استخدمت سلطات
الاحتلال الثلاثاء للمرة الأولى سلاح الاعتقال الإداري ضد يهودي متطرف، وذلك بعد أربعة أيام على مقتل رضيع
فلسطيني حرقا في هجوم استهدف منزله في شمال الضفة الغربية المحتلة، ويشتبه بوقوف مستوطنين متطرفين خلفه.
وبالموازاة، مددت محكمة
إسرائيلية الثلاثاء اعتقال زعيم مجموعة يهودية متطرفة، بينما اعتقلت قوات الأمن يهوديا متطرفا ثانيا.
ويرى مراقبون أن دولة الاحتلال تحاول من خلال ذلك إظهار نفسها على أنها "دولة قانون"، في وقت تتهم فيه دوليا وعالميا بارتكاب جرائم حرب أثناء حربها مع غزة، وتخشى به من عزلة دولية، ومحاكم جنائية قانونية، جراء استمرار سياسة الاستيطان في الضفة الغربية، والحصار في قطاع غزة.
في سياق آخر، يرى مراقبون أن المتطرفين اليهود، الذين نشؤوا في المستوطنات الإسرائيلية، يشكلون خطرا داخليا مباشرا على المجتمع اليهودي، في حوادث كان آخرها مهاجمة متطرف يهودي لمظاهرة للشواذ اليهود، ما أدى لمقتل مراهقة كانت مشاركة فيها، ويعدّ من أبرزها اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على يد متطرف يهودي.
اعتقال إداري
ومساء الثلاثاء، وقع وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون أول أمر باعتقال إداري بحق مستوطن يدعى مردخاي ماير، وهو مستوطن إسرائيلي اعتقل في اليوم ذاته بسبب "ضلوعه في أنشطة عنيفة وهجمات إرهابية وقعت في الآونة الأخيرة"، كما أعلنت وزارة الدفاع في بيان.
ولم يوضح البيان ما إذا كان هذا المستوطن الذي يقطن في مستوطنة معاليه أدوميم على صلة مباشرة بالهجوم على منزل الدوابشة.
وبحسب القانون الإسرائيلي الموروث من الانتداب البريطاني، يمكن اعتقال مشتبه به لستة أشهر دون توجيه تهمة إليه بموجب اعتقال إداري قابل للتجديد لفترة غير محددة زمنيا من جانب السلطات العسكرية.
وهي المرة الأولى منذ سنوات عديدة يصدر فيها أمر اعتقال إداري بحق مستوطن، بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة، إذ إن تطبيق الاعتقال الإداري كان محصورا بالفلسطينيين.
وكانت الحكومة سمحت الأحد بتطبيق الاعتقال الإداري بحق متطرفين يهود.
وبعد أن وصف الهجوم على منزل دوابشة بالعمل "الإرهابي"، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء توعده اليهود المتطرفين بتطبيق القانون بصرامة، بما في ذلك عبر إخضاعهم للاعتقال الإداري، قائلا إن "سياستنا هي عدم التسامح مطلقا مع الإرهاب أيا كان مصدره".
وبحسب القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، فإن المدعي العام الإسرائيلي وافق مساء السبت على وضع ثلاثة يهود متطرفين قيد الاعتقال الإداري، دون أن تكشف عن هويتهم، ولكن هذه الموافقة لا تزال بحاجة لتوقيع وزير الدفاع عليها كي تصبح سارية.
تمديد اعتقال مئير إيتنغر
وفي شمال الأراضي المحتلة، قررت محكمة الناصرة تمديد اعتقال زعيم مجموعة يهودية متطرفة حتى الأحد، يدعى مئير إتينغر (23 عاما)، وقد اعتقل الاثنين، وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن إتينغر "أصبح في السنوات الأخيرة الهدف الأول" للقسم المكلف بمراقبة المتطرفين اليهود في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشين بيت".
وجلس إتينغر مرتاحا وقد ارتدى قلنسوة ولم تقيد يداه، ووقف في قفص الاتهام بين رجلي أمن، واكتفى بالابتسام، ردا على الأسئلة التي كان الصحافيون يطرحونها عليه قبل إخراجهم من القاعة، لأن المحاكمة مغلقة.
وأكد محاميه يوفال زيمير أمام الصحافيين بعد المحكمة، "كل هذا ذر للرماد في العيون، لا يوجد أي شيء في الملف"، ولم يدل المحامي بأي تفاصيل حول أسباب اعتقال موكله الاثنين، بعد أمر تعتيم من السلطات الإسرائيلية.
وبحسب المحامي، فإن موكله اعتقل "لأنشطة إجرامية (مزعومة) في الماضي".
وكان متحدث باسم جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الشين بيت صرح، الاثنين، لوكالة فرانس برس بأنه "تم اعتقال مئير اتينغر في صفد (شمال الأراضي المحتلة)؛ بسبب أنشطته داخل منظمة يهودية متطرفة".
ولم تقل الشرطة ولا الشين بيت ما إذا كان اتينغر مشبوها بالتورط مباشرة في مقتل الرضيع الفلسطيني.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه يشتبه خصوصا بأنه تزعم مجموعة مسؤولة عن إحراق كنيسة الخبز والسمك قرب بحيرة طبرية في 18 حزيران/ يونيو الفائت، بالإضافة إلى سلسلة من الهجمات ضد الفلسطينيين في عام 2014.
ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر استخباراتية أن هدف هذه الهجمات حشد الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي نهاية المطاف، التسبب بإسقاط حكومة إسرائيل.
ومئير إتينغر هو حفيد الحاخام مئير كاهانا الذي أسس حركة كاخ العنصرية المناهضة للعرب، الذي اغتيل العام 1990.
وفي بداية العام، منع من الإقامة لعام في الضفة الغربية والقدس "بسبب أنشطته"، وفق ما أوضح متحدث باسم الشين بيت.
وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية تعرف باسم "دفع الثمن"، وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعدّونها معادية للاستيطان.
وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية، وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية، وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادرا ما يتم توقيف الجناة.
وكتبت صحيفة إسرائيل هيوم المقربة من نتنياهو أن اعتقال إتينغر يظهر أن السلطات الإسرائيلية "قررت عدم التعامل بحذر" مع المتطرفين اليهود، معتبرة أن اعتقال إتينغر قد يؤدي إلى "هز الشجرة أملا في إسقاط بعض الثمر"، في إشارة إلى الحصول على معلومات قد تقود إلى منفذي الهجوم في قرية دوما، وإحباط أي هجمات في المستقبل.