نهاية المساعدات الطارئة وإفلاس البنوك والانهيار الاقتصادي والخروج من
اليورو.. إذا فازت الـ"لا" في استفتاء الأحد، قد تتجه
اليونان سريعا نحو سيناريو أسود، إلا إذا وافق شركاؤها الأوروبيون على تقديم تنازلات خوفا من مخاطر وتداعيات خروجها من اليورو.
بدا رئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس، واثقا من تصريحاته هذا الأسبوع، عندما دعا اليونانيين إلى رفض مقترحات الدائنين، بقوله إن التصويت "بـ(لا) لا يعني القطيعة مع
أوروبا"، وإنما هي وسيلة قوية للضغط للحصول على "اتفاق أفضل".
ولكن يورن ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو، رد بقوله إن "هذا ليس صحيحا".
فهل هي مقامرة أم تفاؤل منقطع النظير؟ يقول هولغر شميدنغ الاقتصادي لدى برنبرغ إن الاحتمال محدود بأن تعود أثينا من موقع قوة في حال حصلت على تأييد الناخبين. ويضيف: "إذا صوت اليونانيون بـ(لا) فسيصبح التوصل إلى اتفاق مع الدائنين أكثر صعوبة بكثير".
باتت اليونان منذ الثلاثاء متخلفة عن تسديد ديونها بعد عجزها عن تسديد دفعة مستحقة لصندوق النقد الدولي من 1.5 مليار يورو. ويفترض أن تسدد 3.5 مليار يورو للبنك المركزي الأوروبي في 20 تموز/ يوليو.
وقالت أنييس بيناسي كيريه، من كلية الاقتصاد في باريس، إن "أثينا في وضع معقد جدا. هي تحتاج لتمويل خارجي لتسديد ديونها، ولكن كذلك لدفع رواتب موظفيها الآن مع تدهور اقتصادها مجددا".
يؤمن البنك المركزي الأوروبي وحده حاليا استمرارية القطاع المصرفي اليوناني عبر دعم البنوك التي فرغت خزائنها تقريبا. والأربعاء قرر حكام المصرف الإبقاء على سقف المساعدة الطارئة مؤجلين اتخاذ قرار بوقفها، بانتظار انتهاء الاستفتاء.
ولكن ما إن يجرى الاستفتاء، فقد يتغير الأمر. فقد يتم الإبقاء على المساعدة الطارئة كما هي لبضعة أيام ولكن "بعد 20 تموز/ يوليو، وإذا لم يحصل البنك المركزي الأوروبي على المال، فسيصبح الأمر مستحيلا تقريبا"، وفق بيناسي كيريه.
ماذا سيحل بالاقتصاد اليوناني عندما يحرم من التمويل الخارجي؟ وكالة ستاندارد أند بورز للتصنيف قالت في بيان، إنه "من دون دعم نظام اليورو، سيصبح نظام الدفع معطلا ولن تكون بنوكها قادرة على العمل".
مع تعطل أجهزة الصرف الآلي ووقف العمل ببطاقات الائتمان قد تعمد الحكومة لتيسير الأمور إلى عملة "موازية"، مثل الأوراق التجارية أو الكمبيالات التي يتم من خلالها الاعتراف بالديون، وإذا وضعتها الحكومة في التداول فإنها يمكن أن تنتشر في القطاع الخاص.
ولكن إذا تم إصدارها بموازاة اليورو، فقد تفقد هذه الأوراق التجارية المؤقتة قيمتها سريعا. عندها قد تشهد البلاد تضخما متسارعا وانهيارا لنظام الادخار. وستبقى الفواتير غير مسددة والمرتبات غير مدفوعة، وقد يصاب الاقتصاد كله بالشلل.
هل ستبقى اليونان في هذه الحالة عضوا في منطقة اليورو؟ في الواقع، لا. ولكن "طالما أنه لا توجد آلية قانونية للخروج من اليورو، فالخطر كبير بشأن ما سيحدث في أوروبا كلها فيما بعد"، وفق هنريك أنرلين من معهد جاك دولور.
هل سيترك شركاء أثينا الأوروبيون البلاد تغرق في الفوضى؟ هل سيعملون على مساعدتها من خلال مساعدات جديدة أو قروض جديدة رغم عجزها عن السداد؟
وأمام استراتيجية ألكسيس تسيبراس باعتماد سياسة التصالح تارة والمواجهة تارة أخرى، برزت الانقسامات بين مناصري الخط المتشدد مثل ألمانيا ودول البلطيق ودول شرق أوروبا والمعتدلين مثل فرنسا.
وبدا نائب رئيس المفوضية الأوروبية فلاديس دومبروفسكيس مطمئنا بحديثه عن "إمكانية التوصل لاتفاق" قبل 20 تموز/ يوليو، في حين بدا رئيس المفوضية جان كلود يونكر جازما بقوله إن التصويت بـ"لا" في الاستفتاء يعني "لا لأوروبا".
وقال هولغر شميدنغ: "هل سيجعل التصويت بـ(لا) خروج اليونان من اليورو حتميا؟ هناك أمور قليلة مؤكدة مائة بالمائة. ولكن خطر حدوث ذلك في هذه الحالة سيكون كبيرا جدا"، متسائلا حول المساعدة التي ستقدمها أوروبا حينها لليونانيين "لتخفيف الصدمة".
وتقول بيناسي كيريه: "ما سيحدث في اليونان في حال فوز الـ(لا) لن يتمثل فقط بحدوث سلسلة من الأحداث الاقتصادية، وإنما سيتوقف على المفاوضات السياسية. نحن في وضع لم يسبق له مثيل، لا أحد يعلم إلى أين ستفضي الأمور".