اتهمت
منظمة العفو الدولية الأربعاء، قوات النظام السوري بارتكاب "
جرائم حرب" ضد المدنيين المحاصرين في منطقة الغوطة الشرقية لدمشق، محذرة من أن استمرار القصف والغارات الجوية يفاقم معاناة السكان.
وحمّلت المنظمة فصائل مقاتلة في الغوطة الشرقية، مسؤولية ارتكاب عدد من التجاوزات، داعية مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على جميع أطراف النزاع المسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب في
سوريا.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير جديد أصدرته الأربعاء، بعنوان "تُركوا للموت تحت الحصار: جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في الغوطة الشرقية"، إن "حصار الحكومة السورية للغوطة الشرقية والقتل غير القانوني لمدنييها المحاصرين، الذي يجري كجزء من هجوم واسع النطاق، فضلا عن كونه هجوما منهجيا على سكان مدنيين، يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية".
وتفرض قوات النظام منذ نحو عامين حصارا خانقا على الغوطة الشرقية التي يعاني سكانها من نقص حاد في الحاجات الأساسية، وتتعرض المنطقة باستمرار لقصف جوي ومدفعي من قبل قوات النظام.
ووثقت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا، تنفيذ "قوات الحكومة السورية بين كانون الثاني/ يناير وحزيران/ يونيو، ما لا يقل عن ستين غارة جوية على الغوطة الشرقية، ما أسفر عن مقتل نحو 500 مدني".
وقال سعيد بومدوحة، القائم بأعمال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو: "إن توقيت ومكان هذه الهجمات يبدو منسقا بصورة متعمدة لتحقيق أقصى قدر من الضرر أو سقوط ضحايا من المدنيين، في محاولة بشعة من جانب قوات الحكومة السورية لترويع السكان".
وأضاف أنه "من خلال قصفها مرارا مناطق مكتظة بالسكان في سلسلة من الهجمات المباشرة والعشوائية وغير المتناسبة، فضلا عن الحصار غير القانوني للمدنيين، فقد قامت قوات الحكومة السورية بارتكاب جرائم حرب وأظهرت قسوة لا حدود لها تجاه المدنيين في الغوطة الشرقية".
ويكشف التقرير أن "الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وخصوصا جيش الإسلام، مذنبة في مجموعة من التجاوزات، بما فيها عمليات خطف واحتجاز تعسفي وقصف عشوائي".
ويقول إن "استخدامها للأسلحة غير الدقيقة مثل مدافع الهاون وصواريخ غراد في المناطق المأهولة بالسكان يصل إلى مستوى جرائم حرب".
ويعد "جيش الإسلام" أبرز فصيل إسلامي مقاتل في ريف دمشق، ويتحصن تحديدا في منطقة الغوطة الشرقية حيث يقاتل قوات النظام مع فصائل أخرى.
وشدد بومدوحة على أن "الانتهاكات الواسعة النطاق من جانب الحكومة السورية لا تبرر السلوك المروع لجيش الإسلام، الذي يشن الهجمات العشوائية أيضا، ولم يوفر الحماية للمدنيين وحرمهم من الحصول على الغذاء أو الرعاية الطبية".
وقال إن المدنيين إزاء هذا الواقع "عالقون في الغوطة الشرقية بين طرفين معاديين يتنافسان للحصول على مكاسب خاصة بهما".
وبحسب المنظمة، فإنه يعيش أكثر من 163 ألف شخص "صراعا أليما من أجل البقاء" في ظل الحصار، وباتت الحياة اليومية للعديد من سكان الغوطة الشرقية "تجربة متواصلة من المشقة والمعاناة"، وفق بومدوحة.
وتستخدم القوات الحكومية وفق التقرير "التجويع كسلاح في الحرب في انتهاك صارخ للقانون الدولي"، معتبرا أن "حجب المواد الغذائية والإمدادات الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة قسوة بالغة ترقى إلى مرتبة العقاب الجماعي للسكان المدنيين".
ودعت المنظمة مجلس الأمن إلى أن "يفرض على وجه السرعة عقوبات موجهة ضد جميع أطراف النزاع في سوريا المسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فضلا عن فرض حظر على توريد الأسلحة إلى الحكومة السورية".
وشدد على أنه "يتعين على الحكومة السورية ضمان الوصول غير المقيد للجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق إلى البلاد، فضلا عن غيرها من هيئات مراقبة حقوق الإنسان، ومن بينها منظمة العفو الدولية".
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ منتصف آذار/ مارس 2011 بمقتل أكثر من 240 ألف شخص.