نشرت صحيفة "كريسيتيان ساينس مونيتور" تقريرا لنيكولاس بلانفورد، حول أكوام
النفايات في العاصمة
اللبنانية بيروت، حيث قال إن أكوام القمامة في العاصمة أغرقت السيارات المتوقفة على جانب الشارع، وبدأت تتحلل في الحر الشديد، ما أثار مظاهرات واحتجاجات السكان ضد الحكومة التي فشلت في معالجة الأزمة.
ويجد التقرير أن هذا لا يعني أن لبنان ليس لديه مشكلات أخرى، فقد فشل البرلمان بعد 26 محاولة من انتخاب رئيس للبلاد منذ نيسان/ أبريل 2014. وتم تأجيل الانتخابات البرلمانية مرتين، بالإضافة إلى أن الحكومة مشلولة، وقد بدأت الحرب في الجارة سوريا تمتد إلى لبنان، علي شكل تفجيرات انتحارية وهجمات صاروخية، وأصبح لبنان أكثر البلدان استقبالا للاجئين في العالم بالنسبة لعدد سكانه، وبحسب الإحصاء الرسمي فقد وصل عدد اللاجئين السوريين إلى 1.1 مليون لاجئ. هذا عدا عن المشكلات الدائمة للبنانيين من انقطاع الكهرباء، وأغلى وأبطأ خدمة إنترنت في العالم.
وتنقل الصحيفة عن السباك عدنان عبد النور، الذي يتحدث بلسان الكثير، قوله بينما كان يرمي كيسين من القمامة في شارع ضيق كادت القمامة تغلقه: "حكومتنا عديمة الفائدة، وكلهم لصوص وكذابون، ولا يهتمون بالناس، ولكن فقط بسرقة أموالهم".
ويرى بلانفورد أن الطبيعة المعقدة لنظام المحاصصة الطائفية هي التي مكّنت لبنان من البقاء خلال سلسلة أزمات كانت كفيلة بتقويض بلدان عديدة أخرى، مشيرا إلى أن مشكلة اللاجئين السوريين وحدها تساوي انتقال الشعب الإيراني كله إلى أمريكا على مدى أربعة أعوام.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أستاذ العلوم السياسية المشارك في الجامعة الأمريكية البروفيسور باسل صلوخ، قوله: "يبدو أن
النظام الطائفي أقوى بكثير من الأنظمة العربية الديكتاتورية، وهو النظام الوحيد الذي لم يتأثر بالربيع العربي".
ويستدرك صلوخ بأن النظام الطائفي ليس شيئا يحتفى به، ويحمل تكاليف باهظة تشكل "إدانة للبلد" و"لقسوة النخبة السياسية والاقتصادية"، فالنظام "مبني على الأزمة، وإلا فإن هناك حاجة لتعديلات جذرية ستؤدي إلى عنف، لا أحد يريد أن يتورط به في هذه المرحلة"، بحسب الصحيفة.
وتبين الصحيفة أن أزمة النفايات بدأت في 17 تموز/ يوليو الحالي، بإغلاق مدفن النفايات في منطقة النعامة على بعد 9 أميال من بيروت. وكان هذا المدفن قد افتتح عام 1998، وكان من المفروض أن يكون مؤقتا، بينما وجدت فيه الحكومة حلا طويل الأمد لإدارة النفايات.
ويشير الكاتب إلى أنه لم يتم إيجاد حل بديل، وانتهى الأمر بالموقع، الذي كان من المفترض أن يستوعب مليوني طن، بأن يلقى فيه 15 مليون طن. وبعد إغلاق الموقع بيومين توقفت شركة "سوكلين" المتعاقدة مع الحكومة منذ عام 1994، للتعامل مع النفايات الصلبة في بيروت وما حولها، عن جمع القمامة؛ بحجة أن لا مكب لديها.
ويفيد التقرير بأن منتقدي "سوكلين" يتهمونها بأنها تبتز الحكومة لتحصل على عقود مربحة جديدة لإزالة القمامة. وبحسب "سويبنت"، وهي شبكة إدارة نفايات إقليمية، فإن تكلفة إزالة طن من النفايات في بيروت يقدر بـ 130 دولارا، وفي عمان 40 دولارا، وفي مصر 18 دولارا.
وتورد الصحيفة أن زعيم حزب الكتائب سامي جميل قال: "هناك مافيا تستغل ملف النفايات، وتحصل على الأرباح على حساب اللبنانيين".
ويلفت بلانفورد إلى أن كميات القمامة المتجمعة في شوارع المدينة قد قدرت بـ 22 ألف طن، بحسب وزير
البيئة محمد المشنوق. وارتفعت أكوام القمامة، وزادت رائحتها الكريهة، وازداد غضب الناس، وبدأ الناس بإشعال النار في القمامة. وقد أدت تقارير ذكرت أن هناك اتفاقا على مكب آخر للنفايات في إقليم عكار الفقير، إلى قيام الناس هناك بإغلاق الشوارع احتجاجا.
وينقل التقرير عن ممثل المنطقة في البرلمان هادي حبيش، قوله: "لا يكفي إقليم عكار ما يعانيه من الإهمال، بل إنهم يسعون الآن إلى تحويله إلى مكب للنفايات بدلا من السماح له بالازدهار مثل بقية الأقاليم".
وتذكر الصحيفة أن اجتماع الحكومة اللبنانية يوم الخميس، الذي سادته المشاحنات حول تعيين المسؤولين الأمنيين الكبار، وبينهم قائد الجيش اللبناني، قد زاد من غضب اللبنانيين؛ كون الحكومة تحاول اتخاذ مثل هذه القرارات في غياب رئيس للبلاد.
وينوه الكاتب إلى أنه بحسب الدستور اللبناني، فإن سلطات الرئيس تتحول إلى رئيس الوزراء إن لم ينتخب الرئيس. وقد طالب التيار الوطني الحر وحزب الله بأن تتم الموافقة على تلك القرارات من الوزراء جميعهم. ورفض رئيس الوزراء تمام سلام ذلك المطلب، مصرحا بأن ذلك يعني شل الحكومة. وتركت أزمة القمامة، وهي القضية الأكثر إلحاحا، إلى آخر الاجتماع، حيث قرر الوزراء إرجاء النقاش فيها إلى يوم الثلاثاء.
ويشير التقرير إلى أن وزير البيئة المشنوق قد وعد المتظاهرين، الذين تجمعوا أمام البرلمان في وسط بيروت، بأن تبدأ شاحنات "سوكلين" بنقل القمامة من بيروت في اليوم التالي. وقال في تصريح له: "هذه عملية حساسة، ونأمل أن يتم تطبيقها، بالرغم من الجو السياسي المتوتر".
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن المحتجين قاموا يوم الأحد بإغلاق الطريق السريع جنوب بيروت؛ لمنع الشاحنات من تفريغ حمولتها من القمامة في إقليم الخروب، ما يشكك بوعود تنظيف الشوارع.