أبدى كاتب مصري علماني شكوكه حول صحة ما ينشر حول
تنظيم الدولة الإسلامية، مؤكدا أنه بات ينصرف عن الأخبار "السيئة" التي تتناول "داعش"، نظرا لشعوره بأنها قائمة على "أكذوبة كبرى".
وقال المفكر المصري جلال أمين، إنه لم يعد يتابع تفاصيل ما ينشر من أخبار بشأن "داعش" وأمثالها، بل يقلب الصفحة بسرعة، إذا شعر بأن الجريدة تنشر صورا لضحاياها، أو للآثار التي دمرتها، إلى جانب ذكر عدد القتلى والضحايا، لأنه لم يعد يجد أي فائدة في متابعة هذه الأخبار، لما أصبح يشعر به من أنها كلها قائمة على أكذوبة كبرى.
وتساءل -في مقال بعنوان: "خواطر شخصية جدا حول داعش"، بجريدة، "الشروق"، الثلاثاء "مضى على سماعنا بحركة "داعش" عدة سنوات، فلماذا لم نسمع خلال هذه السنوات عن شيء طيب واحد قاموا به؟".
وقال: "خطر لى أيضا التساؤل عن سبب غرابة هذا الاسم (داعش) وإطلاقه على حركة تصف نفسها بالإسلامية، وبدأت فى بلاد عريقة فى عروبتها وحسن استخدامها للغة العربية. إن العرب لم يبتدعوا، فيما أظن، عادة استخدام الحروف الأولى، بل مازالت هذه العادة تبدو غريبة على الأذن العربية التى تجيد التمييز بين الوقع الحسن للألفاظ وبين الوقع الخشن والغليظ مثلما نجد فى لفظ (داعش)".
وأضاف: "لابد أن في الأمر أكذوبة كبرى، يتعلق بتلك الظاهرة الفظيعة المسماة "داعش".
وتساءل أمين عن جدوى الاشتراك في الصخب الهائل من الكتابات والتعليقات على هذه الظاهرة، "التي تثير الأسى والفزع في نفوسنا كل صباح، دون أن يترتب عليه أي أثر في القضاء على هذه الآفة، أو وقف نموها، وانتشارها، بل ولا يسهم حتى في فهمها".
وتابع: "لم نسمع إلا عن جرائم وفظائع من قتل وتدمير وتشريد وانتهاك أعراض.. فهل يمكن أن يوجد في القرن الواحد والعشرين أحد يفهم أهداف الخلافة الإسلامية على هذا النحو البائس؟".
واستطرد: "لا أقصد أن أعمال
القتل الوحشي والتدمير الجنوني للآثار التاريخية، وتخريب المدن والقرى، وتشريد مئات الألوف من الأبرياء، لم تحدث بالفعل، بل أقصد أن الدوافع التي يزعم أنها وراء ارتكاب هذه الأعمال لا يمكن أن تكون هى الدوافع الحقيقية، وأن تزايد المتوافدين للانضمام لهذه الحركة، من مختلف البلاد، غنية وفقيرة، لا يعود إلى مجرد الاقتناع بأفكارها، أو بقوة الحمية الدينية، أو بالحماس لإقامة شيء اسمه "الخلافة الإسلامية".
وواصل تساؤلاته: إذا كان هؤلاء العاملون على إقامة هذه الخلافة قد قرروا مخاصمة العالم الحديث مخاصمة تامة، سواء فيما يتعلق بمركز المرأة مثلا، أو بالتنظيم الاقتصادي أو التشريع الجنائي...إلخ، فلماذا نسمع أن هؤلاء الناس أنفسهم يستخدمون أسلحة حديثة ومتطورة جدا، من إنتاج هذا العالم الحديث، ويمولون عملياتهم الحربية عن طريق السحب من بنوك تطبق أحدث النظم المصرفية، ويعتمدون اعتمادا كبيرا في إثارة مشاعر الناس، سواء بغرض تعبئة منضمين جدد، أو تخويف من لا يتفق معهم، على أحدث أساليب الدعاية والإعلام، بل يكاد يكون من غير المتصور أن تستمر هذه الحركة في ارتكاب جرائمها لولا استمرار نشر أخبار وصور هذه الجرائم على أوسع نطاق في وسائل الإعلام؟
ومضى الكاتب العلماني في تساؤلاته: لماذا تزامن ظهور حركة لإقامة الخلافة الإسلامية في العراق وسوريا، وامتداد أفعالها وجرائهما إلى بلاد أخرى، مع قيام حركات "الربيع العربى"؟.
وتابع: هل وجد دعاة (داعش) الوقت ملائما تماما لتحقيق مبادئهم، وأن الناس أصبحوا أكثر استعدادا لقبول دعوتهم بعد ثورات الربيع العربى مما كانوا قبلها؟
وأجاب الكاتب المصري عن هذه التساؤلات بالقول: "لا يمكن قبول هذه الفكرة أيضا، إذ أن ثورات الربيع العربى قد تطورت إلى حدوث فوضى في بلد عربي بعد آخر. فهل تناسب هذه الفوضى قيام دعوة جديدة للخلافة الإسلامية تتوحد بها الدول، أم هي أنسب لتجزئة هذه الدول إلى دويلات أصغر؟".
و"جلال أمين" كاتب ومفكر مصري، وأستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة الأمريكية، ومعروف عنه أنه علماني، ويدافع في كل كتاباته عن العلمانية كمنهج حياة، ويرى أنها الأصلح للتطبيق في المجتمعات العربية، والإسلامية، وما فتيء يعارض التيار الإسلامي، منتقصا منه، ورافضا فكرة "الخلافة الإسلامية"، والدعوة إليها.
ومن أشهر مؤلفاته: "شخصيات لها تاريخ"، و"ماذا حدث للمصريين"؟ و"عصر التشهير بالعرب والمسلمين"، و"عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر".