصحة.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي ظهرت فيه صفحات على "فيسبوك" تشجب الخدمات العامة الأخرى، لكن القطاع الصحي هو الأسوأ.