أعرب خبيران خليجيان عن توقعاتهما في أن تسهم الجهود الدبلوماسية
السعودية المتواصلة في حلحلة الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية، "بشكل تدريجي"، وخصوصا في ما يتعلق بتمسك
روسيا ببقاء
بشار الأسد على رأس النظام.
وتزايدت في الآونة الأخيرة المباحثات السعودية-الروسية بشأن الأزمة السورية، وزار وزير خارجية المملكة عادل الجبير، موسكو قبل يومين، وذلك بعد نحو أسبوع من لقاء ثلاثي جمعه بنظيريه الروسي سيرغي لافروف، والأمريكي جون كيري، في الدوحة، وتم خلاله أيضا بحث الأزمة السورية.
وجاء اللقاءان بعد زيارة قام بها ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، إلى روسيا، الشهر الماضي، في زيارة التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين.
وحول نتائج تلك الجهود السعودية، ومدى إسهامها في حل الأزمة السورية، لاسيما بعد زيارة الجبير لموسكو، فقد قال الكاتب والخبير السياسي السعودي خالد الدخيل، إن "الأمور تسير باتجاه حل الأزمة، وهناك تفهم متبادل بين موسكو والرياض بشأن ضرورة رحيل بشار الأسد، وإن كانت روسيا لا تتفق معه تماما في هذه اللحظة، فالعقدة بين الجانبين هو الأسد".
وفي رده على سؤال حول نتائج زيارة الجبير لروسيا، ومدى إسهامها في حل تلك الأزمة، أضاف الدخيل: "الجهود الدبلوماسية السعودية ستأخذ وقتا، ولكن أتصور أنه من الممكن للروس مع مرور الوقت الاقتناع بتنحي الأسد، وسيعملون على إقناع
إيران بذلك".
وتابع: "لكن مع سعيهما (طهران وموسكو) لتوفير مخرج للأسد شبيه بمخرج الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، مع أن الرجل مجرم حرب، فالمفترض أن يلقى عليه القبض ويُقدم للمحاكمة".
ودلل الدخيل على إمكانية وجود تغير في الموقف الروسي مع الوقت، بإشارته إلى تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال فيها إنه "لاحظ تغيرا في الموقف الروسي من موضوع بقاء الأسد".
وفي هذا الصدد، استطرد الخبير السياسي بقوله: "يجب أن يقتنع الجميع بأنه لا بد من الدفع بأن الأسد مصدر المشكلة، ومصدر الإرهاب الذي تفشى، وبعد كل ما حصل من مآس وإرهاب ودمار لسوريا، لا يمكن القول بأن بقاءه سيسهم في حل الأزمة التي تشهدها بلاده".
وفي تعليقه على وجود ربط بين زيارة الجبير وزيارة الائتلاف الوطني السوري المعارض، الخميس، إلى موسكو، بناء على دعوة رسمية، للتباحث بشأن آفاق حل الأزمة السورية، قال الدخيل: "هذه ليست أول مرة تدعو فيها روسيا المعارضة، ولكن موسكو بما أنها تقول إنها تريد حلاً سياسيا فإن طرفي الحل هما المعارضة والنظام، هذه رؤية روسيا من الأساس".
واتفق الكاتب و الخبير السياسي القطري، محمد المسفر، مع الدخيل، قائلا: "الموقف الروسي اليوم ليس كما كان قبل سنة، ولا قبل ستة أشهر، ولا يعني هذا أنه تغير تغيرا جوهريا كاملا... وهذه الجهود السعودية هي التي أدت بروسيا إلى تليين مواقفها، وبالتالي تقول إن الدبلوماسية السعودية تأتي أكلها، لكن تدريجيا".
وأضاف المسفر: "الدبلوماسية السعودية نشطة جدا، منذ تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم، في يناير الماضي، وبالتالي فإنه لا بد أن تؤتي أكلها في نهاية المطاف، لكن في ما يجرى في سوريا فإن الوضع في غاية الصعوبة، هناك قوة متشبثة، والمملكة تعمل جاهدة على أن تجد حلولا للخروج بما تبقى سليما هناك، في الوقت الراهن".
وأردف: "روسيا تريد بقاء النظام كما هو قائم بمؤسساته، ويجب أن تتضافر جميع الجهود الدولية، لا سيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لإنجاح الدبلوماسية السعودية النشطة لحل الأزمة السورية".
وفي ما يتعلق بتوقعاته لنتائج زيارة وزير الخارجية السعودي لموسكو، رأى المسفر أن "الموقف السعودي مُعلن، وتحدث به الجبير في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، وأكد أنه لا تغيير على مواقف الرياض حيال الأزمة السورية، وبشار (الأسد) جزء من المشكلة، ولا يمكن أن يكون جزءا من الحل".
وفي هذا الصدد، دعا الخبير القطري، روسيا إلى أن "تعيد وجهة نظرها في هذا الأمر، بما يتماشى مع مطالب الشعب السوري ودول المنطقة".
وفي معرض تعليقه على النتائج المتوقعة لزيارة وفد المعارضة السوري إلى موسكو، اعتبر المسفر أنها "ليست المرة الأولى التي تتواصل فيها المعارضة السورية مع روسيا، ولكن زيارة الائتلاف في ظل النشاط الدبلوماسي السعودي المكثف، يمكن أن يصب في نفس الجهود، ويسهم في زيادة ضغط على صانع القرار في موسكو، لتغيير النظام السوري بكل أركانه وليس فقط بشار الأسد".
وكان الجبير شدد في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، في موسكو، أمس الأول الثلاثاء، على موقف بلاده من نظام الأسد، وقال: "لا يمكن أن نتحاور، أو نتعاون، أو نقبل أن يكون الأسد جزءا من الحل، فهو الذي قتل ما يزيد على 300 ألف من مواطنيه، وشرّد أكثر من 12 مليون سوري، ودمر البنى التحتية في البلاد، وغضّ النظر عن دخول داعش وتغلغله ليستخدمه لاحقا كأداة لجمع التأييد، وكأنه يتصدى للإرهاب".
واستدرك المسؤول السعودي قائلا: "سنواصل العمل والحوار مع الأصدقاء الروس للوصول إلى التوافق على مختلف النقاط، إننا متفقون معهم تماما حيال التصدي للإرهاب ومحاربته، وهناك توافقات بيننا حيال عدد من القضايا الأخرى المهمة".
من جهته، أكد لافروف على موقف بلاده الرافض للحل العسكري في سوريا، معتبرا أن "الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وبأيدي السوريين أنفسهم".