قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن الولايات المتحدة تحاول إصلاح الجسور مع حلفائها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تعمل فيه على إنجاز تسوية مع
إيران حول مشروعها
النووي. وتحاول واشنطن التأكيد لحلفائها أنها لن تسمح لإيران بالهيمنة على المنطقة.
ويشير التقرير، الذي أعده مراسل الصحيفة في واشنطن جيف داير، إلى أن قرار الإدارة الأمريكية استئناف المساعدات العسكرية للبحرين، الذي أعلنته في وقت متأخر من الاثنين الماضي، يأتي ضمن هذه الجهود.
ويقول الكاتب إنها خطوة تهدف إلى إصلاح الجسور مع الحلفاء في المنطقة، وسط مظاهر القلق من المنافع الاقتصادية التي ستجنيها إيران من الاتفاق النووي.
وتبين الصحيفة أن قرار
البحرين يظهر الجو المسموم الذي خلفته الولايات المتحدة في محادثاتها مع إيران، الذي امتد تأثيره إلى المنطقة، رغم أنه لم يتم التوقيع على الاتفاق بعد، ولم يتبين فيما إن كانت إيران ستلتزم بشروط الاتفاق. وسيكون بإمكان واشنطن أيضا معرفة أثر الاتفاق على ميزان القوة بشكل عام.
ويذكر التقرير أن المفاوضين، الذين حددوا موعد 30 حزيران/ يونيو لتوقيع الصيغة النهائية للاتفاق، كانوا قد اتفقوا على تمديده حتى 7 تموز/ يوليو الجاري.
ويجد داير أنه في حال قاد الاتفاق النهائي إلى زيادة دعم إيران لحلفائها في سوريا واليمن، فستجد الإدارة الأمريكية صعوبة للحصول على دعم سياسي للاتفاق، وستتعرض لضغوط كي تنخرط أكثر في مشكلات المنطقة.
وتنقل الصحيفة عن النائب ليندزي غراهام، الذي يخوض معركة انتخابية للحصول على دعم حزبه له ليكون مرشح عام 2016، قوله: "الإيرانيون نازيون ولكنهم متدينون، فماذا تعتقد أنهم سيفعلون بالمال؟".
ويوضح التقرير أنه بالإضافة إلى التركيز على تفاصيل الاتفاق وطريقة التفتيش، ومصير منشآت النفط، فقد ركز النقاش في واشنطن على المنافع الاقتصادية التي ستجنيها إيران من الصفقة، بعد الإفراج عن الأموال المجمدة. فمن المحتمل حصول إيران على أكثر من 100 مليار دولار خلال العام المقبل، وهذا كله يعتمد على الكيفية التي ستدار فيها مسألة العقوبات بناء على الاتفاق النهائي.
وينوه الكاتب إلى أنه في الوقت الذي يقول فيه نقاد الاتفاق إن هذه المبالغ قد تعطي إيران مصادر كافية لتوسيع تأثيرها في المنطقة، يؤكد المسؤولون الأمريكيون أن طهران ستكون تحت ضغوط لإنفاق أي مبلغ من المال تحصل عليه لتحسين أوضاعها الاقتصادية.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي: "لقد شاهدت ردة الفعل في شوارع طهران بعد توقيع اتفاق الإطار، فهم يتوقعون تحسن الوضع الاقتصادي بشكل بارز".
وبحسب مدير المجلس الإيراني الأمريكي، وهو مجموعة ضغط، تريتا بارسي، فإن قدرة إيران على التأثير ليست مرتبطة بالقوة الاقتصادية، لأنها تستخدم عادة طريقة أقل كلفة بالعمل من خلال وكلاء. ويقول بارسي للصحيفة: "العائق الرئيس الذي تعاني منه إيران ليس عدم وجود أموال كافية، ولكن عدم توفر الرجال للمساعدة في تدريب القوات الوكيلة عن إيران. ولهذا فلن يكون للمال أي أثر مباشر على قدرة الإيرانيين لنشر قوات في سوريا".
ويعرض داير لوجهة نظر المحلل في مركز "كارنيغي" في واشنطن كريم ساجدبور، الذي يرى أن التنافس السعودي الإيراني قد زاد منذ توقيع اتفاق الإطار بين طهران والقوى الأخرى في نيسان/ أبريل، خاصة في اليمن، متوقعا أن يزيد هذا التوتر.
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي استخدمت فيه إيران أموال تخفيف العقوبات للإنفاق على الاقتصاد المحلي، إلا أنها كانت الداعم الرئيس للنظام السوري خلال السنوات الأربع الماضية، رغم العقوبات الشديدة، ويقول الكاتب: "ولو حصلوا على مال أكثر فسيواصلون إنفاقها بنفس الطريقة".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تقلل فيه واشنطن من أهمية تحول إيران إلى قوة مهيمنة بعد الاتفاق، إلا أنها تحاول ومنذ عدة أشهر طمأنة حلفائها بأنها ستعمل كل ما بوسعها لتقييد تأثير طهران في المنطقة.
ويشير الكاتب إلى أن قمة كامب ديفيد في أيار/ مايو، كانت جزءا من هذه الجهود، وكذلك قرار دعم الحملة
السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، رغم تحفظ واشنطن على الغارات الجوية.
ويذكر التقرير أن الخارجية الأمريكية استأنفت الدعم للبحرين، الذي علق بعد حملة القمع للتظاهرات الداعية إلى الديمقراطية عام 2011، رغم اعترافها بأن سجل حقوق الإنسان ليس جيدا.
وتنقل الصحيفة عن المسؤولين الأمريكيين قولهم إن تعاونا وثيقا مع دول الخليج قد يتم في مجال العلم العسكري المشترك والأمن الإلكتروني والعمليات الخاصة في مجال التدريب والحراسة البحرية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن موضوع الحرب الأهلية السورية سيظل الأكثر حساسية، خاصة أن واشنطن قاومت ضغوطا من حلفائها الخليجيين للتورط أكثر في الحرب. مشيرة إلى أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها بعد الاتفاق مع إيران عرضة للضغوط والمساعدة في إقامة مناطق آمنة في الجنوب وشمال سوريا؛ كي تكون ملجأ لتدريب وتسليح المعارضة.