أكدت الكاتبة الإسرائيلية إليزابيت تسوركوف، أن الأسد غير مستعد لقبول أي إمكانية تؤدي إلى إبعاده عن الحكم أو تمس بشرعيته كحاكم لسوريا. لذلك فإنه مصمم على أن يسير بأبناء طائفته حتى النهاية المريرة.
وقالت تسوركوف في مقالتها لصحيفة "معاريف" الخميس، إن الجميع شاهد هذا الأسبوع، على شاشة تلفزيون النظام السوري بشار الأسد، يعترف لأول مرة علنا بالمصاعب التي تواجهها قواته في المعارك أمام الثوار.
ونوهت إلى أن الأسد اعترف بأن الجيش السوري يعاني من نقص في القوى البشرية، وعليه فهو غير قادر على الدفاع عن كل أجزاء
سوريا ضد "الإرهابيين"، وذكر الهزائم في ميدان المعركة وظاهرة الفرار والتغيب عن جيش النظام.
ووصفت تسوركوف خطاب اعتراف الأسد بأنه "الأكثر واقعية" منذ بداية الثورة الشعبية السلمية في سوريا في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت بالتدريج إلى حرب أهلية مضرجة بالدماء حصدت حياة ما لا يقل عن ربع مليون نسمة.
وشددت الكاتبة على أن وضع نظام البعث في سوريا أصعب بكثير مما يبدي الأسد استعداده للاعتراف به. فالهزائم في المعارك أمام الثوار السوريين و"داعش" (معظم مقاتليه أجانب) لم تترك في أيدي النظام سوى نحو ربع مساحة سوريا. ومن الأيام الأولى للحرب الأهلية، وبسبب الخوف من نقص ولاء الجنود السوريين السنة، ترك النظام الكثيرين منهم في القواعد، ولهذا فقد عانى من نقص في القوى البشرية. وقد تفاقم هذا النقص بالتدريج بسبب سقوط أو إصابة الجنود في المعركة وبسبب الميل المتعاظم للفرار والتغيب من الخدمة في الجيش النظامي وفي الاحتياط.
ونوهت إلى أن دوافع السنة للامتناع عن الخدمة واضحة، ولكن في أثناء السنة الأخيرة اتسعت ظاهرة التغيب في أوساط قاعدة تأييد النظام – أبناء الأقلية العلوية، طائفة الأسد، والدروز. تغيب وفرار أبناء الأقليات ينبع في الغالب من الخوف من أن يقتلوا في ميدان المعركة، وبسبب عدم الرغبة في التضحية بحياتهم كي يواصل النظام الاحتفاظ بالمعاقل في المحافظات البعيدة. ومن أجل التصدي لهذا التغيب الواسع، فقد بدأ النظام بحملة اعتقالات وتجنيد قسري لصفوف الجيش.
وأشارت إلى أن عدم الرغبة والقدرة على الاعتماد على جنود من مجموعة الأغلبية السنية في سوريا، اضطرت
نظام الأسد وحليفته إيران لتجنيد أبناء الأقليات السوريين، ولا سيما العلويين، إلى صفوف النظام في مليشيات بتمويل إيراني. وإلى جانب هذه المليشيات من السوريين، بعثت إيران إلى ميادين التقتيل في سوريا مليشيات شيعية من لبنان ومن العراق بتمويل منها.
وتابعت بالقول: "ومع سيطرة داعش على أجزاء واسعة في العراق في 2014، عادت المليشيات الشيعية العراقية إلى وطنها لصد تقدم المنظمة الجهادية، وحلت محلها مليشيات جديدة بتمويل إيراني تتشكل من أفغانيين وباكستانيين شيعة كانوا يعيشون في إيران. وهؤلاء المقاتلون في المليشيات الجديدة عديمو الخبرة، ويشكلون بالأساس لحما للمدافع. وهم يجدون صعوبة في تعزيز الهجمات أو حتى خطوط الدفاع ضد الثوار. ولا يتصدى الجيش السوري للثوار بنجاح كبير. بسبب المعنويات المتردية والخبرة القتالية التي تحتاج إلى تحسين والنقص في القوى البشرية، لم ينجح الجيش في احتلال الأراضي في أثناء العام 2015 في الساحات التي قاتل فيها وحده. عمليا، كل إنجازات النظام من السنة الأخيرة في سوريا تعود لحزب الله، الذي طرد الثوار من المناطق الجبلية قرب الحدود مع لبنان".
ولاحظت الكاتبة أن خطاب الأسد لم يعد مؤيديه بشيء سوى "الصمود" والحرب المستمرة التي ستتطلب المزيد من التضحيات. ورفض الأسد رفضا باتا المفاوضات مع الثوار أو مع المعارضة السورية في المنفى.
وأكدت أن خطاب الأسد الأخير يدل على اعتقاده بأنه رغم خسارة النظام في ميدان المعركة، فإن الزمن يلعب في صالحه، دون أمور أخرى بسبب التغيير في موقف الدول الغربية، التي ترى اليوم بأولوية الحرب على داعش وليس إسقاط الأسد.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول، إن الجمهور المستهدف في خطاب الأسد هو قاعدة تأييد النظام، التي تعبت من الحرب ومن الخسائر في صفوفها.. مؤكدة أن مزيدا من الأصوات تنطلق في أوساط أبناء الأقليات حول الاستعداد للمفاوضات مع المعارضة، ودعوات بديلة لسحب قوات النظام إلى أجزاء من سوريا ليعيش فيها أبناء الأقلية ليستطيعوا الدفاع عن أنفسهم فقط في إقليم جديد يمثل "علويستان".