رأى مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن ديفيد شينكر، أنه بالرغم من تأكيدات جنرالات عسكرية
مصرية بأن الجيش ينتصر في
سيناء على
تنظيم الدولة، إلا أن ذلك لا يعني أن نصرا يلوح في الأفق.
وقال الباحث شينكر في تقرير كتبه على موقع معهد واشنطن الإلكتروني، إن "الإرهاب لا ينفكّ يترسّخ أكثر فأكثر على طول ضفاف نهر النيل في مصر، ومع دعم إدارة أوباما جدول الأعمال الاقتصادي للسيسي، غير أن الدعم لن يكون ذا أهمية كبيرة إذا ما استمر الأمن في التدهور، إذ إنه في ظل غياب أي تحول نحو اتباع تكتيكات مكافحة الإرهاب الحديثة، قد تواجه البلاد عقدا طويلا من المشكلات تحت حكم
السيسي".
وفي استعراض منه لحقبة عاشتها مصر في حقبة التسعينيات، يروي شينكر أنه "كانت مصر محظوظة؛ لأنّ التفجير الانتحاري الذي وقع في المقصد السياحي الشهير في مدينة الأقصر في الحادي عشر من حزيران/ يونيو، لم يقتل سوى اثنين من رجال الشرطة".
وواصل قائلا: "فخلال هجوم مماثل وقع في مدينة الأقصر عام 1997، قُتل 58 سائحا أجنبيا. وقد نجت مصر هذه المرة من فاجعة جماعية أخرى، إلاّ أنّ هذه الحادثة قد تكون نذيرا لما ستكون عليه الأمور في المستقبل. ففي الواقع، وقبل أيام قليلة فقط من وقوع الانفجار في الأقصر، قُتل اثنان من رجال الشرطة عند أهرامات الجيزة، على مشارف القاهرة".
ولفت شينكر إلى أنه "خلال العام الماضي، كان السيسي والجيش غير قادرين على احتواء أو دحر تمرد الجماعة التي تدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في سيناء. وبدأ العنف مع سقوط الرئيس حسني مبارك -الذي شغل منصبه لفترة طويلة- في عام 2011، وأصبح أسوأ تدريجياً. وحتى الآن، قُتل حوالي 1000 من الجنود ورجال الشرطة في محاولة لاحتواء التمرد المتنامي في شبه جزيرة سيناء".
واعتبر أن "بداية العمليات الانتحارية خارج قناة السويس تمثل عودة إلى فترة التسعينيات، عندما واجهت مصر تمردا خبيثا ومتواصلا بقيادة «الجماعة الإسلامية». وخلال ذلك العقد، عاثت «الجماعة الإسلامية» فسادا في مصر -عندما كان يتزعمها رجل الدين الضرير الشيخ عمر عبد الرحمن- حيث استهدفت رجال الشرطة، والمسؤولين الحكوميين، والمسيحيين الأقباط، والسياح، الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص".
وأضاف الكاتب أنه "بالإضافة إلى الخسائر البشرية المرتفعة خلال ذلك العقد، كانت التكلفة الاقتصادية مرتفعة أيضاً. فطوال التسعينيات، اقتصرت السياحة، التي تشكل حوالي 10 في المائة من الاقتصاد المصري، على نحو 300 ألف زائر فقط شهريا. وفي عام 1998، أي بعد عام من هجوم الأقصر، انخفضت عائدات السياحة بنسبة تزيد على 25 في المئة، لتصل إلى أقل من 3 مليارات دولار، واستمرت بالنموّ بشكل بطيء إلى أن انقشع دخان أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
ومع هزيمة «الجماعة الإسلامية» بحلول عام 2011، كان عدد الزوار الأجانب إلى مصر قد ارتفع إلى أكثر من 1.5 مليون زائر شهريا".
ونوه إلى أنه "بحلول عام 2013، أي بعد عامين من سقوط مبارك، صنف البنك الدولي مصر في المرتبة 140 والأخيرة في العالم، بعد باكستان واليمن، في مجال سلامة السياح".
واستطرد الباحث أنه "في آب/ أغسطس قبل عامين، أطلق إرهابيون تابعون لتنظيم القاعدة قنبلة صاروخية على سفينة كانت تعبر القناة. وبشكل مثير للدهشة، لم تتكبد السفينة أضرارا جسيمة. ولكن اليوم، تمتلك الجماعة التابعة لتنظيم داعش في سيناء أسلحة روسية متقدّمة مضادة للدبابات قادرة على إغراق سفينة، وبالتالي عرقلة حركة المرور بشكل فعال عبر قناة السويس".
إزاء ذلك، عد كاتب التقرير أن كل هذه الأخبار السالف ذكرها "سيئة بالنسبة للرئيس السيسي، الذي كان قد راهن بكل ما يملك على إنعاش الاقتصاد المصري. فقبل كل شيء، يعتمد إنعاش السياحة، وإيرادات القناة، والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، على إعادة إرساء الأمن في البلاد".
وذهب بالقول إلى أن "إرساء الأمن في مصر، سواء في سيناء أو غرب قناة السويس، لا يتوقف على الدبابات والطائرات المقاتلة أو حتى على المروحيات الهجومية. ومثله مثل مبارك في التسعينيات، لن يتمكن السيسي من النجاح في قمع التمرد إلا إذا تبنى نهجا جديدا".
وأنهى شينكر تقريره بالقول إن "تعلق الجيش المصري الرجعي بأنظمة موروثة مكلفة وغير ملائمة لحملة مكافحة الإرهاب، يشكل أحد التحديات الدائمة أمام السيسي. فإلى جانب مسألة المعدات، تتجاهل العمليات المصرية في سيناء تقنيات مكافحة التمرد الحديثة التي تم تعلّمها بصعوبة، باستخدامها استراتيجيات حركية بشكل مفرط في كثير من الأحيان، بدلا من استراتيجيات اقتصادية".