أثارت الزيارة التي قام بها أمير
قطر تميم بن حمد للإمارات قبل أسابيع آمالا بإمكانية إزالة الجليد في العلاقات بين البلدين، خصوصا أنها جاءت بعد إفراج أبو ظبي عن معتقلين قطريين بقرار رئاسي، وبالتزامن مع أجواء من التغيير في مجلس التعاون
الخليجي بعد استلام الملك سلمان لسلطاته ملكا للسعودية.
ولكن المتابعة لسياسية البلدين في أعقاب الزيارة تشير إلى أن تغييرا ملموسا لم يحدث في تعاطيهما مع الملفات الخارجية التي تمثل خلافا بين الدوحة وأبو ظبي، كما أن البيان الصادر في الوسائل الإعلامية الرسمية للبلدين لم يتجاوز العبارات الدبلوماسية التقليدية في مثل هذه الزيارات، ما يؤكد أن الخطوة لا تعدو كونها زيارة "مجاملة"، لم تؤثر على السياسات في أرض الواقع.
وقال مصدر خليجي لـ"
عربي21" إن الزيارة لم تخلق واقعا جديدا، وإن "الملفات الخلافية لا تزال عالقة في سياسة البلدين تجاه القضايا الساخنة في الإقليم، وعلى رأسها
مصر وليبيا واليمن، والعلاقة مع تيارات الإسلام السياسي في المنطقة".
وأضاف المصدر الذي طلب من "
عربي21" عدم الكشف عن هويته، إن استمرار هذه الخلافات بات يؤثر أيضا على الأوضاع الداخلية في كلا البلدين. فبينما تشهد
الإمارات على ما يبدو خلافات صامتة بين أولاد الشيخ زايد بن نهيان وبين محمد بن راشد، بسبب مخاوف الأخير من تأثر مصالح إمارة دبي التجارية والسياحية بسياسات أبو ظبي في المنطقة، يبدو أن الدوحة تشهد هي الأخرى خلافات داخل العائلة الحاكمة حول طريقة التعاطي مع الإمارات خصوصا في الملفات السياسية الخارجية بشكل عام.
ففي حين يغلب على الإدارة القطرية السابقة والحالية الرغبة في تأدية دور إقليمي قوي، والحضور الفاعل في الساحة الدولية من خلال دعم ما يرونه "قضايا عادلة" ومن بينها الربيع العربي، فإن تيارا آخر يرى أن قطر يجب أن تعود إلى الانكفاء على ذاتها، وأن تلتفت بشكل أكبر للجوانب الاقتصادية والرياضية وأن تبتعد عن الإشكالات السياسية، خصوصا داخل البيت الخليجي.
ويرى المصدر أن استمرار الخلافات بين البلدين يمثل سابقة في العلاقات الخليجية، التي كانت "عادة ما تنهي خلافاتها بشكل سريع، نظرا لطبيعة التداخل والتشابه في أنظمة هذه الدول وتشابكاتها العائلية والعشائرية والسياسية منذ تأسيسها".