رفيق "جهيمان" يروي تفاصيل مثيرة عنه وعن حادثة الحرم (فيديو)
عربي21 - مؤيد باجس27-Jun-1506:31 AM
شارك
الحزيمي استمر ثلاث سنوات في الجماعة ولم يشارك بحادثة الحرم - روتانا
سرد الكاتب، والباحث السعودي، ناصر الحزيمي، حادثة اقتحام جهيمان العتيبي، ومجموعته للحرم المكي عام 1979، مفصّلا في بداية تأسيس "الجماعة السلفية المحتسبة"، التي قادها جهيمان لعدة سنوات قبل أن تنتهي بإعدام جل قياداتها.
وأوضح الحزيمي خلال استضافته ببرنامج "في الصميم"، مع الإعلامي عبد الله المديفر، أنه وفي عام 1965، قام عدد من الشباب في المدينة المنورة، بتكسير المجسمات النسائية في محلات الملابس، منوهّا إلى أن مفتي المملكة السابق، عبد العزيز ابن باز كان يوصي بنصحهم شفاهية فقط.
وقال الحزيمي، إنه بعد تلك الحادثة، أسس جهيمان العتيبي برفقة خمسة أشخاص آخرين "الجماعة السلفية المحتسبة" عام 1966، وأضاف: "بعد تأسيسها بقليل، توفي شخص يمني، وفُصل آخر بسبب اكتشاف أنه من جماعة الإخوان المسلمين، وانضم إليهم بهدف جرّهم نحو الإخوان، ليتبقى أربعة مؤسسين فقط".
وعن سبب تسميتها بهذا الاسم، كشف الحزيمي أن مؤسسي الجماعة ذهبوا إلى ابن باز ليعرضوا عليه فكرتهم، علما بأن اسم الجماعة حينها كان "الجماعة السلفية"، إلا أن ابن باز أشار عليهم بإضافة كلمة "المحتسبة"، كونهم "يحتسبون الأجر عند الله، ولا يقبضون رواتب من أحد"، وفق قوله.
الحزيمي قال، إن ابن باز كلّف "أبو بكر الجزائري" بالعمل كنائب له في إرشاد الجماعة، التي بدأت بالانتشار في كبرى المدن السعودية، وازداد أتباعها، نظرا "لحماسهم في العمل، ومشاركتهم في الأنشطة الدعوية لقوافل الحج، والعمرة في شهر رمضان المبارك".
وعن بداية جذور الخلاف بين جهيمان ومؤسسي الجماعة، كشف الحزيمي أنه بعد فصل "الحرس الوطني" لجهيمان من وظيفته (سائق شاحنة) بداية سبعينيات القرن الماضي، قام الأخير بمضايقة مؤسسي الجماعة الذين كانوا يعملون بوظائف حكومية أيضا، مدعيا أن عملهم الحكومي يقف حاجزا أمام صدعهم بالحق، نافيا أن يكون قد كفّرهم، أو حتى كفّر الحكومة، وفق قوله.
وبيّن الحزيمي، أن جهيمان العتيبي كان يتفادى الذهاب إلى المدن الكبيرة، والدخول في مساجدها، مرجعا السبب في ذلك، إلى العقدة التي كان يشعر بها العتيبي بسبب ضعف لكنته، وخطبه من الجانب النحوي، مقارنة بخطباء المساجد الآخرين.
وواصل الحزيمي، حديثه عن شخصية جهيمان العتيبي، كاشفا أنه كان من أمهر مفسري الأحلام في المملكة، وأضاف: "الله أعطاه فراسة قوية".
وأوضح أن خلافا شديدا حصل بين مؤسسي الجماعة عام 1977، بسبب قول جهيمان إنه "لم يبايع ولي الأمر (الملك)، وهو ما أغضب رفاقه".
وربط ناصر الحزيمي قضية "عدم بيعة جهيمان للملك"، بقضية المطاردة التي تلته، حيث وصل تقرير إلى وزارة الداخلية يفيد بأن "الجماعة السلفية المحتسبة" تملك مستودعات للأسلحة، حيث تم اعتقال العديد من أعضاء الجماعة، بينما تمكن آخرون من الهرب، بينهم جهيمان، وفق قوله.
الحزيمي قال، إنه بعد تبرئة مؤسسي الجماعة من التهم الكيدية ضدهم، بقي جهيمان العتيبي مطاردا، وشكّل حوله مجموعة من الشباب المتحمس، الذي اعتمد عليهم بقية مشواره، لا سيما أن علاقته مع أقرانه المؤسسين كانت متوترة، موضحا أن تلك الفترة كانت قبيل حادثة اقتحام الحرم بسنتين، على حد قوله.
وعن التخطيط لدخول الحرم، أوضح الحزيمي أن "جهيمان ارتأى بأن محمد بن عبد الله القحطاني وهو أحد أعضاء الجماعة هو ذاته المهدي المنتظر"، وأضاف: "أنزلوا جميع أحاديث الفتن، وأشراط الساعة على واقعنا، وتواترت الرؤى بأن محمد بن عبد الله هو المهدي".
يشار إلى أن جهيمان العتيبي تزوج شقيقة محمد بن عبد الله بعد إقناعه بأنه "المهدي".
ووفقا لناصر الحزيمي، فإن محمد بن عبد الله القحطاني لم يكن مقتنعا بأنه "المهدي" في بادئ، الأمر، إلّا أن جهيمان العتيبي أقنعه بالأمر لاحقا، وهي الفترة التي كان فيها "جهيمان يقوم بطباعة منشورات أشراط الساعة والفتن في مطبعة بالكويت، ويوزعها في السعودية".
توالت الانشقاقات بعد طرح جهيمان مسألة "المهدي"، وفقا للحزيمي، وتابع: "كنت أنا من الفريق غير المقتنع بفكرة المهدي، وما يترتب عليها من دخول الحرم، وكنت أعلم من قبل 6 شهور أن تاريخ الدخول هو بداية القرن الهجري الجديد، والآن أنا نادم لأني لم أقم بتبليغ الأجهزة الأمنية حينها".
وحول الاستعدادات لاقتحام الحرم المكي، قال الحزيمي إن الجماعة بدأت بإدخال الذخيرة، والتمر عبر شاحنات نقل المياه داخل الحرم، مشيرا إلى أن اليوم المحدد للاقتحام، شهد إدخال الأسلحة عبر التوابيت.
وأضاف: "كانوا حوالي مائتي شخص، قاموا بإغلاق أبواب الحرم المكي كافة، وبعد الانتهاء من الصلاة، أخذ الميكروفون شخص اسمه خالد اليامي، ودعا الناس لمبايعة محمد بن عبد الله"، وتابع: "عناصر الجماعة، وبعض المصلين بايعوا، وتم بعدها فتح الأبواب لخروج المصلين".
ونوّه الحزيمي، إلى أن محمد بن عبد الله لم يكن له أي تأثير يذكر على أفراد الجماعة، سوى المحيطين به، بالرغم من تمتعه بالخطابة الجيدة، والأدب، والشعر، حيث كان من أقران الشاعر المعروف عبد الرحمن العشماوي.
وأكمل: "ظن أعضاء الجماعة أن المسألة لن تأخذ معهم أكثر من ثلاثة أيام، ولم يكن بحسبانهم أن الأمور تطورت، وامتدت إلى 15 يوما، نفدت خلالها ذخيرة الجماعة، بالإضافة إلى نفاد كامل طعامهم".
وتابع: "أخبرني أحد الموجودين في الحادثة، أن محمد بن عبد الله كان يتجول بين المقاتلين، ويأخذ منهم البيعات"، وأضاف: "انتشر قناصة الجماعة على منارات الحرم المكي، وكانوا جريئين في استهداف أي شخص، حتى المدنيين".
وأشار إلى أن الجماعة استخدمت فرش المسجد، كمتاريس تحميهم من رصاص الجيش السعودي، وأضاف: "احتجزت الجماعة رهينتين لعدة أيام، أحدهما إمام الحرم الشيخ محمد السبيل، الذي تمكن من الهرب، دون أن يصاب بأذى".
الحزيمي نوّه إلى أن أحداث القصة التي يرويها، نقلها له "فيصل محمد فيصل"، أحد المشاركين في اقتحام الحرم، مشيرا إلى أنه التقى به أربعة عشر يوما في السجن، قبل أن يتم إعدامه.
ويقول الحزيمي إنه انضم إلى "الجماعة السلفية المحتسبة"، عام 1976، وبقي فيها إلى قبل أحداث الحرم بستة شهور، وبعد الأحداث تم اعتقاله لمدة سبعة سنوات، وفق قوله.
ويقول الحزيمي: "قال لي فيصل، بعد ثلاثة أيام اختفى، محمد بن عبدالله، وكثر السؤال عنه، بعدها تبيّن أنه مقتول في المسعى، وبدأ الشباب يلقون سلاحهم ويرفضون القتال للإحباط الذي أصابهم، إذ كيف للمهدي أن يُقتل؟".
وتابع: "في البداية رفض جهيمان الاعتراف بأن محمد بن عبد الله قُتل، وبعدها حينما تبيّنت الحقيقة، ووُجد مغطى بسجادة صلاة في المسعى، طالب جهيمان من عناصر الجماعة البقاء، ومواصلة القتال، إلا أن الكثير منهم نزل إلى القبو، وبعد ذلك تم رمي قنابل غاز مسيل للدموع من قبل الجيش علينا"، نافيا أن يكون هناك إغراق بالماء، وفقا لما ذكرته عدة روايات.
وفي رواية ملفتة، قال ناصر الحزيمي إن السيناريو الذي خطّط له جهيمان العتيبي وجماعته، هو: "يدخلون الحرم، ويبايعون محمد بن عبد الله بين الركن والمقام، ثم يبقون مسيطرين على الحرم إلى حين قدوم الجيش، وبعد ذلك سيخسف الله بالجيش".
وتابع: "وبعد أن يخسف الله بالجيش، يتوجه جهيمان وجماعته إلى المدينة المنورة، كي يقاتل محمد بن عبد الله، المسيح الدجال!، وبعد ذلك يتوجهون إلى فلسطين ليقاتلوا اليهود".
وعاد الحزيمي في الحديث إلى شخصية جهيمان العتيبي، قائلا إنه استطاع أن يتحكم بمجموعة من المثقفين، والأكاديميين، ومن ضمنهم محمد بن عبد الله، رغم أنه لم تتعد مسيرته الدراسية الصف الرابع الابتدائي، فقط.
وأرجع الحزيمي السبب في قدرة جهيمان على ذلك، إلى "الكاريزما" التي يتمتع بها، مضيفا: "كان صاحب خلق كبير، ولباقة في الكلام، بالإضافة إلى ذاكرته الجيدة، بالإضافة إلى كونه كبيرا في السن، مقارنة بأفراد جماعته".
وقلّل الحزيمي من القدرة على التخطيط الاستراتيجي عند جماعة جهيمان، فبالرغم من تمكّنهم من اقتحام الحرم، رغم أن عددهم لم يتجاوز المائتين شخص، إلّا أن الحزيمي اعتبر ذلك ليس إنجازا، مضيفا: "لو عندي سلاح، ومائتي شخص، لن أحشر نفسي في أماكن معينة بالحرم".
وعند سؤال المذيع له عن مصدر تمويل جماعة جهيمان، قال الحزيمي: "لم يكونوا مرتبطين بأي جهة خارجية، كل ما في الأمر أنهم قاموا ببيع مزارعهم، وشراء الأسلحة بأموالها".
وحول سؤال ورد عن التوجه الفكري لجماعة جهيمان، أشار الحزيمي أن جهيمان ذاته كان ينتقد الإخوان المسلمين، والسلفية العلمية الممثلة بعلماء السعودية، وجماعة التكفير والهجرة في مصر، وأضاف: "كان ضد مبدأ الجماعات كلها".
وأضاف: "البعض يربط بين جهيمان، وفكر القاعدة أو داعش، وهذا أمر خاطئ، فتركيبة جهيمان أثرت فيها القبلية، وكان هدفه خلاصي بوضوع المهدي، بعكس القاعدة، وداعش اللتين لديهما مشروع سياسي بحت".
واعتبر ناصر الحزيمي أن حادثة جهيمان أدت إلى إيقاف مشروع نهضوي في السعودية، وتكريس خطاب الصحوة، وأضاف: "على سبيل المثال، كان جهيمان يطلب من الحكومة ألا تخرج النساء في التلفاز، وبعد حادثة الحرم بدأ تطبيق ذلك بشكل كبير".
وختم الحزيمي حديثه، قائلا: "أهم درس تعلمته من رفقتي لجهيمان، هو ألا أسلم عقلي لغيري، وهو ما يحصل الآن مع الكثير من الشباب للأسف، وهي التبعية، التي قد تصل بالشخص إلى القيام بأعمال إرهابية".
يشار إلى أن السلطات السعودية قامت بعد حادثة الحرم بأسابيع، بإعدام جهيمان العتيبي و60 آخرين من أعضاء جماعته.
ووقعت حادثة الحرم، في عهد الملك خالد بن عبد العزيز الذي تولّى مقاليد الحكم بين عامي 1975 - 1982.