بينما تتعرض الأحياء السكنية في مدينة
الفلوجة العراقية الخاضعة لسيطرة
تنظيم الدولة؛ لقصف جوي بالبراميل المتفجرة، وقصف بري براجمات الصواريخ والمدفعية بعيدة المدى، من جانب القوات الحكومية، بشكل شبه يومي، يقوم التنظيم بتعزيز خطوط دفاعه عبر "حزام أمني" يمتد لعدة كيلومترات حول المدينة.
وتحدث مصدر مقرب من تنظيم الدولة، يعيش حاليا في الفلوجة، إلى "
عربي21"، قائلا: "لم يستطع الجيش العراقي الاقتراب من المدينة طيلة فترة الحصار، باستثناء الأسابيع الأولى، حيث شن أكثر من 60 هجوما فاشلا على المدينة قبل أن تفقد الحكومة سيطرتها على الموصل وتتشتت قواتها، وظل تنظيم الدولة هو المبادر بشنّ الهجمات على الثكنات المحيطة بالمدينة".
ويضيف أن التنظيم قام بإنشاء حزام أمني يمتد إلى خمسة كيلومترات من الجهتين الشرقية والجنوبية، فيما ظل محور الاشتباكات الرئيسي، هو محور جنوب غرب الفلوجة على الطريق المؤدي إلى المدينة السياحية، على شواطئ بحيرة الحبانية، حيث يفرض تنظيم الدولة سيطرته على معظم المناطق المحاذية للطريق وصولا إلى مفرق عامرية الفلوجة المحاصرة، باستثناء الطريق المؤدي إلى منطقتي الزيدان، ومعبر بزيبز غرب العاصمة بغداد.
على الصعيد الداخلي، تشهد المدينة حالة من الاستقرار الأمني تغيب عنها التفجيرات، والاغتيالات، والاختطاف، والسرقات وغيرها، "وليس هناك ما يعكر صفو الأمن سوى قصف القوات الحكومية لأحياء المدينة، حيث يسقط يوميا العشرات بين قتيل وجريح"، كما يقول مسؤول الاستعلامات في مستشفى الفلوجة التعليمي، ثامر الزوبعي، في حديث خاص لـ"
عربي21".
ويقول الزوبعي: "تعتقد الحكومة أنها بهذه الأعمال الإجرامية ضد النساء والأطفال ستخلق بيئة معادية لقتال تنظيم الدولة من سكان الفلوجة، لكن هؤلاء ينظرون لهذه الجرائم من زاوية النهج الطائفي ضد عموم السنة في العراق، وفي
الأنبار بشكل خاص" حسب قوله.
وتحاول مليشيات الحشد الشعبي، ومعها مقاتلو صحوات العشائر، التقدم غربا نحو طريق عامرية الفلوجة، إلا أنها لم تنجح في مهمتها حتى الآن، "حيث وقع قبل ليال قليلة أحد الأرتال بكمين لمقاتلي تنظيم الدولة، أدى لتدمير عدة آليات، ومقتل العديد من المقاتلين، ما اضطره إلى الانسحاب باتجاه ثكنة عسكرية قريبة من تقاطع الطريق المؤدي إلى عامرية الفلوجة"، كما يروي لـ"
عربي21"، كسار العيساوي، أحد مقاتلي الصحوات.
ويوضح العيساوي أنه "بعد هذه الحادثة، بدأت صحوات عامرية الفلوجة، والحشد الشعبي، تتدارس خيارين اثنين، إما أن يقوموا بإخلاء المدينة من أهلها، أو القتال حتى النهاية، بعد أن أدركوا أن تنظيم الدولة عازم على الدخول إلى المدينة بأي ثمن نظرا لأهميتها في الدفاع عن الفلوجة، وتأمين طرق الإمدادات إلى أبي غريب، كأحد أهم بوابات الدخول إلى بغداد".
وغير بعيد عن عامرية الفلوجة واستراتيجيات تنظيم الدولة، يسعى التنظيم للسيطرة على معسكر المزرعة، إلى الشرق من الفلوجة، لتحقيق عدة أهداف، يذكر منها المحلل المقرب من تنظيم الدولة، محمد الأنباري، المقيم في الفلوجة، "تجنيب السكان المدنيين في الفلوجة والكرمة مخاطر القصف البري بالمدفعية الثقيلة، وراجمات الصواريخ التي تنطلق من معسكر المزرعة، ومن زاوية أخرى، يعد المعسكر عقبة مكملة لعقبة عامرية الفلوجة في الوصول إلى ضواحي بغداد الغربية".
وحول ما تداولته بعض الأوساط السياسية، والإعلامية، عن نية تشكيل جيش خاص بالعشائر السنية من أبناء العشائر من غير المنتمين للتنظيم، يرد محمد الأنباري قائلا، في حديث لـ"
عربي21": "الجميع هنا يقاتل تحت الراية السوداء، وسياسة التنظيم لا تسمح بأي تشكيل مسلح على الأراضي الواقعة تحت سيطرته، ومن يريد القتال دفاعا عن سنة العراق، سيقاتل تحت راية التنظيم، أو سيرغم على إلقاء سلاحه".
وأضاف: "الوحدة هي سرّ قوّة التنظيم، أمّا تعدد الرايات والجماعات، كما هو الحال في سوريا، فهو لن يتسبب إلا بالضعف، والفرقة والتشتت" حسب تعبيره.
ويختم الأنباري قائلا: "من يفكر بالقيام بأي أمر من شأنه شق الصف، عليه أن يراجع نفسه طويلا، فليس من مصلحة للسنة في هذا، ناهيك عن حرمته شرعا، ورد فعل التنظيم إزاءه"، على حدّ قوله.