لم تعد ناحية عامرية
الفلوجة ملاذا آمنا يطول فيه مكوث آلاف النازحين
العراقيين من محافظة
الأنبار، الذين قصدوها هرباً بأرواحهم من العمليات العسكرية أو التهديدات الطائفية، بعد أن صعقوا بقرار إعادة ترحيلهم مرة ثانية بأوامر صادرة من حكومة بغداد.
شهود عيان قالوا في حديث لصحيفة "
عربي 21" إن قوة من استخبارات الجيش العراقي، وجهاز مكافحة الإرهاب بدأت بترحيل مئات العائلات النازحة من محافظة الأنبار إلى خارج المدينة، وطالبتهم بإخلاء المدارس والبيوت ورفع مخيمات النزوح، خاصة الخيم القريبة من جسر بزيبز، دون أن توفر أماكن بديلة تأويهم، وغير عابئة بتوقيت الرحيل أو الظروف الإنسانية، وحرارة الجو أو التفكير إلى أين يذهب هؤلاء.
وقال حماد العلياوي (47 عاما ) النازح من حي التأميم بالرمادي لـ "
عربي 21" إن عناصر الأمن العراقية تجولت في أحياء المدينة، وقامت بحملة تفتيش دقيقة للمخيمات، وأبلغت العائلات التي هجّرت من محافظة الأنبار بمغادرة عامرية الفلوجة خلال مدة أقصاها أسبوع، كما حذرتهم أن من يخالف هذا القرار سيتعرض للمساءلة القانونية.
مضيفا: "اعتقلت القوات أكثر من 200 نازح بذريعة صلتهم بتنظيم الدولة الإسلامية، واستخدمت ألفاظا بذيئة أثناء عمليات الاعتقال التي نفذتها".
وشكا العلياوي، من عملية التهجير الجديدة بحق النازحين، والتي تسببت بضرر مادي وإنساني كبير يفوق قدرتهم على تحملها، موضحا أن أعدادا من النازحين الذين دخلوا العامرية استطاعوا التكيف مع وضع النزوح، وفتحوا مشاريع صغيرة عديدة لإعالة أسرهم، ودفع إيجاراتهم الشهرية، لكن هذا القرار سيضر بهم ويعيدهم إلى نقطة الصفر.
أبو سلمان، أحد النازحين إلى قرى البوعسى في الفلوجة من ناحية بروانة التابعة لحديثة، قال إن "هذا القرار مجحف ومضر ويخالف كل القيم الإنسانية التي تدعي به الحكومة بمعاملة النازحين بطريقة عادلة، وجاء في ظروف لا تسمح لنا بالهجرة. القوات الأمنية تتبع معنا أساليب غير قانونية، وتمارس علينا ضغوطا قاسية من اعتقال وتهديد بحرق مخيماتنا، واتهامنا بإيواء الإرهابيين لترك عامرية الفلوجة والرحيل".
وأضاف: "آلاف العائلات النازحة وقعت ضحية بين مطرقتي التهجير والهرب من ظلم الأجهزة الأمنية، وملاحقة الميلشيات الناقمة، وحكومة بغداد التي تصدر القرارات ولا تفكر أين تلجأ مئات العائلات بأطفالها ونسائها، وتمنعها من الدخول إلى العاصمة، فالكثير من الأسر تتمنى العودة إلى منازلها بأقرب فرصة، وهذه مسؤولية الحكومة بتطهير المناطق من الإرهاب وإعادة المهجرين".
ودعا أبو سلمان الجهات الأمنية إلى مراجعة قرارها بإبعاد النازحين من عامرية الفلوجة، إلى حين استقرار مناطقهم، متخوفاً من أن تشهد الأيام القادمة حملات اعتقال واسعة تطال الشبان النازحين لإرغام ذويهم على ترك الفلوجة، قائلاً "هذا إن حصل يعني دفعها إلى مصير مجهول، ويدخلنا في نفق مظلم لن نخرج منه بسهولة، ويفاقم من معاناتنا الإنسانية، فضلا عن أن توقيت قرار الترحيل جاء متزامناً مع الصيف اللاهب في العراق، وخصوصا هذه المناطق الصحراوية، التي تصل فيها درجة الحرارة ليلاً إلى خمسة وأربعين درجة مئوية".
إلى ذلك، قال ضابط في استخبارات الجيش، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص لـ"
عربي21" إنه أشرف على حملة الاعتقالات الأخيرة ضد النازحين، وأن قرار ترحيل العائلات النازحة جاء بعد ورود معلومات تفيد بوجود خلايا نائمة، داخل المخيمات، استغلت قضية النازحين واستأجرت عددا كبيرا من الدور، تخطط لشن هجمات إرهابية داخل عامرية الفلوجة وبغداد وبابل وكربلاء، واعتبر أن قرار ترحيل بعض النازحين، هو إجراء احترازي للتقليل من احتمال تسلل عناصر مسلحة بين المدنيين إلى الفلوجة، مؤكدا أن "عملية إبلاغ النازحين للرحيل، جرت قبل شهر من الآن كي يرتبوا أوضاعهم ويستعدوا للرحيل دون مشاكل واحتكاك مع الأجهزة الأمنية، الموضوع برمته كان بعلم مجلس محافظة الأنبار".