لم يعد استغلال أي نقد يوجه لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي في ملاحقة صاحبه قضائيا يقف عند معارضي السيسي، إذ إن دعويان قضائيتان تلاحقان كلا من: رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام (لسان حال النظام) أحمد السيد النجار، ورئيس تحريرها السابق عبدالناصر سلامة، بتهمة الإساءة للسيسي.
رافع الدعويين شخص واحد هو المحامي الموالي للسيسي، سمير صبري، الذي أقام دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري، ضد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس المجلس الأعلى للصحافة، يطالب فيها بإقالة النجار من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام.
واستند صبري في دعواه إلى أن ما ينشر بجريدة الأهرام يحمل تحريضا سافرا ضد الدولة، ومؤسساتها المختلفة، متهما النجار بأنه يرى أن النظام الحالي يعبر عن حقبة مبارك، وتطلعات رجال أعماله، وأنه يصدر القوانين القمعية، ويعتقل الثوار، ويأتي بالفاسدين على رأس السلطة.
واستشهد بما كتبه النجار على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، معلقا على قرار السيسي بتعيين أحمد الزند وزيرا للعدل، إذ إنه كتب حرفيا: "استقال الوزير أو أقيل بسبب رفض تصريحات عن حرمان أبناء عمال النظافة من الالتحاق بالقضاء.. هل يعقل أن يحل محله من هو أكثر تطرفا منه في هذا الجانب، وصاحب مقولة "الزحف المقدس" لأبناء القضاة أي "التوريث بغض النظر عن التفوق؟".
وأضافت الدعوى أن "هذه الجريدة العريقة وقعت في أخطاء جسيمة منذ تولى رئاسة مجلس إدارتها النجار، ومنها كمثال: ما نشر بالقول: كما تنظر محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار معتز خفاجي محاكمة 21 متهما من أعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك المعروفة بالوايت نايتس حيث تزعم نيابة الانقلاب..".
وأضاف صبري: "هذا الخبر مر على الطبعتين الأولى والثانية دون أي تعديل".
وقالت الدعوى: "كذلك بدأت تظهر الأخطاء المهنية الجسيمة التي صدرت عن جريدة الأهرام التي يرأس مجلس إدارتها النجار، أثناء زيارة الرئيس السيسي لألمانيا، وهو التقرير الذي أسفر عن توبيخ مباشر لإدارة تحرير الجريدة من قبل الرئاسة، وعلى الفور أحالت الجريدة المسؤولين عن نشر الخبر للتحقيق".
وتابعت الدعوى: "ثم نشرت الأهرام صورة لعدد من المتظاهرين يحملون لافتة مكتوب عليها (اصحى يا شعب.. السيسي أداك الخازوق)، مصحوبة بتعليق يقول: مظاهرات عدة تخرج رفضا للانقلاب العسكري الدموي الذي حصد أرواح آلاف
المصريين".
وأشار المحامي سمير صبري إلى أن موقع جريدة "الأهرام" حذف الصورة تماما من على بوابته الإلكترونية، ولكن بعد أن تم حفظها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الصحف المصرية والعربية، وفق قوله.
وأضاف: "ثم كانت الفضيحة المدوية التي وقعت فيها جريدة الأهرام الموقرة تحت الإدارة الفاشلة للنجار حيث نشرت صورا تظهر شعارات (ارحل يا سيسي)، ضمن تغطيتها للعيد، وتحضير كعك العيد في نسختها الورقية، وعلى الموقع الإلكتروني أيضا".
وأتى نشر الصورة في إطار ملف عن "العيد من المحيط للخليج"، وتقرير تحت عنوان "كعك العجمية وعين الجمل والملبن.. صنعة منزلية"، ومكتوب بالعجين: "ارحل يا cc"، بينما ترجع الصورة إلى احتفالات المعتصمين في ميدان رابعة العدوية بالعيد، بحسب الدعوى.
وأكد صبري أن "إدارة النجار الفاشلة لهذه المؤسسة العريقة سوف تعصف بها وبتاريخها، وستجعل منها أضحوكة للعالم كله، بل وتسيء إلى الدولة المصرية: شعبا وقيادة وحكومة، وقد تكررت هذه الأخطاء مرارا، وتكرارا، ولم يتم تداركها، أو أخذ عبرة منها".
واستطرد: "عاصرت جريدة الأهرام العريقة ثلاثة قرون، إلى أن تولى إدارتها النجار، وتعد هذه الإدارة فاشلة بكل المعايير، وإذا استمرت فسوف تؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بها، وإلى تراجعها إلى الصفوف الخلفية، لينهار بذلك ماضي هذه الجريدة العريقة انهيارا مدويا".
واختتم الدعوى بقوله: "ألتمس الحكم بإقالة النجار من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان".
وبلاغ ضد رئيس التحرير السابق
وتقدم المحامي نفسه (سمير صبري) ببلاغ لنيابة أمن الدولة العليا ضد رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق، عبد الناصر سلامة، على سند من القول: "منذ تولى محمد مرسي الحكم بدأ عبد الناصر سلامة، الإخواني الانتماء، يجد ويلمع في مرسي، وزاد ذلك بعد أن أصدر مجلس شوري الإخوان قرارا بتعيينه رئيسا لتحرير جريدة الأهرام العريقة، وبدأ يصف محمد مرسي بأوصاف ثبت أنها أوصاف كاذبة".
وأضافت الدعوى: "بتاريخ 18 يوليو 2015 عاد عبد الناصر سلامة ليطل بوجهه الإخواني القبيح ليسطر بمداد أسود مليء بالغل والحقد والكراهية: كوابيس رابعة تهدد نظام السيسي".
وأشار صبري إلى أنه جاء بالمقال قول سلامة: "لو كان للمستشار هشام بركات رأي في الموضوع، لكان قد رفض قرار مجلس الوزراء باستبدال اسم ميدان رابعة العدوية باسمه، لأنه سوف يدرك مبكرا أن القرار ينم عن فراغ الأدمغة، وضحالة الفكر، وهشاشة الرؤية، وقد تم إقحام اسم الرجل تاريخيا في لغط هو في غنى عنه، ولو أرادت الدولة تكريمه، لكانت قد وجدت الكثير من صور التكريم الأخرى التي تليق به، إلا أنه خلط الأوراق ليس أكثر، وكأن السيدة رابعة العدوية كانت تتصدر القوائم الانتخابية لجماعة الإخوان مثلا، فأراد ضعاف النفوس الانتقام منها، أو التنكيل بها".
وبعدما أورد صبري نص مقال سلامة كاملا، قال في دعواه: "ثبت من ذلك دفاع المبلغ ضده عن إشارة رابعة الإخوانية الإرهابية، مروجا لها، واستمر في استفزاز المصريين والتطاول والسخرية من أجهزة الدولة، مما يحق معه للمبلغ التقدم بهذا البلاغ ملتمسا إصدار الأمر بالتحقيق فيما ورد به، وتقديم المبلغ ضده للمحاكمة الجنائية".
ورأى مراقبون في تحريك هذين البلاغين ضد النجار وسلامة بهدف إرسال "قرصة أذن" من سلطات الانقلاب، وإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، التي باتت تهيمن على السياسات التحريرية للصحف المصرية، بعدم الخروج عن الخط المرسوم لها في عدم توجيه أي نقد إلى السيسي، أو حكومته، منعا لإثارة البلبلة، باستغلال المكانة المعنوية لكل منهما، باعتبار أحدهما رئيس مجلس الإدارة الحالي لـ"الأهرام"، والثاني رئيس تحريرها السابق، على الرغم من أن كليهما من مناهضي جماعة الإخوان المسلمين، وداعمي انقلاب السيسي.
7 انتهاكات صحفية في يوم واحد
في سياق متصل، وثق مرصد "صحفيون ضد التعذيب" سبعة انتهاكات متفرقة في مختلف الأنحاء، ومناسبات العمل الصحفي، خلال يوم واحد هو الثلاثاء.
فقد وثق المرصد إلقاء القبض على أمين نقابة "الإعلام الإلكتروني"، واستمرار حبس صحفيين آخرين أحدهما محبوس احتياطيا منذ 706 أيام، فيما تم شن حملة إعلامية ضد موقع "مصر العربية" الإخباري، وتسجيل ثلاثة انتهاكات أخرى مرتبطة بمباراة ناديي الأهلي والزمالك.
وقال المرصد إن تلك الانتهاكات الممنهجة والمتتالية بلا توقف جاءت وسط أجواء من الترهيب، واستهداف المؤسسات والكيانات الصحفية والإعلامية ذاتها، حتى وصلت إلى حد الملاحقة الأمنية والقضائية لثلاثة من رؤساء تحرير مؤسسات صحفية، بينها جرائد واسعة الانتشار، خلال الشهور الثلاثة الماضية، هي: "الوطن"، و"اليوم السابع"، و"البيان".
وأشار إلى أن الشهر الحالي شهد جملة من الانتهاكات شبه اليومية على نطاق واسع تضرب بمواد القانون والدستور عرض الحائط، فيما يبدو أنها تستهدف المنظومة الإعلامية بشكل عام من أجل النيل من استقلالها ووضعها تحت رقابة وأعين الدولة والأجهزة الأمنية.