كشف مدير المكتب الصحي في مجلس محافظة
حلب الحرة، عبد السلام ضعيف، أن عدد
الأطباء المتواجدين في الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار في مدينة حلب لا يتجاوز 50 طبيبا من كل الاختصاصات، في الوقت الذي يقدر فيه عدد سكان هذه الأحياء بحوالي 400 ألف نسمة، أي بمعدل طبيب واحد لكل ثمانية آلاف نسمة.
ويعد هذا الرقم كارثيا بكل المقاييس الصحية الدولية، حيث يبلغ المتوسط العالمي لعدد الأطباء مقارنة بعدد السكان 14 طبيبا لكل 10 آلاف نسمة، بينما تمتلك الدول المتقدمة طبيبا واحدا لكل 400 نسمة.
وقال ضعيف، في اتصال مع "عربي21": "يواجه الأطباء ضغطا شديدا في العمل، كونهم قد يضطرون للعمل خارج تخصصهم الطبي، وفي أكثر من مركز صحي في وقت واحد".
وأضاف: "نعاني نقصا شديدا في أعداد الأطباء، ولذلك يبذل الأطباء هنا قصارى جهدهم حتى يقدموا الخدمة الطبية لهذا الكم الهائل من السكان، تزامنا مع القصف الذي تشنه قوات النظام على المدنيين بشكل يومي".
وأكد ضعيف استهداف طيران النظام لثمانية مراكز صحية منذ بداية الشهر الحالي، ما أسفر عن دمار بنسب متفاوتة أصاب مباني المراكز الصحية المستهدفة، مشيرا إلى إعادة هذه المراكز للعمل بعد صيانتها.
من جهته، وصف الدكتور عبد الرحمن حافظ، مدير مشفى الحرية الميداني، الوضع الصحي في مدينة حلب بـ" الخطير"، وذكر خلال حديث مع "عربي21"، عدة عوامل أسهمت في تدهور الوضع الصحي، أبرزها تردي الوضع الأمني، وغياب الدعم المادي لعمل الأطباء، وعدم تحييد عمل الأطباء من قبل الأطراف المتصارعة.
وقال حافظ: "يتقاضى أغلب الأطباء مبالغ مادية مغرية فور مغادرتهم البلاد، بينما يغيب الدعم المالي عن أطباء الداخل، وكأن ذلك عقاب لهم بدلا من تشجيعهم على البقاء في الداخل الذي هو بحاجتهم".
وتغيب الأرقام والإحصائيات الرسمية لعدد الأطباء الذين غادروا البلاد بشكل نهائي، مفضلين الاستقرار في الدول الأوربية، مبررين ذلك باستحالة العيش داخل البلاد التي تحولت إلى جحيم على حد تعبيرهم. لكن التقديرات تشير إلى أن نحو نصف الأطباء قد غادروا، علما بأن عددهم قبل اندلاع الحرب كان نحو 30 ألف طبيب، أي بمعدل طبيب واحد لكل 766 نسمة.
الدكتور منير عروق، طبيب أطفال سوري من مدينة حلب، توجه إلى السويد لاجئا في أواخر العام 2013، بعد تعرضه لمضايقات من أجهزة أمن النظام السوري، بحجة دعمه للتظاهر، بعد أن طرح مبادرة في بداية الثورة أسماها "أطباء تحت القسم"، كان يهدف من خلالها إلى الدعوة إلى تحييد عمل الأطباء، والسماح لهم بتقديم الخدمة الطبية لمن يحتاجها بغض النظر عن لونه السياسي.
يقول عروق في حديث لـ"عربي21": "لم أترك البلاد حبا يغيرها، لكن أيقنت في فترة تواجدي الأخيرة في مناطق النظام، خصوصا بعد وفاة الطبيب صخر حلاق في أقبية المخابرات (في حلب)، أن الحياة باتت مستحيلة، لا سيما بعد توجيه تهمة دعم المتظاهرين لي من قبل فرع المخابرات الجوية لي صراحة".
وعند الحديث عن وضع الأطباء في مناطق الثوار، قال عروق: "النظام خالف كل الأعراف الدولية والقوانين التي تحرم استهداف المراكز الصحية خلال الحروب، بل وأبعد من ذلك، كانت هدفا مباشرا له، علاوة على استهداف بعض الفصائل المعارضة لعمل الأطباء أيضا، والشواهد على ذلك كثيرة".
ويعبر عروق عن ألمه؛ لأن أطفال
سوريا بحاجة إلى تقديم الخدمة الصحية أكثر من أقرانهم هنا في السويد حيث يقيم، كما يقول.
في غضون ذلك، علّق بنك دم حلب المركزي أعماله، بعد استهداف البنك يوم السبت الماضي ببرميل متفجر ألقته طائرة مروحية على مبنى بنك الدم الوحيد التابع للثوار، ما أسفر عن مقتل طفل من المراجعين للبنك، ودمار جزئي طال المبنى.